الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

الصديق معنينو: حفظ الله الجزائر

الصديق معنينو: حفظ الله الجزائر الصديق معنينو
يسيطر الجيش الجزائري على الحكم منذ الاستقلال ويتناوب على رئاسة الدولة وكل مفاصلها ضباط من رتب مختلفة.. ويعتبر الجيش الجزائري نفسه وريثا وحيدا لجيش التحرير الوطني» المقاوم للاستعمار وبهذه الصفة منح نفسه «شرعية الانفراد بالسلطة».
العدو الأول
ومع توالي العقود ضعف هذا الادعاء، وتعالت المطالب بجزائر) مدنية وليست عسكرية)، فأصبح لزاما البحث عن شرعية جديدة وجدها العسكر في ضرورة الدفاع عن الوطن من عدو يستهدف الجزائر.... هكذا وفي كل الخطب والكلمات يردد قادة الجزائر، مدنيين وعسكريين أن البلاد مستهدفة وأن الأعداء متربصين بها وأن العدو الأول هو المغرب... من هذا المنطلق ستضع الجزائر استراتيجية من شقين... أولا تسليح الجيش الجزائري ليصبح «القوة الضاربة» في شمال إفريقيا، ثانيا إضعاف المغرب بتطويقه وزعزعة نظامه
صواريخ وغواصات
اختارت الجزائر الاتحاد السوفياستي (ثم) روسيا (لاحقا حليفاً مفضلا للتسليح والتدريب... واعتمدت المدرسة العسكرية السوفياتية كنموذج للتنظيم والتأطير ... خلال العشر سنوات الفارطة انفقت ما يزيد على مائة وعشر مليار دولار لاقتناء مختلف أنواع الأسلحة..... هكذا تمكنت من الحصول على آخر أنواع الطائرات الحربية وشبكات الدفاع الجوي والصواريخ
القريبة والمتوسطة المدى، وآلاف الدبابات والعربات المصفحة وبطاريات المدفعية وترسانة من الأسلحة من بينها عدد هام من السفن الحربية والغواصات القادرة على إطلاق الصواريخ.
المخزن
ولدعم أطروحة «العدو المتربص» تم تجنيد وسائل الإعلام والاستخبارات لإقناع الشعب الجزائري بأن المغرب متآمر يريد «الشر» بالجزائر... ولتبرير هذه التهم يتم في كل مناسبة الادعاء بأن «المخزن» هو المسؤول عن كل مصائب الجزائر... المغرب يُغرقنا بالمخدرات المغرب هو وراء حرائق غابات تيزي أوزو.... المغرب يدعم حركات الإرهاب» على حساب وحدة التراب الجزائري... بل ذهب الهذيان للقول في التلفزة الرسمية... «المغرب بعث جحافل من الجراد لالتهام محاصيل الزراعة وأنه قام بتقديم رشوة إلى حكم مقابلة الجزائر والكاميرون... والقصة معروفة.
بدون تاریخ
ودعما لكل هذه الحملة المتواصلة مست الاتهامات ميادين أخرى وذلك بالقول «إن المغرب يسرق التراث الجزائري المادي واللامادي وكمثال على ذلك الجلباب والقفطان والزليج والأغاني بل قال بعضهم «المروك سرقوا جبل توبقال وأن ابن بطوطة جزائري، وطارق بن زياد جزائري بل حتى محمد بن عبد الكريم الخطابي جزائري».. وتطول لائحة الافتراءات في محاولة لخلق عمق تاريخي...... لا تتوفر عليه الجارة الجزائر...
سياسة الكذب
وفي ذات السياق تنهج القيادة الجزائرية أسلوب الكذب والمغالطة مدعية مثلا أن الجزائر هي أول دولة اعترفت بأمريكا... وأن حي المغاربة في القدس هو حي جزائري ببابه وحائطه لأن الجزائريين في ذلك الزمان كانوا يسمون مغاربة... وأن الجزائر هي من دفعت إلى قيام الثورة الفرنسية... وأن مانديلا تلقى أولى دروسه النضالية وأسلحته من الجزائر.
تصفية الحساب
هكذا بين التسلح المفرط والتهم المتوالية والبحث عن مرجعية تاريخية مفقودة... وسط هذا التشنج يقدم العسكر الجزائري» نفسه كالسد المنيع والمدافع الصلب والقائد الشرعي للجزائر» واستغلالا لهذه المزاعم يحتكر الجنرالات مقاليد الحكم لمزيد من الغنى وتكديس الأموال وسط أجواء غامضة لتصفية الحسابات... لذلك نجد في سجون الجزائر اليوم مئات من الجنرالات وكبار الضباط، في انتظار أن تتغير موازين القوى، ليدخل العسكر الحاكم اليوم إلى الزنازن التي وضعوا فيها خصومهم.
عدو الوحدة
أما الشق الثاني من التوجه الجزائري... فهو إضعاف المغرب ومحاولة تطويقه وزعزعة استقراره.... وأولى هذه المحاولة هي معاداة الوحدة الترابية للمملكة وجعلها قضية الجزائر الأولى وتسخير كافة الإمكانيات لفصل المغرب على صحرائه... لهذه الغاية أنفقت الجزائر مئات الملايير من الدولارات للهجوم المسلح على المغرب في إطار حرب دامت خمس عشرة سنة .....
أمغالا
الفرض الأمر الواقع على المغرب دخلت القوات الجزائرية إلى الصحراء المغربية انطلاقا من سنة 1976، وأقامت قواعد عسكرية واستخباراتية في عدد من المواقع كالمحبس، وبئر كخلو، وتيفاريتي والحوزة والفارسية... غير أن القوات المسلحة الملكية فضحت ما كانت تخفيه الجزائر حين انهزام جيشها في «أمغالا» وتم أسر ما يزيد عن مائة جندي وضابط ... كما انفضح أمرها عندما حوصرت في تيفاريتي ولولا تدخل الرئيس أنور السادات عبر نائبه حسني مبارك لكانت الفضيحة أكبر.
جنود شجعان
وبعد سيطرة القوات المسلحة الملكية على الوضعية العسكرية في أقاليم الجنوب نقلت الجزائر المعارك لى طنطان وأنا وحاصرت الزاك، وهاجمت قوافل التموين المتوجهة في كلميم إلى العيون، واحتمت بجبال الورق زيز... لكن الجدران الربانية وشجاعة الجندي المغربي، ووطنيته انتصرت على كل المؤامرات وتم طرد القوات الجزائرية ومرتزقتها....
القاطرة
على الصعيد الدبلوماسي قادة الخارجية الجزائرية حربا دبلوماسيا» تنفيذا لأوامر هواري بومدين حين خاطب بوتفليقة قائلا: «الملف الأول هو الصحراء، وعليك أن تعبئ كل طاقات الدبلوماسية الجزائرية الإقامة دولة صحراوية وكان بومدين قد صرح قائلا إن الجزائر هي القاطرة والدول الأخرى قاطرات وسبق لأحد وزراء خارجية أن ردد مثل هذا الكلام... «الجزائر هي القوة الوحيدة والباقي من مغرب وتونس وليبيا ومصر ليسوا في مستوانا.. لقد حضرت عدة مؤتمرات قمة إفريقية لاحظت من متابعتي لأشغالها الوسائل المالية الضخمة التي وفرتها الجزائر وليبيا «اشراء الذمم» حين كانت «الشيكات» توزع جهارا في قاعة المؤتمرات قبل عمليات التصويت.
مغارة هيرقل
والآن وبعد نصف قرن من العدوان الجزائري» ها هو المغرب في صحرائه يبنى ويعمر، وها هو المواطن المغرب يتنقل بحرية من مغارة هيرقل إلى هضاب الرمال الموريطانية... رغم محاولات الكركرات الفاشلة... مقابل هذا النجاح أقفلت الجزائر الحدود والأجواء وتحولت إلى جزيرة قاحلة تنهار تدريجيا.... اليوم في القوة الضاربة تتصاعد صفوف الباحثين عن الحليب والزيت والدقيق وتزداد طولا، وغضب الشعب يتصاعد بعد أن نهجت القيادة الجزائرية أسلوب الكذب «كسياسة دولة» . 
الحراك من جديد
فإلى متى ستستمر «سياسة العناد واستغلال الجيش للسلطة وتدهور الأوضاع الداخلية...؟ هل سيعود الحراك بطريقة أوسع وأقوى لإنقاذ البلاد ؟ هل سيتدخل فيصل من الجيش ضد العسكر الحاكم التقويم الوضع؟ إن بوادر المواجهة تسير نحو التصعيد وأي انهيار للجزائر سيكون كارثة على المنطقة لذلك نردد «حفظ الله الجزائر من حكامها.