الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

الغازي لكبير: متدربات ومتدربو مركز التوجيه والتخطيط التربوي يتساءلون

الغازي لكبير: متدربات ومتدربو مركز التوجيه والتخطيط التربوي يتساءلون الغازي لكبير
التربية بناء، وكل بناء على أساسه يقوم. يكون متينا إذا كان الأساس وثيقا، ويصير متصدعا إذا كان الأساس هشا حتى وإن شُيدت أسواره من رخام وأسقفه من زجاج. على هذا النحو تكون كل البنيات، ولهذا القانون جميعها تستجيب.
 
والمؤسسة التربوية المغربية، كبنية اجتماعية، لا تخرج عن هذا الإطار. لها دعاماتها التي ترتكز عليها، ولها رافعاتها التي تستند عليها.
 
وبالنظر إلى المهام المنوطة بها والرهانات المطروحة عليها، قامت الوزارة الوصية بإصلاحات متتالية تستهدف تأهيل بنية المدرسة الوطنية ساعية إلى تقوية امكاناتها وتطوير آليات اشتغالها. فجعلت من مشروع المؤسسة المندمج "آلية وحيدة وملزمة لتدبير وحكامة المؤسسات التعليمية وأداة للتعاقد معها" ومن التوجيه التربوي والمهني "مدخلا من مداخل تحسين جودة التعلمات كغاية لمشروع المؤسسة".
 
ومن أجل الرفع من مردودية هذه المنظومة و" إحداث القطائع الضرورية، وابتكار حلول جديدة بمقاربة التغيير في إطار الحسم في الإشكاليات العرضانية والمزاوجة بين الطموح والواقعية وبين تحديد الأولويات والتدرج في التنفيذ" تم إصدار مذكرة مباراة الدخول إلى مركز التوجيه و التخطيط التربوي، مسلك المستشارين بتاريخ فاتح يوليوز 2022 بشروط انتقائية صارمة، بحيث لم يسمح بالمشاركة في المباراة إلا لـ "الحاصلين على شهادة الإجازة (...) المرسمين الذين قضوا 15 سنة من الخدمة الفعلية بقطاع التربية الوطنية والمرتبين جميعهم على الأقل في الدرجة الأولى في إطارهم." وتم تنظيم المباراة على مرحلتين بحيث لم يتمكن من عبور الصراط إلا من اخْتُبِرت معرفته وثَبتت كفاءته.
 
هذا ويتدرب المتفوقون في المركز لمدة سنتين ويستفيدون من تكوين في مستوى عال ثم يتخرجون أطرا عليا يمتلكون آليات وأدوات جديدة ومبتكرة في التواصل والبحث، وفي التنظيم والتأطير وفي التخطيط والتدبير وفي الفحص والتقييم.
 
بيد أن هذه المدخلات الرفيعة والصعبة المنال، لا تقابلها للأسف مخرجات في نفس المستوى، إذ يكاد يجزم المتمعن فيها أنها خالية من المكاسب، باستثناء التكوين طبعا. بل أكثر من ذلك، ففي ظل المستجدات التي أتى بها اتفاق 14 يناير 2023 بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وبين النقابات الأكثر تمثيلية، أصبحت مظلومية فوج 2022-2024 في مركز التوجيه والتخطيط التربوي واضحة للعيان. فقد تعسفت الوزارة الوصية والنقابات الموقعة على الاتفاق ببنود النظام الأساسي المرتقب على المتدربات والمتدربين في مركز التوجيه والتخطيط التربوي. فلم يعد الأمر مقتصرا فقط على إقصاء المتدربين والمتدربات من الاستفادة من مخرجات الاتفاق، بل يتجاوز ذلك، حسب ما تم نشره في المنابر الاعلامية، إلى إقبار هيئتهم وتشتيتهم في هيئات مختلفة.
 
فهل يتعلق الأمر يا ترى بالإخلال بالتزامات خارطة الطريق والتراجع عن ما جاء به القانون الإطار والرؤية الإستراتيجية؟ وبالتالي هل الحديث عن مركزية التوجيه التربوي والمهني في مشروع المؤسسة ومشاريع تجويد التعلمات مجرد شعارات؟.
 
ما لم يتم الالتزام بآليات أجرأة المشاريع التي تم الاعلان عنها، وما لم يتم الإعلان عن بدائل مناسبة، يظل السؤال قائما. كما أن المتأمل في مثل هذه القرارات التي تأتي في منتصف الطريق يكون في حيرة من أمره. ففي عز الأزمة التي تعيشها المؤسسات التعليمية بسبب التحولات الاجتماعية التي يعيشها المجتمع المغربي على صعيد الأسرة بالخصوص، يتم التخلي عن دور مهم يقوم به الإطار في التوجيه والمتعلق بتأطير الأساتذة الرؤساء والفاعلين في الحياة المدرسية ومنسقي الأندية في المؤسسة، الشيء الذي يضفي غموضا حول صدق الشعارات المرفوعة وصفاء نية الارتقاء بالمدرسة والمجتمع.
 
نتساءل مرة أخرى في ظل هذه الظروف الاستثائية، هل يستطيع متدربو ومتدربات مركز التوجيه والتخطيط التربوي إسماع صوتهم والترافع عن مظلوميتهم؟.
 
هل تستطيع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات استدراك ما تجاهلته في اتفاقها وتنصف ضحايا النظام الأساسي المرتقب؟.
 
في جميع الأحوال، فإن المدرسة الوطنية ذات جودة وجاذبية لا يمكن تحقيقها إلا بانخراط الجميع، وقد يصعب ضمان انخراط كل الفاعلين في ظل الإجهاز على الحقوق والتراجع عن المكتسبات.