الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

العياشي الفرفار: " شان 2023"..الغباء الجزائري يفسد الفرح الإفريقي

العياشي الفرفار: " شان 2023"..الغباء الجزائري يفسد الفرح الإفريقي العياشي الفرفار
يبدو أن غباء النظام الجزائري لا حدود له، الأمر يعني أن مواجهة هذا الغباء تكون بغباء مضاد، لكن بالنجاح.
النجاح المغربي يزعج من لا ينتج سوى الخيبات لشعبه، وهنا الفر ق بين من يبحث عن السلام ومن يدعو للحرب. السلام يقتل اللصوص، في حين الحرب تنتجهم، وتضمن بقاءهم في السلطة!
بإمكان المرء أن يقاتل الشر، لكن من غير الممكن أن يقاتل الغباء، هكذا قال هنري ميلر. سياق هذا الحديث ان النظام الجزائري حول مناسبة لافتتاح دوري في كرة القدم، إلى حرب على المغرب، لدرجة تشبيه المغاربة بالحيوانات! في مفارقة غريبة حيت معاداة اللغة والدين والتاريخ والجغرافية التي توحد الاشقاء أكثر مما تفرقهم، وأن كرة القدم مجرد جسر تواصل بين الأشقاء، وليس أداة حرب واقتتال وانتاج خطابات للكراهية وتمويلها.
بالأمس القريب عنف على أطفال يكفي أنهم لم يستوعبوا بعد، أنهم انهزموا في آخر دقيقة، وأن حلم التتويج ضاع منهم، ومع ذلك تم تعنيفهم والاعتداء عليهم فقط لأنهم لعبوا وحولوا ملعب إلى قطعة صمت، انبهارا بما يقدمه الطفل المغربي حين يداعب كرة بلا حقد.
الغباء يفسد كل لأشياء الجميلة ويبدد لحظات الفرح، بملعب جميل، نظام يفسد فرحة الافتتاح حين تخلط الرياضة بالسياسة، وتقحم خطابات سياسية عدوانية على بلد إفريقي في محفل رياضي؛ بترديد شعارات عنصرية ضد الشعوب الإفريقية كالكاميرون والمغرب.
الأكثر غرابة هو جعل الغباء مقدسا، من خلال الاستعانة بمقدم خدمات حفيد المناضل الأممي نلسن مانديلا والذي لم يستطع حتى حماية بيته!
المعارك لكبرى لا تخاض في ملاعب كرة القدم، وليس أمام جمهور عاشق للعبة، دفع ثمن تذكرة في زمن اجتماعي صعب -حيت شراء نصف لتر من الحليب يقتضي ساعات من الانتظار - لكي يستمتع بلعبة جمية ، وليس لسماع خطاب الكراهية كخطابات مدفوعة الثمن . المعركة الحقيقية هي معركة بناء الوطن والتنمية ودولة الحق والقانون.
الواقعة تكشف الحقيقة، وأن المغرب حاضر حتى في غيابه، لأنه حين لا يتحدث صاحب الحفل عن ذاته، عن إنجازاته، عن قيمته وقيمه، وعوض أن يحتفل، يستمتع بالتحريض والدعوة الى العنف. وتحويل الفرحة الى للكراهية، فالأمر يكشف أننا أمام حالة عنف مركب وغباء مقدس وكراهية ناتجة عن الاحساس بالدونية.
الأمر يصبح عنفا مقدسا مادام ضد المغرب وأبناء المغرب، وحين يمتزج بالغباء.
العداء نحو المغرب ليس شعورا عاديا، ولا يمكن أن يكون كذلك. هو عداء أيديولوجي، ان استحضرنا طبيعة المشترك بين الشعبيين الشقيقين، لكن يبدو النظام الجزائري الذي يعيش خارج الواقع وخارج الزمن ويختبئ وراء ايديولوجية صدئة، حين جعل من كراهية المغرب والمغاربة عقيدة ثابتة.
الجفاء السياسي والعلاقات الباردة بين المملكة المغربية والجزائر أصبح مخيفا، المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا benjamin Stora، المفكر والمؤرخ الفرنسي من أصل جزائري والذي رافق ماكرون في زيارته الأخيرة للجزائر، والذي أشرف على إعداد تقرير حول ملف الذاكرة الشائك بين الجزائر وفرنسا.
ستورا اعتبر أن أحد الأسباب المفسرة لحالة العداء المستعصي بين الجارين هو منطق الدولة الوطنية، فكل دولة تريد إثبات أنها الأقوى في مجالها الحيوي بوطنية الدولة، لكن ما يثير اندهاش ستورا هو أن هذا الجفاء يأخذ بعدا صبيانيا في تدبير العلاقة الصراعية والمتوترة.
وقائع احتفالات الكراهية، ليس فقط سلوكا صبيانيا، إنما هو سلوك فج نتيجة عقيدة الكراهية التي صنعها نظام العسكر، حيث تحولت مراسيم الاحتفال بالشان إلى معركة ضد المغرب.
ولأنه نظام يعيش على الكراهية، فهو نظام لا يعرف كيف يعيش لحظات الفرح والاحتفال، فمراسيم الافتتاح هي مناسبة لكي يعرف العالم شعب الجزائر، ثقافة الجزائر، قيم الجزائر، هوية الجزائر وليس الكشف عن كراهية النظام الجزائري للمغرب.
صناعة الفرح تحقق بالتعارف وفتح الحدود، وليس إغلاقها وإنتاج كم هائل من الكراهية. يبد وأن الفرح الوحيد لنظام صدئ لا يمكن أن يكون إلا بمعاداة المغرب والاستمتاع بذلك.
وراء خطاب الكراهية منطق وأسباب، فنظام العسكر يستثمر في إنتاج الازمات، عبر تصدير ازماته الداخلية وتعليق الحوار الداخلي، وتأجيل مطالب الشعب بالديمقراطية بدعوى وجود عدو خارجي!
النظام الجزائري هو نظام للأزمات وليس نظاما للحلول. بول ريكور في تصوراته حول وظائف الإيديولوجيا الثلاث والمحددة في التبرير وتشويه وتزييف الحقائق، وهو ما تعطسه الوقائع المتتالية لنظام يتلاعب بعقول وعواطف الجزائريين.
واقعة اليوم تكشف حجم الفوضى و حجم الغباء، الفوضى هي قلب الأشياء، وتغيير السياقات و تزوير الحقائق، وهو ما كشفته مراسيم الافتتاح حين اصبحت الكراهية فرحا !
لا أحد ينكر القيمة الفرجوية لكرة القدمد حيث أصبحت وسيلة للترفيه والفرجة، وأداة للتنفيس من ضغوط الحياة المعاصرة وإيقاعها السريع. لكنها أصبحت قناة من قنوات الفعل السياسي ووسيلة من وسائل التأثير الأيديولوجي، من اجل صناعة رأي عام موالي ومضاد لأي نظام سياسي.
الأنظمة الديمقراطية تعتبر كرة القدم مجرد لعبة تنتهي بانتهاء صفارة الحكم، في حين الدول الاستبدادية تجعل من الكرة أداة لتصريف مشاكلها، وأزماتها وتحويل الكراهية الموجهة نحو الداخل وأزمات الداخل ومشاكل الداخل إلى الخارج.
أسوأ ما وقع اليوم هو تكسير جسور الثقة والانتصار لعقيدة الكراهية، كيف تقنع طفلا مغربيا شاهد حفل الافتتاح وتصريحات مرتزق جاء من اجل خدمة مقابل المال، أن الجزائر دولة شقيقة.
يبدو ان الغباء المقدس هو نتيجة لقصور في النظرة، واحساس مرير بالإخفاق، والنتيجة اللجوء إلى آليات تعويضية من اجل توازن نفسي، حيت نظام باتالوجي يحاول التخلص من ترسبات معركة أمغالا .
من يتحكم في مصير الجزائر ومستقبل الجزائر، مازال أسير تجربة أسر لم ينساها، وأن شنقريحة لم يستطع في معركة امغالا أن يدافع حتى عن نفسه، فكيف يدافع عن وطن بقيمة الجزائر، ان أزمة الجزائر تكمن في نظام مازال يعيش في الماضي غير قادر على الإقامة في الحاضر والاستعداد للمستقبل.