الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

قزيبر: لهذه الاعتبارات لن تتدخل حكومة أخنوش لتطويق غلاء الأسعار مثلما فعلت حكومة الإسبان

قزيبر: لهذه الاعتبارات لن تتدخل حكومة أخنوش لتطويق غلاء الأسعار مثلما فعلت حكومة الإسبان محمد قزيبر و عزيز أخنوش رئيس الحكومة
على هامش القرار الذي اتخذته الحكومة الإسبانية لحماية مواطنيها من لهيب الأسعار، بحذف الضريبة على القيمة المضافة على المواد الأساسية فضلا عن منح شيك بقيمة 200 أورو للعائلات الهشة والفقيرة. طرح متتبعون بالمغرب سؤالا: لماذا لم تحذو الحكومة المغربية حذو نظيرتها الإسبانية أو على الأقل لماذا لم تتخذ اجراءات وقرارات تحمي القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة الذين لم تعد لهم قدرة على تحمل غلاء الأسعار؟.
 "أنفاس بريس" طرحت الانشغال على محمد قزيبر، أستاذ المالية العمومية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، الذي قال بأن الحكومة الإسبانية اعتمدت سلسلة من التدابير لمواجهة موجة الغلاء الناجمة عن العديد من العوامل وفي مقدمتها تداعيات الحرب في أوكرانيا.  وذكرت بعض التقارير أن عدد الإسبان الذين يعيشون ظروفا معيشية قاسية يقدر بحوالي ستة ملايين شخص.
وتعد الحزمة التي اعتمدتها حكومة شانسيز هي الثالثة في سنة 2022 بغلاف مالي يصل الى 10 ملايين أورو، ضمن مجموع الاعتمادات السنوية التي خصصت لنفس الغرض والتي بلغت 45 مليون أورو، وتشمل التدابير التالية، إلغاء الضريبة على القيمة المضافة على المواد الأساسية وخاصة المواد الغذائية، تقديم منحة قدرها 200 أورو توجه مرة واحدة لنحو 4.2 مليون أسرة يصل أو يقل دخلها السنوي عن 27 ألف أورو،  التخفيضات الضريبية على فواتير الطاقة حتى النصف الأول من العام المقبل .
واللافت للانتباه، بحسب محمد قزيبر، فإن هذه التدابير تعاكس توجهات المؤسسات المالية الدولية التي تروم الحد من الدعم العمومي وكذا معايير الاتحاد الأوروبي التي تعتبر إسبانيا عضوا أساسيا فيه، وهو ما يفترض - حسب محاورنا - تقليص الإنفاق العمومي، خاصة في المجال الاجتماعي. غير أن الاعتبارات السياسية تفسر الى حد بعيد اعتماد مثل هذه التدابير، بهدف الحفاظ على القاعدة الانتخابية، كما أن اللافت أن مثل هذه التدابير التي تكررت في سنة 2022، نجم عنها فائدة اقتصادية كبرى بشكل تجاوز التوقعات حيث ازداد النمو الاقتصادي في إسبانيا بنسبة  5 %، مما يبرز، بحسب محمد قزيبر، أن التدابير ذات الطابع الاجتماعي قد يكون لها انعكاس إيجابي على المستوى الاقتصادي بعكس ما يفترض من وقوع تفاقم للعجز والذي من شأنه أن يخلق موجة ركود اقتصادي .
وفيما يتعلق بالمغرب، سجل محاورنا اتخاذ مجموعة من التدابير لمواجهة التضخم والغلاء الناجم عن مجموعة من الاعتبارات وفي مقدمتها تداعيات الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة فضلا عن تفاقم الوضعية بفعل موجة الجفاف غير المسبوق الذي عرفه المغرب، وعلى رأسها قرار الحكومة تأجيل مسلسل إصلاح أو مراجعة نظام الدعم أو المقاصة الذي تم الانطلاق فيه منذ سنوات عبر الرفع الكلي للدعم عن المحروقات باستثناء غاز البوتان، بالنظر الى أن مواصلة مسلسل رفع الدعم كان من شأنه خلق موجة تضخمية يصعب التحكم فيها وفي تداعياتها الكلية على مجموع الاقتصاد وعلى القدرة الشرائية .
وعلى مستوى سياسة الميزانية لجأت الحكومة الى خلق اعتمادات إضافية في مناسبتين عام 2022 بمقدار كلي يبلغ 32 مليار درهم، وذلك لمواجهة تكاليف المقاصة عن غاز البوتان الذي ارتفع بشكل مهول على المستوى العالمي نتيجة تداعيات الحرب في أوكرانيا، كما خصصت الحكومة اعتمادات لمهنيي النقل لمواجهة الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات بدل العودة الى سياسة الدعم أو نظام المقاصة غير أن مهنيي النقل اعتبروا هذا الدعم الموجه للقطاع غير كاف لمواجهة الأسعار المرتفعة للمواد الطاقية.
وذكر محاورنا أن  مختلف هذه التدابير لم تكن بجرأة التدابير الإسبانية على الرغم من أن تداعيات الغلاء كانت هائلة على الأسر المغربية، فقد كشف تقرير للمندوبية السامية للتخطيط عن تراجع كبير لمؤشر المعيشة ولثقة الأسر المغربية في التدابير الحكومية.
وفسر محمد قزيبر محدودية التدابير المعتمدة من طرف الحكومة المغربية لمواجهة التضخم وغلاء المعيشة، بالاعتبارات التالية :
الاعتبار الأول: يتمثل في كون الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية هو إحدى توابث المالية العمومية بالمغرب  منذ إقرار سياسة التقويم الهيكلي، وبالتالي لم تشد الحكومة الحالية عن هذا النهج بالرغم من حجم التداعيات الاجتماعية للأزمة وهو ما يفترض عدم الزيادة في الإنفاق الاجتماعي للتحكم في عجز الميزانية، وفي نسبة المديونية اللتان تأثرتا نتيجة تداعيات الأزمة الصحية كوفيد 19 وتداعيات الحروب الروسية – الأوكرانية.
الاعتبار الثاني: هو وفاء الحكومة المغربية لالتزاماتها مع المؤسسات المالية الدولية حيث أن هذه الأخيرة هي التي تقود وتوجه الدول نحو التخلي عن دعم ميزانيتها العمومية لدعم المواد الأساسية.
وقال محدثنا إن الحكومة الحالية ما دامت لم تملك الجرأة السياسية للتملص من التزاماتها المالية مع هذه المؤسسات المالية الدولية، فإنها لن تستطيع الذهاب بعيدا في التدابير ذات الطابع الاجتماعي، مذكرا بالحالة الاسبانية التي نجم عنها زيادة كبيرة في النمو الاقتصادي مقابل محدودية التدابير في الحالة المغربية والتي قلصت الى حد كبير من نسبة النمو حسب ما جاء في توقعات بنك المغرب.