الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

سعيد الكحل: أعداء النجاح.. أعداء الفرح. .

سعيد الكحل: أعداء النجاح.. أعداء الفرح. . سعيد الكحل
1 ـ فرحة الشعب بانتصارات المنتخب.
 فئة من المواطنين، ذكورا وإناثا، يغيظهم أن يروا الابتسامة على وجوه أفراد الشعب، وأن يوحدهم الفرح ويخرج جموعهم إلى الشوارع والساحات العمومية ابتهاجُهم بما حققه المنتخب الوطني من إنجازات رياضية أبهرت الفيفا ومعها كل العالم. لهذا بذلوا ما في وسعهم، ومنذ الانتصار على بلجيكا ثم كندا، لتعكير أجواء الفرح الجماعي عبر سلسلة من التدوينات والتغريدات والفيديوهات؛ دافعهم الأساس هو الإنْكار والتنكّر لأي جهد أو إنجاز تم تحقيقه في قطاع من القطاعات الحكومية أو العمومية. إن عداءهم للنظام وللدولة، ليس فقط أعماهم عن المنجزات التي حققها لاعبو الفريق الوطني في مونديال قطر، بل أدخلهم في حرب عدائية ودعائية مقيتة ضد المغرب، جعلتهم يسلكون أساليب التضليل وفبركة الأخبار والأحداث الزائفة قصد التأثير على المزاج الراقي لعموم الشعب المغربي بفضل الأداء الباهر للمنتخب الوطني وقدرته على تحويل المستحيل ممكنا، وجعل أحلام المغاربة تتعاظم مع كل انتصار كروي.
حالة النكد التي أراد غربان الشؤم تعميمها على المواطنات والمواطنين، أفشلها حب المغاربة لفريقهم الوطني الذي فجّر في دواخلهم الروح الوطنية ومشاعر الاعتزاز بالانتماء إلى المغرب. فذكاء المغاربة وفطنتهم جعلاهم يدركون المساعي الخبيثة لأعداء الفرح والنجاح الذين دأبوا على الاستثمار والمتاجرة بالمآسي مهما كانت فردية. والمغاربة ليسوا بحاجة لمن يكشف لهم عن حقيقة الغربان الناعقة التي باتت جلية للمواطنين الصغار قبل الكبار. إذ لمس المواطنون صدق وطنية اللاعبين المغاربة الذين وُلدوا وتربوا في بيئات أوربية ويحملون جنسيات أوطان النشأة والإقامة؛ إلا أنها لم تمنعهم من حمل قميص المنتخب المغربي والدفاع عن علمه الوطني. وستظل عبارة حكيم زياش التي دافع بها عن اختياره اللعب لفائدة المغرب بدل هولندا "إن دمي ليس برتقاليا حتى ألعب لصالح المنتخب الهولندي، بل دمي أحمر مثل لون العلم المغربي، لذلك لفائدة المغرب"، ستظل هذه العبارة وسام فخر محفورة في الذاكرة الجماعية للمغاربة ومعيارا دقيقا وصادقا للتميز بين الوطني الحقيقي الذي فضل المغرب عن البلد الذي وُلد ونشأ فيه ويحمل جنسيته، وبين الغربان الناعقة وأعداء النجاح والفرح الذين لا فضل لهم فيما تحقق من منجزات. لقد احترفوا النعيق والنكد حتى إنهم جعلوا من معاداة الوطن عقيدة، ومن التشهير به مذهبا.
2 ــ فرحة اللاعبين بالاستقبال الشعبي والملكي.     
لقد اعتاد الناعقون على نهش كرامة الوطن بكل مكوناته بمناسبة أو بدونها، ونصب المشانق لكل المسؤولين؛ لكن نجاح المنتخب الوطني في الوصول إلى المربع الذهبي وإشاعة الفرح في كل ربوع المغرب، أفسد عليهم وليمة النهش ومتعة الافتراس. ذلك أن لاعبي المنتخب لم تسعهم الدنيا فرحا وهم يصنعون المجد لشعبهم في منافسة عالمية اعتاد العالم كله على خوض أدوارها ما بعد الثمن، من طرف منتخبات دولية بعينها ظلت تحتكرها لعقود. فمتعة الاختراق ومنافسة الكبار لا يشعر بنشوتها إلا من تشبع بالروح الوطنية ورضعها مع لبن أمه، سواء نشأ وتربى في المغرب أو في بلاد المهجر. وبلغت الفرحة أوجها لحظة عودة الفريق الوطني إلى أرض الوطن والاستقبال الشعبي الرائع والأسطوري الذي خصصه المواطنون لهم على امتداد المسافة الفاصلة بين المطار والقصر الملكي حيث خصهم جلالته باستقبال تاريخي رفقة أمهاتهم. وتكفي هنا الإشارة إلى تصريحات بعض اللاعبين وارتساماتهم بعد هذا الاستقبال لمعرفة مدى الفرح وشدة الاعتزاز بمغربيتهم.
فقد صرح مدرب المنتخب، وليد الركراكي بأن:” الاستقبال الملكي حلم كبير لكل شخص، ونحن سعداء بهذا الاستقبال الملكي وفخورون بكوننا مغاربة.. واليوم حظينا باستقبال كبير من طرف الملك محمد السادس وأشكره كثيرا على كل ما يفعله من أجل الشعب والرياضة المغربية”.
نفس الإحساس عبر عنه لاعب المنتخب جواد الياميق بقوله "هذا استقبال يتمناه أي شخص، وأملي ألا نكون قد اذخرنا أي جهد، وأنا فخور بما حققناه".
فيما حارس مرمى المنتخب ياسين بونو عبر عن اعتزازه بمغربيته وبالاستقبال الملكي: "ثمة إحساس كبير عندما تكون مغربيا، فتشعر بحب بلادك، ويكون هناك استقبال من الناس ومن جلالة الملك، نشكر الجميع ونتمنى أن نقدم مستوى يجعل المغاربة فخورين بنا".
3 ـ اللاعبون أصدق وطنية من الناعقين.
 لما حطمت منجزات المنتخب مشانق الناعقين وأشعلت فرحة المواطنين، ولم يجدوا ما يغذون به حقدهم وحنقهم، ويفسدون به فرحة الشعب، هاجموا اللاعبين ورموهم بما ليس فيهم. لم تكن مهاجمة اللاعبين بدافع النقد والتحفيز نحو الأفضل، ولكن انتقاما منهم بسبب وطنيتهم الصادقة التي جعلتهم يختارون حمل القميص الوطني والدفاع عنه بكل إخلاص. فقد قدم اللاعبون دروسا بليغة في حب الوطن والشعب؛ إذ بالإضافة إلى تفضيلهم المغرب على بلاد النشأة والإقامة، قرر عدد منهم التبرع بمنحهم المالية التي رصدت لهم خلال منافسات المونديال لفائدة الأسر المغربية الفقيرة، فضلا عن قيام لاعبين آخرين بمبادرات إنسانية لصالح الأطفال المتخلى عنهم أو أطفال الأحياء الهامشية (نموذج بوخلال الذي أهدى ملعبا مجهزا لقرية أطفال دار بوعزة).
 في مقابل الأعمال الخيرية والإنسانية التي يقوم بها اللاعبون لصالح المجتمع المغربي، نجد الناعقين وأعداء الفرح والنجاح يشحذون ألسنة الحقد لينهشوا الوطن ومؤسساته، ويتآمرون مع أعداء وحدته الترابية على أمنه واستقراره. لم يكلّف هؤلاء أنفسهم الجواب عن سؤال بسيط: ما الفائدة التي يقدمها النعيق والنهيق للشعب وللوطن؟ لا شك أن من يحزنه أن يرى وطنه قويا وشعبه فرحا، بينما يفرحه أن يراه مصلوبا على مشانق المتاجرين بحقوق الإنسان أو مكتوفا على موائد اللؤماء، هو أشد عداء لوطنه من أي عدو آخر.
لن يفلح الناعقون في التشهير بالمغرب مهما حاولوا وتآمروا، ولعل الصور المشرقة التي تناقلتها وسائل الإعلام الدولية ومواقع التواصل الاجتماعي عن رقي الجمهور المغربي في مدرجات ملاعب قطر أو أفواج المغاربة المحتفلين بفوز المنتخب، وفي مقدمتهم عاهل البلاد وولي العهد، عبر مدن المغرب وعواصم العالم، ثم الاستقبال الأسطوري للمنتخب، لأمر يدعو الفرد إلى الاعتزاز بمغربيته وتلاحم فئات شعبه ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ).