الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

 عبد السلام المساوي: ذكرى عيد الاستقلال.. من محمد الخامس إلى محمد السادس ملكية متجذرة في التاريخ بأفق مستقبلي 

 عبد السلام المساوي: ذكرى عيد الاستقلال.. من محمد الخامس إلى محمد السادس ملكية متجذرة في التاريخ بأفق مستقبلي   عبد السلام المساوي
 إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سليل الحركة الوطنية الديمقراطية، وحامل مشعل الفكر الاشتراكي الديمقراطي، المشبع بقيم الحداثة والتقدم، ومبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والحق في العيش الكريم؛
يستحضر في ذكرى عيد الاستقلال تضحيات كل رجاله ونساءه الذين قدموا الغالي والنفيس، لتستعيد بلادنا سيادتها على كافة أراضيها وتتحقق الوحدة الوطنية والترابية؛
ويقف وقفة إجلال وخشوع أمام أرواح كل شهدائه الذين سيبقى وفيا لما قدموه لهذا البلد، في تناغم قل نظيره، بين رجال ونساء الحركة الوطنية، وصاحب الجلالة المغفور له محمد الخامس، وهما الطرفان الذان أسسا لثورة ملك وشعب لا زالت معالمها بادية لحد الساعة.
 لقد كان تصورنا واضحا بخصوص الشق الوطني المتعلق باستكمال وحدتنا الترابية والوطنية، حيث أصبح ذلك من أولويات اهتمامنا، متماسكين فيها ومؤيدين لكل المبادرات الملكية بهذا الخصوص، وبنفس الإرادة والعزيمة كنا في طليعة المدافعين عن الإصلاحات الدستورية والسياسية، التي كان لتوافق الملك والحركة الوطنية الديمقراطية حولها الفضل في الدفع بالمسار الحقوقي والديمقراطي إلى ما تعيشه بلادنا حاليا.
إن جيل " الحركة الوطنية "  رسم ولا زال يرسم الى اليوم علامات وضاءة ليس من السهل أن يأتي الزمان بها ، فهو جيل القيمة والقوة الفاعلة الذي حقق معه المغرب الشيء الكثير ...
" مدرسة الحركة الوطنية " ،  تركت للتاريخ واحدة من أجمل واحسن التجارب النضالية ، هي تجربة " ثورة الملك والشعب " ، الثورة التي خط بها أحرار المغرب بزعامة الراحل محمد الخامس ، معنى لنضال الدولة والشعب ، من أجل مطلبين فقط هما الحرية والاستقلال ، ثم الديموقراطية والحداثة ، وهما المطلبان الذين تم تضمينهما في وثيقة  11يناير 1944 , التي تعتبر ميثاقا وطنيا بين الحركة الوطنية ومحمد الخامس ، وبرنامج عمل وطني وسياسي مغربي محض ، مما أثار حنق الامبريالية التي كانت ممثلة في كل من فرنسا واسبانيا ومهد للمواجهة التي قادت إلى شن اعتقالات وإعدامات ونفي في حق الوطنيين ، ثم عزل الملك محمد الخامس عن السلطة ونفيه الى جزيرة مدغشقر....
الاتحاد الاشتراكي في النشأة والتأسيس ، في السير والمسار حزب وطني ، رقم أساسي في ثورة الملك والشعب ، ثورة التلاحم العضوي المتين بين الملك والشعب ...ثورة ثابتة من حيث المبدأ ومتغيرة من حيث المهام بتغير الشروط التاريخية ، التحولات المجتمعية والأسئلة الكونية...
" تمغربيت " هوية لوحدها وانتماء لوحده وانتساب لوحده ، فيها تجتمع هاته الفسيفساء التي تشكلنا نحن المغاربة جميعا ، يهودا ونصارى ومسلمين وديانات أخرى ، وعربا وأفارقة وأندلسيين وأمازيغ وقادمين اخرين من كل مكان على هاته الأرض لكي نصنع منذ قديم القرون والعقود الأمة المغربية ، وهي نسيج وحدها ، وهي تفرد خاص واستثناء مغربي خالص ..
نقولها بالصوت المغربي الواحد : لنا نحن هذا الوطن الواحد والوحيد ، وهاته البلاد التي ولدتنا وصنعتنا وصنعت كل ملمح من ملامحنا ، والتي تجري فيها دماء أجدادنا وابائنا وأمهاتنا ، والتي تجري دماؤها في مسامنا وفي العروق .
نفخر بهذا الأمر أيما افتخار ، ونكتفي أننا لا ندين بالولاء الا للمغرب . وهذه لوحدها تكفينا ، اليوم ، وغدا في باقي الأيام ، إلى أن تنتهي كل الأيام ....
لا بد من الانطلاق من كون الأمر يتعلق بوطن . والوطن هنا ليس مجرد رقعة جغرافية لتجمع سكني ، بقدر ما يعني انتماء لهوية ولحضارة ولتاريخ . 
ان روح المسيرة الخضراء ، التي أطلقها الراحل الحسن الثاني ، بقيت مستمرة ومتواصلة الى اليوم ، وهذا نهج مغربي يصبو نحو الحداثة والحكامة والتنمية المستدامة . وبروح المسيرة الخضراء ستظل الصحراء مغربية بشرعيتها وبنمائها وبازدهارها .
المسيرة الخضراء ليست مجرد ذكرى وطنية نحتفل بها والسلام . هي درس مغربي متواصل على امتداد الأزمنة والأمكنة يجدد نفسه دوما وابدأ ويمنح إمكانية الاستفادة منه لمن كان ذا عقل سليم .
من حقنا كمغاربة ، من حقنا كاتحاديين ، أن نفخر بملكنا ؛
هناك اجماع وطني ، يوحد المغاربة حول ثوابت الأمة ومقدساتها ، والخيارات الكبرى للبلاد ، وأولها " الملكية الوطنية والمواطنة ، التي تعتمد القرب من المواطن، وتتبنى انشغالاته وتطلعاته ، وتعمل على التجاوب معها " ، وثانيها ، مواصلة مواصلة الخيار الديموقراطي والتنموي بعزم وثبات . يقول جلالة الملك عن الملكية المواطنة " يعلم الله انني أتألم شخصيا ، ما دامت فئة من المغاربة ، ولو أصبحت واحدا في المائة ، تعيش في ظروف صعبة من الفقر او الحاجة .لذلك أعطينا أهمية خاصة لبرامج التنمية البشرية ، وللنهوض بالسياسات الاجتماعية ، والتجاوب مع الانشغالات الملحة للمغاربة "
ان الملكية هي المؤسسة الوحيدة التي أتقنت فنون تدبير التناقضات الداخلية والخارجية ، وخلقت توازنا لاستمرار الدولة والمجتمع . فالملكية المغربية هي ملكية تدبيرية وليست تنفيذية كما يقول البعض ، ذلك ان الملك يضع التصورات الكبرى ويرسم الخطوط العريضة ليس فقط لتدبير مرافق الدولة ومؤسساتها السياسية والاجتماعية وإنما أيضا يحدد هوامش التفاعل مع المجتمع ومختلف الأفكار الرائجة فيه .لقد شكلت الأعياد الوطنية دوما مناسبة للتأكيد أن " المغرب قوي بوحدته الوطنية ، وإجماع مكوناته حول مقدساته ، وهو قوي بمؤسساته وطاقات وكفاءات أبنائه ، وعملهم على تنميته وتقدمه ، والدفاع عن وحدته واستقراره .
ارتضينا لنفسنا هاته المظلة الملكية راعية للمغاربة أجمعهم ، بمختلف أعراقهم ، وأنسابهم ، وجذورهم ، وأصولهم ، وألسنتهم ، ودياناتهم ، وكل ما يصنع الكون في الإنسان من اختلافات ...لدينا ما يكفي من النبوغ المحلي لكي نعرف كيف نجمع هاته الفسيفساء المغربية الخاصة من نوعها في قالب واحد ، ينبض بقلب واحد ، حبا وانتسابا وإيمانا بشيء واحد : الوطن ، المغرب .
 ان الاتحاد الاشتراكي يجد نفسه في الخيارات الاستراتيجية والتوجهات السياسية والاصلاحات الهيكلية التي يبشر بها جلالة الملك ، ويحث عليها في كل مناسبة وحين ، بل وينكب على الاشراف على الكثير منها ...
ان الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني ، المتشبع بهويته التقدمية ، المستند الى جذوره الاجتماعية - الشعبية ، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية وطنية اقتراحية ، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في توعية وتأطير المجتمع .
واذا كان الاتحاد الاشتراكي سليل الحركة الوطنية، اداة اصلاح وتغيير في الحاضر ومناط تطوير وتحديث في المستقبل ، فان قدراته وكفاءاته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة ، ومؤهلاته النضالية والميدانية ، لتجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها ، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب .