الثلاثاء 23 إبريل 2024
اقتصاد

نبيل عادل: لا توجد دولة بدون ضريبة وهذا هو مدخل العدالة الضريبية

نبيل عادل: لا توجد دولة بدون ضريبة وهذا هو مدخل العدالة الضريبية الدكتور نبيل عادل
عند كل محطة سنوية لمناقشة مشروع قانون المالية، يتم طرح العدالة الضريبية والإنصاف الضريبي، ولكن على أرض الواقع لم تعمل أي حكومة في المغرب على تجسيد العدالة الضريبية في القوانين المالية.
في هذا السياق، حاورت
"أنفاس بريس"، الدكتور نبيل عادل، أستاذ باحث ومدير مجموعة الدراسات الجيوستراتيجية والجيواقتصادية بالمدرسة العليا للتجارة والأعمال.
 
أين يتجلى أوجه القصور والحيف الضريبي الذي يطال المغاربة؟
عندما نتحدث عن العدالة الضريبية وجب تعريفها للقارئ حتى ننطلق من نفس الأرضية لتقييم عمل الحكومة. العدالة الضريبية تعني أن يدفع كل مواطن جزءاً من دخله للدولة حتى تقوم بأداء واجباتها. أي أن أي مدخل للعدالة الضريبية يجب أن يبدأ بجعل كل فرد يدفع ماعليه للجماعة أو بلغة فنية توسيع الوعاء الضريبي. ويجب التفكير في تعميم الضريبة قبل التفكير في نسبها. وفي هذا المجال يجب الإقرار بأن الحكومات المتعاقبة تقف عاجزةً أمام لوبيات قوية تجعل من مسألة دفع ضرائبها مسألة مصيرية تحشد من أجلها المظاهرات وتنظم في سبيلها الإضرابات. ودون الحديث عن القطاع غير المهيكل الذي لايكاد يعرف للضريبة سبيلاً، فنحن نتحدث عن مهن وقطاعات منظمة ترفض من حيث المبدأ حتى الخوض في الموضوع وتفرض على الحكومة ابتزازاً ضريبيا غير مقبول. توسيع الوعاء الضريبي هو بداية العدالة الاجتماعية وهو أكبر رهان، لم تستطع حتى الآن أي حكومة فك طلاسمه، بل كلها تتراجع القهقرى عند أول مواجهة مع هذه الجماعات، مفضلة السلم على الحزم.
 
لماذا قوانين المالية تستجيب فقط لمطالب اللوبيات والتنظيمات القوية مثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب أو غيرها؟
هذا التعميم فيه ربما نوع من المبالغة. إذا حللنا النسب الضريبية، نجد أن ضريبة رأس المال تبقى مرتفعة مقارنة مع ضريبة العمل. كما أن أكثر من 95% من النسيج الاقتصادي مكون من شركات صغيرة أو متوسطة ترهق الضرائب كاهلها. أما فيما يتعلق باللوبيات فهذه هي قواعد اللعبة الديموقراطية حيث يحاول كل فصيل أن يوصل إلى السلطة من يدافع عن مصالحه. وان كنت أجد في هذا المضمار النقابات العمالية أكثر فعالية ونجاعة من كونفدراليات أرباب العمل. فقد استطاعت هذه النقابات فرض أجندتها على الحكومة وانتزاع مجموعة من الامتيازات دون أن تقدم في المقابل بعض التنازلات.
 
ماذا يجب أن يتم تجسيده على أرض الواقع من طرف الحكومات لنقول فعلا أن هناك إجراءات تجسد عدالة ضريبية؟
مايجب هو الشجاعة السياسية للضرب بيد من حديد على المتهربين من الضرائب مهما كان تنظيمهم وقوتهم. فالقانون والشرعية في صف الحكومة. إذ لايعقل أن تكسب بعض القطاعات والمهن ملايير الدراهم سنويا، و لكن يتمغر وجهها غيظا كلما طالبتها الدولة بأداء ماعليها من ضرائب. إن النقاش الضريبي في المغرب يتركز في مجمله حول نسب الاقتطاع والتسهيلات والمحفزات، لكن الحكومات تجبن حين يتعلق الأمر بمواجهة الجماعات التي تضغط حتى يبقى المغرب جنتها الضريبية. إن الحديث عن أي أصلاح يصير نوعاً من الاستهلاك الإعلامي في ظل غياب آليات تمكن الدولة من استخلاص الضرائب ممن وجبت عليهم. فلا توجد دولة بدون ضريبة. وأبوبكر الصديق رضي الله عنه قاتل من رفض دفع الزكاة لما فيه من تحد لسلطة الدولة. وكلما كانت الدولة قوية كلما كانت حازمة صارمة في جمع الضرائب. هذا هو مدخل العدالة الضريبية.