الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: تدني المستوى التعليمي في المغرب يكلف الدولة تحويلات مالية بالملايير

صافي الدين البدالي: تدني المستوى التعليمي في المغرب يكلف الدولة تحويلات مالية بالملايير صافي الدين البدالي
يهاجر طلبة مغاربة إلى دول أوروبا الشرقية و كوريا الجنوبية واسبانيا للدراسة على حساب أسرهم، بعدما لم يجدوا بنية استقبال  تعليمية في بلادهم تستجيب لحاجياتهم في الجامعات والمعاهد والمدارس العليا وخاصة الطلبة الذين ليست لهم معدلات مرتفعة والذين يئسوا وأسرهم من التردد على الجامعات ومن استمرار تعليم جامعي يطبعه التكرار والبؤس ودخوله على خط المحسوبية والزبونية .
 
لقد عرف التعليم الجامعي منذ التقويم الهيكلي سنة 1983 من القرن الماضي إفلاسا غير مسبوق حيث أصبح  ينتج العطالة، أي "المعطلون حاملو الشهادات" وأصبح وجهة  تعليمية غير مرغوب فيها من لدن الحاصلين على شهادة الباكلوريا، وبهذا فقدت الشواهد الجامعية قيمتها الأدبية والمعنوية وكذلك شهادة البكالوريا؛ وبقي المخرج الوحيد عند غالبية الأسر هو البحث عن الدولة التي تضمن لأبنائها تعليما جامعيا يمكنهم من شواهد تؤهلهم للحياة العامة في الداخل أوفي الخارج  كالصيدلة أوطب الأسنان أوالطب العام، بغض النظرعن الكفاءات، وبذلك تضطر الأسر أن تخضع لشروط الوسطاء للحصول على التأشيرة والتسجيل في جامعات بعض الدول من أوروبا الشرقية (رومانيا، أوكرانيا، روسيا، ليتوانيا…)، اسبانيا، كوريا الجنوبية. وتخضع لضغط  وشروط سماسرة العملات.  وبذلك  تفقد الدولة مئات  الملايير من العملة الصعبة سنويا وما يترتب عن ذلك من مشاكل اجتماعية  واقتصادية وثقافية. إن التغاضي عن هذه الظاهرة من طرف الدولة يعتبر جريمة في حق التعليم في بلادنا الذي كان عليه أن يكون في مقدمة الدول التي يؤمها طلبة العالم بمن فيهم الأوروبيين.
 
لقد أخطأت الدولة المغربية لما تبنت عملية الانتقاء لاجتياز المباريات لولوج بعض الأسلاك في التعليم العالي. خاصة بالنسبة  لكلية الطب والصيدلة وطب الأسنان وكذلك بالنسبة لشهادة الماستر. ولم تكن هذه العملية سليمة لما يشوب بعض المعدلات من نفخ في نقط  المراقبة المستمرة والغش وأيضاً سلامة معايير الإنتقاء، لأنه يمكن لطالب حاصل علىشهادة الباكلوريا بميزة مقبول أن يتفوق في شعبة الطب أو الصيدلة والتجارب أكدت ذلك.
 
إن الدولة تقوم  بعملية الانتقاء لأنها تفتقر إلى بنية  استقبال الطلبة الحاصلين على شهادة الباكلوريا. فجعلت المتخلى عنهم يبحثون  خارج المنظومة التعليمية المغربية التي أصبحت تجبر الطلبة على الهجرة إلى دول أوروبا الشرقية أواسبانيا أو كوريا الجنوبية على حساب أسرهم، حيث لا توجد شروط الانتقاء كما هو الشأن في المغرب. إن سياسة التعليم العالي في بلادنا  هي سياسة افراغه مما كان عليه من عطاء منذ غداة الإستقلال،  إلى ان تكالبت عليه ايادي الإستغلال والإقصاء للحد من امتداداته العلمية والفكرية ليتحول إلى مستوى مدارس ثانوية أوأقل من ذلك. إن ما أصاب التعليم الأساسي والثانوي والتأهيلي من انحطاط امتد إلى التعليم العالي.
 
إن الدولة لن تكون لها قائمة إن هي استمرت في سياسة تعليمية قوامها التخلف والتبعية والمتاجرة ولم تضع في حسبانها بأن نجاح أي مخطط تنموي لن يتحقق دون تعليم وطني متكامل وهادف ينافس الأنظمة التعليمية العالمية ليتبوأ المراتب الأولى في الاستقبال والتخرج وفي البحث العلمي.