الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

أعداء المغرب ومؤامراتهم يشعلون شموع حب الملك  في قلوب المغاربة

أعداء المغرب ومؤامراتهم يشعلون شموع حب الملك  في قلوب المغاربة
يشكل شخص الملك والمؤسسة الملكية بشكل عام، في الفترة الأخيرة، الموضوع الأول للحملات التي يشنها ضدنا أعداء المغرب، سواء منهم هؤلاء المقيمين بيننا باعتبارهم "مناولي مكاتب انتداب"، أو هؤلاء المقيمين في البلد الجار، أو في فرنسا، وعبر امتداداتهم في المنظمات الإقليمية والدولية. 
 
المثير في تلك الحملات هو طابعها المتناقض المشروخ ذلك أن الذين كان "يصدعون رأسنا"، لسنوات عجاف، بادعاء إلغاء الملك للفاعلين الدستوريين الآخرين، واحتلاله وحده للمشهد السياسي والإعلامي من خلال تواجده اليومي تقريبا، إما للإشراف على عمليات تدشين المشاريع التنموية، أو لتفقد جهات المملكة، هم أنفسهم الذين يعودون  إلى أن" يصدعوا رأسنا" اليوم بادعاء غياب الملك !!
 
لوضع الأمور في نصابها الطبيعي لا بد من توضيح الصورة كما نفهمها على الأقل. ذلك أن هذه الحملات القائمة على الكذب والافتعال والإشاعة لا تنطلق من أشخاص يحبون الملك ويقدرون أهمية المؤسسة الملكية، أو يغارون على حاضر المغرب ومستقبله. بل هم بالعربي الفصيح مجرد "طارئين" على مجال الإعلام والسياسة، وعلى النقاش العمومي. بعضهم فشل في أن يكون معارضا سياسيا ذا مصداقية، أو رياضيا معتمدا على الصعيد الوطني أو الدولي، أو صحافيا وإعلاميا محنكا، أو مستثمرا في الدهاء، أو محاميا لامعا. ولذلك انتهز هؤلاء فرصة التدفق الإلكتروني، وأكذوبة ما يسمى ظلما وابتذالا ب"الإعلام البديل" ليحترفوا السب والشتم والابتداع جريا وراء تحقيق "البوز"، وخضوعا لموجبات "الأدسنس" الرهيب، وإرضاء للممولين الأجانب وعلى رأس هؤلاء الممولين: عسكر الجزائر والدولة العميقة بفرنسا. ولتحقيق غاياتهم تنكروا لهويتهم رابطين جسور الخيانة والاذلال مع أعداء بلادنا بعد أن باعوا ضمائرهم قبل الوطن، وصاروا بذلك كيانات ممسوخة بلا ماض ولا حاضر ولا مستقبل. 
 
كذلك، ومن باب التوضيح دائما، فهذه الحملات لا يخطط لها خوفا على المغرب أو على مآلاته. بل هو الخوف الصراح من أن يتواصل إشعاع المغرب الإقليمي على الساحات الإفريقية والعربية والدولية بعد أن نجح في تحقيق مستوى عال من الاعتراف الدولي بسيادته على ترابه المحرر، وبعد أن تأكد انه صار قوة إقليمية بما يعنيه ذلك من معان، وضمنها تفعيل الشراكات مع إفريقيا وإنجاحها على قاعدة رابح رابح، وأنه عربيا صار موضع تقدير واحترام بعد نجاحه في مهمة رئاسة لجنة القدس التي يتولى أكبر نصيب في تمويلها ودعم مشاريعها الحيوية هناك، إضافة إلى انخراطه ضمن الصف العربي ضدا على محاولات التشييع أو التفتيت. هو الخوف أيضا من أن تنجح مساعي الملك محمد السادس في أن يحقق لبلاده فسحا إضافية على باب استكمال تحرير ترابنا الوطني، وتوطيد آليات الانفتاح الديمقراطي، واختراق آفاق جديدة للنهوض ببلادنا عبر الاستمرار في تنزيل أوراش الحماية الاجتماعية والتعليم والصحة والأمن المائي وبالتالي الأمن الغذائي ...  ثم إن خوف هؤلاء ناتج عن وعيهم بخصوصية النظام السياسي المغربي القائم على إيلاء الملك مكانة فعلية ورمزية يقرها الدستور الذي صادق عليه الشعب، وتثبتها الشرعيات التي يتمتع بها الملك تاريخيا ودينيا وأخلاقيا. ومن ثم فتلك الحملات، إذ تتجه نحو شخص الملك تحديدا وتجاه المؤسسة الملكية بشكل عام، فهي تتجه نحو هذه المكانة الرمزية والدستورية، وتجاه هذه الشرعيات التي كرست المغرب باعتباره الدولة الأمة المتجذرة في التاريخ كما في وجدان المغاربة بخلاف جيران الشرق، لقطاء التاريخ والجغرافية الذين لا أجندة لهم سوى التحرش بالمغرب تصريفا لعقدة الشعور بغياب الأنا، بل وبغياب الهوية...
 
إن ما نريد أن نؤكده من خلال إعداد ملف هذا العدد ليس فقط بطلان تلك الحملات المغرضة والمبنية على فبركة الشائعات و«الفايك نيوز»، فهذا تحصيل حاصل بفعل وعي المغاربة بما يتربص بهم من مؤامرات. ولكن أساسا لتأكيد أن مثل هذه الحملات لا يمكن إلا أن تعمق الارتباط الروحي بالملك، سواء كشخص أو كمؤسسة، وأن يعمق تمسك المغاربة بالملكية بما تعنيه من صمود في المكان والزمن، ومن فخر بخياراتنا التحديثية والديمقراطية التي تتأسس خطوة خطوة حتى يكتمل بناؤنا الديموقراطي، ونتمكن من هزم كل آثار التخلف.

إن الأساسي، وفق تصورنا لما جرى ويجري، ليس هو الاستثمار البئيس لجدل حضور الملك أو غيابه. بل هو التأكيد على أن الملك هو أكثر المغاربة حرصا على الدستور، سواء من حيث ما يخصصه له من صلاحيات، أو من حيث ما يتقيد به من ضوابط بدليل أن المغرب الرسمي لم يتخل، في يوم من الأيام، عن التزاماته الوطنية والدولية، ثم الدستورية في المبتدإ والمنتهى. وهذا بالضبط هو معنى أن تكون ملكا في بلد يسير نحو الديمقراطية، ملكا يعرف متى يعتلي الفضاء السياسي والعمومي، ويعرف متى يترك هذا الفضاء للفاعلين الآخرين، سواء في الحكومة أو في غيرها من المؤسسات الدستورية.
الفضاء الوحيد  الذي لا ولن يغادره الملك ولن يتسنى له ذلك في أية لحظة وكيفما كانت الظروف هو: قلوب المغاربة.