الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: احذروا مارشيكا.. رئة الناظور المريضة

محمد الشمسي: احذروا مارشيكا.. رئة الناظور المريضة محمد الشمسي
جاز القول إن "الناظورهبة مارشيكا" قياسا على قول"مصر هبة النيل"، ومارشيكا هذه بحيرة عملاقة رهيبة بطول العشرات من الكيلومترات، وهي بحيرة بحرية أي أن مياهها من مياه البحر التي تتسلل من منفذ وسط شبه جزيرة المهندس، وهي شبه جزيرة أودع فيها الخالق إبداعا طبيعيا لا مثيل له، يشكو فقط تقصيرا حيث استخسرت السلطة المعنية في ذلك الجمال الطبيعي شق طريق معبد،  فلا يزال هناك مسلك مترب مغبر محفر، مثل مسالك الرومان والبزنطيين والفاتحين الأوائل...

وبحيرة مارشيكا بامتدادها الكاسح تحاصر الناظور بحرا، وتستقبل الزائر للمدينة وللبحيرة لوحات معدنية كبيرة كتب عليها"وكالة مارشيكا" مع صور لما ستكون عليه البحيرة في المستقبل، بمعنى أن السلطات هناك جعلت من جنبات البحيرة مجالا للتهيئة والصيانة، وأنه يجري الإعداد لمشاريع قبالة البحيرة،  على شاكلة وكالة ابي رقراق بالرباط، لكن في انتظار ذلك المستقبل فإنه في الحاضر  ترمق العين حركة بشرية دؤوبة على جنبات البحيرة الهادئة إلا من اهتزاز مياهها الزرقاء الداكنة،  تصفعك رائحة نتنة شبيهة برائحة "قادوس الواد الحار"، تجعلك تنفر من المكان وتخاله تجمعا للمياه العادمة، وعندما تصبر وتتوغل لتلامس مياه البحيرة تجدها مقبرة لمختلف الكائنات البحرية حيث جثامين قناديل البحر والاخطبوط وبقايا أجسام أخرى  تتلاعب بها المياه، وحيث حقول الطحالب الخضراء تغزو سطح البحيرة، وحيت رائحة على غير رائحة البحر المعتادة تعم المكان، وتشدك أصوات محركات القوارب النفاثة ( جيت سكي) وهي تقطع البحيرة طولا وعرضا، كما تشدك بعض المراسي البدائية بمراكبها الصغيرة، وشباكها المهلهلة المنشورة، فتعاف البحيرة عيافا، وقد يغالبك القيء ، فالمياه لا تتجدد، لأن ارتباطها بمياه البحر هو معبر  غير فسيح يسمح بدخول المياه  دون تجددها، كما أن بعض جنبات البحيرة مهملة إهمالا شنيعا فظيعا حيث الأزبال بمختلف أصنافها تسبح على جنبات البحيرة، ورغم كل ذلك يسمح للخلق بالسباحة في البحيرة...فما عسى السباحة في مياه غير متجددة، وشبة راكدة، وتحمل جثتا متحللة، وبجوانب وسخة ملوثة، وشباكا من الطحالب المعفنة، أن يفعل في الجلد وفي البدن إذا دخله هذا الصنف من الماء؟ لست طبيبا ولكن لا أعتقد أن طبيبا سينازعني القول في أن هذا المشهد البئيس  يساءل الجهات المسؤولة في ما يسمى ب"وكالة مارشيكا"، عن سلامة المصطافين لاسيما الأجانب  الوافدين على المنطقة، والمتيمين بسمعة البحيرة على الانترنت، فمارشيكا العالم الافتراضي ليست هي مارشيكا الواقع، مارشيكا الواقع رئة مريضة نخرها التفريط وفعل فيها الاهمال ما تفعله السوسة في الأسنان، بحيرة مارشيكا تنذر بكارثة ما لم يتم التدخل العاجل لتوسيع منفذها البحري حتى تتجدد مياهها، ومالم يتم تنظيف وتنقيه جوانبها من ركام النفايات القذرة، وما لم يتم تطهير مياهها من جثث الكائنات البحرية المتحللة، وإخلاؤها من غابة الطحالب، ومالم يجر منع السباحة فيها حتى يحين وقتها.  

في انتظار إسعاف بحيرة مارشيكا يرجى التمتع بمنظرها الخلاب عبر الانترنت ففي واقعها "مكاين ما يتشاف"...