الخميس 28 مارس 2024
في الصميم

الجنوب الغربي للدارالبيضاء.. طفل لقيط يبحث عن «كفيل»!!

الجنوب الغربي للدارالبيضاء.. طفل لقيط يبحث عن «كفيل»!! عبد الرحيم أريري
من الأخطاء الكبرى التي تم ارتكابها بالجنوب الغربي للدارالبيضاء أن المسؤولين لم يتعاملوا مع حوض»سيدي معروف والنسيم وليساسفة»، كوحدة مجالية واحدة، بل تعاملوا معه كأن الحوض «إمارات» منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض: إمارة ليساسفة وإمارة النسيم وإمارة سيدي معروف. والحال أن التنقلات اليومية بين «سيدي معروف والنسيم وليساسفة» مكثفة طوال اليوم، كما أن الترابط بين هذه التجمعات وثيق ومتشابك، حيث يكفي المرء أن يراقب حركية الطاكسيات والخطافة بين سيدي معروف وليساسفة، فضلا عن الطوابير الطويلة اللامتناهية للسيارات والشاحنات والدراجات بالمعبر اليتيم الفاصل بينهما(قنطرة السكك المؤدية لمقر عمالة عين الشق)، ليقف على هذا المشكل الكارثي.
المثير في النازلة أن هذا الحوض الجغرافي، الذي يتميز بكثافة ديمغرافية رهيبة وكثافة صناعية وخدماتية مهمة، هو نتاج مسطرة الاستثناء (la derogation)، أي أن المخطط الحضري لم يستحضر النسيم وليساسفة أو سيدي معروف في تصاميم التهيئة كمجالات مشتركة ومترابطة مع ما يترتب عن ذلك من احتياط في توقع المرافق وتسطير الطرق والقناطر، أو على الأقل رسم معالم الترابط بين هذا الحي أو ذاك، بقدر ماكان هذا الحوض منتوج تعمير «الهمزة» أو تعمير الاستعجال (l’urgence). والنتيجة هي هذه «الفوضى الخلاقة» التي يعيش في لهيب نيرانها حوالي 250 ألف مواطن لم يرتكبوا أي جرم سوى أنهم «تصيدوا» وسكنوا بحوض سيدي معروف والنسيم وليساسفة: غياب منافذ طرقية بين هذا الأحياء، غياب قناطر رابطة بينهما (اللهم قنطرة السكة الوحيدة المشار إليها أعلاه)، عدم ربط التجمعات السكانية المكتظة والأحياء الصناعية بالحوض بوسائل نقل حضري عمومي، علما أن سيدي معروف لوحده يحتضن خمس مناطق اقتصادية منها اثنتان للخدمات (كازانيرشور وزينيت)، وليساسفة تحتضن ثالث أكبر منطقة صناعية بالبيضاء بعد البرنوصي ومولاي رشيد. وكل هذه المناطق الصناعية والخدماتية بجنوب غرب البيضاء تؤمن الشغل لحوالي 60 ألف فرد معظمهم يقطن بالحوض المشؤوم. ومع ذلك حتى الباركينغ غير موجود (مثلا بحي زينيت يرمي الناس «برويطاتهم» كيفما اتفق وفي أي مكان مترب ومحفر علما ان اسمه هو «حي الأعمال!!)، وشركة «الدار البيضاء للتهيئة» لم تستغل ورش محاربة فيضان بوسكورة لإنجاز قناطر على الواد لتسهيل عملية تنقل السلع والأفراد عبر السيارات والشاحنات بين سيدي معروف والنسيم من جهة، وتخفيف الضغط عن شارع أبي بكر القادري الذي لم تعد له القدرة، إطلاقا لاستيعاب «بشكليطة»، فأحرى سيارة أو طوبيس من جهة ثانية، كما لم تقم هذه الشركة المدللة من طرف الداخلية، بتحويل ضفتي واد بوسكورة لمنتزه أو حديقة للتنفيس عن سكان ليساسفة والنسيم وسيدي معروف، الذين يعيشون في أقفاص إسمنتية.
من هنا السؤال: ما هو دور مجلس المدينة والولاية والعمالات والمقاطعات إن لم يلمس المواطن اهتماما بأوجاعه، ويرى بأم عينيه أن المنتخبين ورجال السطة ومدراء شركات التنمية المحلية ينشغلون بتجويد شروط عيشه؟ ماجدوى إلزام الناس بأداء الضرائب إن لم تقم مؤسسة البلدية ومؤسسة الولاية والعمالة والوكالة الحضرية بأدوارها في صرف ضرائب المواطنين على مشاريع تخفف المعاناة اليومية على السكان والقيام بالتصحيحات المطلوبة لتدارك جرائم التخطيط الحضري التي ارتكبت بليساسفة والنسيم وسيدي معروف (مثلا حي المستقبل تم زرعه بسيدي معروف من طرف شركة الضحى لاستقبال أزيد من 45 ألف نسمة في مساحة لا تتجاوز 35 هكتارا بدون مرافق؟!).
قد «نتفهم»، عجز أو رفض المسؤولين التدخل في مجال ترابي فقير ماديا وتنعدم فيه الإمكانات الضريبية، لكن من غير المقبول أن تلهف الدولة الأموال والضرائب من حوض سيدي معروف والنسيم وليساسفة المنتج للثروة، دون أن ترد السلطات العمومية، ولو جزءا من الديون لساكنة منطقة تنتج لوحدها حوالي 6 في المائة من الناتج الداخلي الوطني؟
هذا ظلم واحتقار وإهانة لا يقبلها أي إنسان مهما كانت ديانته وعقيدته!!