الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

لموير: أسفي على أحزاب الأغلبية والمعارضة التي تواطأت مع فضيحة الرميد وأمكراز

لموير: أسفي على أحزاب الأغلبية والمعارضة التي تواطأت  مع فضيحة الرميد وأمكراز شريفة لموير
من البدهي أن نستغرب ونحن أمام بيان اعتبرت فيه الأمانة العامة لـ “البيجيدي” أن عدم تصريح الرميد وأمكراز بمستخدميهم هي مخالفة قانونية ولكنها لا تخرق النزاهة والشفافية المرتبطة بتدبير الشأن العام ومقتضيات تحملهما لمسؤولياتهما العمومية. وهذا البيان هو في حد ذاته يخرق مقتضيات الدستور الذي يكرس لدولة المؤسسات، وربط المسؤولية بالمحاسبة. اليوم ونحن نرى أن الأمانة العامة لـ “البيجيدي” اعتبرت أن عدم تصريح الوزيرين الرميد وأمكراز بمستخدميهم هي مخالفة قانونية، ولكنها لا تخرق النزاهة والشفافية المرتبطة بتدبير الشأن العام ومقتضيات تحملهم لمسؤولياتهما العمومية. وبالتالي فالجماعة لا ترى في عدم تصريحهما إجراما في حق القانون، وهذا يظهر أن اللجنة ومن خلالها الحزب لا يهمها خرق القانون والتهرب الضريبي مادام هذا الخرق لا يمس ميثاق الجماعة.
وبالتالي هذا الأمر يعيدنا دائما الى الوقوف على المنطق الذي يتبناه هذا الحزب الذي يقود الحكومة حزب العدالة والتنمية والمتمثل في “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”، مع أن واقع الحال وبعد سنوات من تولي هذا الحزب رئاسة الحكومة أظهر دائما تورطات مؤكدة وفضائح لوزراء هذا الحزب. إذ أن منطق الجماعة قبل الوطن الذي يتعامل به حزب العدالة والتنمية في مواجهة خروقات أفراده، بيد أن الانتماء للوطن والولاء له هو سابق لغيره من الولاءات الحزبية. وهذا ما يحيل على طرح سؤال هل نحن أمام تنظيم مواز يتحدى دولة المؤسسات التي أسس لها دستور 2011؟ وهذا التعامل لا محالة يكرس للامساواة في تنزيل القانون، كما يكرس أيضا لخرق القانون مادامت الجماعة مكلفة بالدفاع والتبرئة فضائح وزراء حزب العدالة والتنمية.
حزب العدالة والتنمية دائما ما كان يراهن في مواجهة فضائح وزرائه إلى اللجوء إلى إشهار راية نظرية المؤامرة وتحريف الطابع القانوني لأي قضية وتحويلها إلى طابع سياسي. لذلك فليس من الغريب اليوم ونحن أمام هذا البيان الذي عوض أن يبرئ الوزيرين اللذين خرقا القانون، أدان الحزب ككل، إذ كيف للحزب الذي يقود الحكومة ويرفع شعار محاربة الفساد، أن ينوه بإسراع وزير بتصحيح الوضعية رغم ان الخرق دام لأكثر 24 سنة بالنسبة لوزير حقوق الانسان مصطفى الرميد ودام لأكثر من 10 سنوات بالنسبة للوزير أمكراز.
السؤال ايضا يطرح بعد الصمت الذي قابلت به أحزاب الاغلبية التعاطي مع هذا الخرق القانوني السافر، كما لم تقم أحزاب المعارضة بأدوارها التي يكفلها لها القانون. هذا الصمت يمكن وصفه بالتواطؤ مع هذه الممارسات التي مازال لم يقطع معها الفاعل السياسي. وبهذا فإن هناك إدانة حتى لهذا الصمت الذي تعاملت به باقي مكونات الساحة السياسية في التعاطي في هذا الخرق القانوني. ولعلنا بهذا نستحضر خطاب العرش لسنة 2017 الذي كان واضحا في فقرته التي خاطب ملك البلاد من خلالها الاحزاب السياسية لتحمل المسؤولية وربطها بالمحاسبة إذ جاء فيها: “عندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا من المكاسب المحققة، أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي”.
ومما لا شك فيه أننا اليوم أمام مفترق حقيقي في تفعيل مبادئ التعاقد الدستوري الذي تبناه وانخرط فيه المغرب منذ التعديلات الدستورية لسنة 2011، لذلك فالأولى أن تنظر الدولة في هذا الخرق القانوني بدل التسابق إلى أجهزة الحزب التي يهمها تلميع صورة وزيريها على حساب تطبيق القانون وإلا فكيف يعقل الإشادة بخارقي القانون بذريعة أن هذا الخرق لا يخرق النزاهة والشفافية في تدبير الشأن العام، وهذا في حد ذاته تناقض فاضح.
شريفة لموير، باحثة في العلوم السياسية