مع وطأة الحرارة في عطلة عيد الأضحى، تحولت سفينة الشحن "LINDEN"، العالقة منذ حوالي أربعة أشهر على شاطئ مونيكا بمدينة المحمدية، إلى مزار للعديد من الزوار والمصطافين حيث يتوافدون لمعاينة هذا المشهد البحري والتقاط الصور إلى جانب السفينة التي ترسو قرب رمال الشاطئ.
يبلغ طول السفينة المتضررة 72.5 مترا، فيما يصل عرضها إلى 11.7 مترا، بحمولة إجمالية تقدر بـ1516 طنا. وتُستخدم السفينة لنقل مختلف أنواع البضائع، حيث تُعد مجهزة برافعات هيدروليكية على الجانب الأيسر، بسعة رفع تصل إلى 15 طنا، تُستعمل عادة في شحن وتفريغ الحاويات والبضائع العامة.
وكانت "LINDEN" قد علقت على بعد أمتار قليلة من الشاطئ في 28 يناير 2025، بعد أن واجهت عطلا ميكانيكيا في المحرك أثناء إبحارها قبالة سواحل المحمدية، متزامنًا مع اضطراب في الأحوال الجوية. ومنذ ذلك التاريخ، لم تُفلح محاولات جرّ السفينة أو إعادتها إلى عرض البحر، لتظل في مكانها.
ورغم الجانب التقني المتعلق بكيفية التعامل مع هذه الحالة البحرية، تحوّلت السفينة العالقة إلى نقطة جذب سياحي غير متوقعة. حيث يقصدها الزوار من داخل المدينة وخارجها، مستغلين قربها من الشاطئ لتوثيق هذه اللحظة بعدسات هواتفهم.
رأي الخبراء البحريين
يُثير استمرار بقاء السفينة في هذا الوضع تساؤلات حول الإجراءات المرتقبة، سواء فيما يتعلق بعملية سحبها أو اتخاذ قرار بتفكيكها في مكانها.
وأفاد فراطا الإدريسي محمد، الرئيس السابق لهئية الخبراء البحريين بالمغرب، ل"أنفاس بريس"، قائلا: "بمجرد أن تكون هذه الباخرة قد جنحت في السواحل المغربية، فإن الوزارة المكلفة بالبحر والملاحة، عن طريق مديرية البحر، تتدخل عبر الاتصال بممثل الشركة في المغرب أو بالوكالة التي تمثلها. طبعاً، يُطلب منهم أولاً تفسير الظروف التي أدت إلى جنوح الباخرة، وثانياً يُلزمونهم باتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالتها تماماً وعدم تركها هناك.
وبالتالي، يجب أن تكون لديهم الصلاحية للمجيء إلى مدينة مغربية للقيام بالإجراءات اللازمة بشأن الباخرة. وغالباً في مثل هذه الحالات، يُطلب من الدولة المغربية أو من الشركة المالكة للباخرة ضمانة مالية تقدمها شركة التأمين، وذلك لتغطية تكاليف عملية الإنقاذ والإزالة. ولتجنب تعطيل الملاحة أو التأثير على البيئة، يتوجب على الجهات المعنية أخذ جميع الإجراءات".
وأوضح الخبير البحري أن الباخرة من نوع "جنرال كارغو"، تتحرك بمحرك يعمل بالفيول أو المازوط، مما يعني أن بداخلها كمية تتراوح بين 20 إلى 30 طناً أو أكثر من الوقود. وإذا تُركت هكذا، قد تؤدي إلى تسربه إلى مياه البحر وتلوث الشواطئ المغربية، وهو من أخطر أنواع التلوث التي يمكن أن تصيب البيئة البحرية.
لهذا فإن من واجب الدولة المغربية أن تتدخل فوراً لتفادي بقاء الباخرة عالقة في مكانها.
تقنياً، يتابع محاورنا، عندما يُعطى الأمر للمالك أو شركة التأمين، يتم تعيين خبراء مختصين ينزلون إلى الموقع لتقييم الأضرار، خصوصاً في الجهة السفلية للباخرة:La quille
وهي العارضة الرئيسية في أسفل هيكل السفينة، تعتبر العمود الفقري للبنية السفلية.
الدوبلفون: Le double fond وهو القاع المزدوج، مساحة بين القاع الحقيقي والقاع الداخلي إضافي لأغراض السلامة أو التخزين، إلى جانب البنية الداخلية.
وأكد أن هؤلاء الخبراء يعاينون الوضع من الخارج لتقدير ما يجب فعله لتفادي بقاء الباخرة في مكانها. هذه العملية تُعرف بالفرنسية بـ"déséchouage"، أي عملية إزالة الباخرة الجانحة عن الرمل.
وأكد محاورنا أنه من المهم معرفة نوعية القاع الذي جنحت فيه الباخرة، هل هو صخري أم رملي؟ والحمد لله أنها جنحت على الرمال، مما يسهل العملية. أولاً، تتم دراسة حالة المد والجزر في المنطقة، إذ في السواحل المغربية يتراوح الفرق في المحيط الأطلسي بين المد والجزر بين 1.5 إلى 4 أمتار أو أكثر. هذا الفرق قد يساعد في رفع الباخرة تلقائياً مع المد العالي.
كما يمكن استقدام قاطرات (رموكات) من الميناء أو شركات متخصصة، وفي بعض الحالات يجب حفر خندق حول وتحت الباخرة لتسهيل سحبها. ثم تُجر إلى أقرب حوض إصلاح، مثل الموجود في الدار البيضاء أو الجرف الأصفر أو موانئ قريبة أخرى مثل لاس بالماس أو الجزيرة الخضراء، حسب ما تسمح به الظروف.
بعد ذلك، تبدأ الإجراءات التقنية لإصلاح الأضرار. وخلص الخبير البحري بالقول إنه في مثل هذه الحالات، يتم فتح مشاورات لإجراء الإصلاحات في أحد الورشات الكبرى بالمغرب، مثل ورش الدار البيضاء أو المحمدية أو الجديدة، حسب توفر الإمكانيات والتجهيزات المناسبة. وغالبا ما يتم الإصلاحات في الخارج، لعدم توفر المغرب على التجهيزات الضرورية لإصلاح السفن، وهذا موضوع آخر..
