منذ أن يطل النصف الأخير من شهر رجب، ومرورا بشهر شعبان المنتظر حلول أول أيامه يوم غد الأربعاء، يلاحظ تبادل غير طبيعي بين المغاربة عبر مختلف وسائط التواصل لعبارة "اللهم بلغنا رمضان". والحقيقة، أن تساؤلات كثيرة تطرح بهذا الخصوص الذي يضمر أمورا عصية عن الفهم. والتي تفيد، حسب تجارب السنين السابقة، بأنه وبمجرد دخول الشهر الفضيل وما يطفو فيه من سلوكات بمجتمعنا، أن كل مطلع على تلك المتمنيات كان على غير صواب في اعتقاد التلقائي المفترض، والذي يوهم بأن المتطلعين لرؤية الهلال ينتظرون فقط الأخير للانكباب على الوضوء والصلاة وقيام الليل، وتقديم الصدقات، ومساعدة المحتاجين، وترطيب الألسن بالدعاء وذكر الله، والتلفظ إلا بما يليق من حسن الكلام، والإقبال المكثف على المثاب عنه من الأعمال. في حين تكون بالمقابل الصدمة أكثر من قوية بتفشي عكس كل ذلك، بل وبدرجات أكبر مما هو جاري به العمل في باقي أشهر السنة. إذ الصراحة تؤكد على أن كل من ينتظر تصفية حساب مع آخر يترقب رمضان، وكل من تسكنه رغبة في العربدة ينتظر رمضان، وكل من تكون "الرغبة حابساه" لتجريب إدمان "التنفيحة" و"الكالة" و"الشيشة" كبديل عن البيرة و"عيشة الطويلة" أيضا ينتظر رمضان، ومن يسعى لأن يكون له مبرر عن تكاسله في العمل أو تحطيم الرقم القياسي في النوم نهارا ينتظر رمضان، ومن يجاهد لمنافسة الشياطين الأبالسة واستغلال فرصة تكبيلهم للاستفراد بالزعامة ينتظر من جهته رمضان. وربما أصدق هؤلاء من يود تحقيق أمنية زيارة مسجد من المساجد لأخذ فكرة عن فضائه، ولو على سبيل الاستئناس بالمعلومة عند إثارة موضوع من مواضيع الدين والتعبد. لهذا، ومع حفظ كامل التقدير للقلة التي تعرف قدر الشهر وهي صامتة، فإن الكثير "غير داوي خاوي"، ولا غاية له سوى في مآرب أخرى قد تختلف باختلاف مقاصدها، وإن كانت تتفق على شهر رمضان كموعد مناسب لقضائها. فجميل أن تكون الأمنية من قبيل "اللهم أبلغنا رمضان"، لكن من المؤلم أن يستفزنا الأخير وهو مصدوم بيننا، ويعاين تصرفاتنا بقولة "هادشي لاش بغيتو تعيشو حتى نجي يا المغاربة".
مجتمع