يؤكد سعيد عبيدي، أستاذ باحث في التاريخ والتراث بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، أن حماية تراثنا الثقافي من الاندثار والسطو عليه يتطلب جرده وتصنيفه وتوثيقه، وكذا التعريف به علميا، وفي مختلف المحافل والتظاهرات، فضلا عن ضمان استمراريته، وذلك بالكشف عن القيم الثقافية لمختلف أنماط التراث المغربي، بالإضافة إلى ضمان الاستمرارية المادية لهذا التراث، وذلك بتبني وسائل استعادة الوجود المادي الأصلي للمواقع الأثرية والذاكرة الجماعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وقف العوامل التي تهدد سلامة تراثنا واستمراريته، فضلا عن اعتماد التدابير الوقائية للحد من تدهوره، ثم أخيرا العمل على تصنيفه في المنظمات الساهرة على التراث دوليا (اليونسكو) وإقليميا (الإيسيسكو)، دون إغفال أهمية توعية الساكنة بالقيمة التراثية لما يحفل به مجالها من تراث ثقافي مادي وغير مادي، وتشجيعها على الاهتمام بتراثها الذي يعتبر هبة من الماضي للمستقبل
كيف تقرأ المحاولات المتكررة من طرف الجزائر للسطو على بعض مكونات التراث المادي واللامادي؟
في البداية، تجدر الإشارة إلى أن «شعب بلا ذاكرة هو شعب بلا مستقبل».وهذا ما يفسر لنا تسارع مختلف دول العالم في الوقت الحالي على توثيق تراثها وصيانته وحمايته، غير أن التراث لا يثمن باعتباره سلعة ثقافية، بل يثمن لتعبيره عن هوية البلد وتاريخه وحضارته.
وفي هذا السياق، فإنه ينبغي على مختلف الفاعلين في حقل التراث ببلادنا العمل على محاربة النظرة «التتحيفية» و«التحنيطية» للتراث ويهتموا به بشكل شمولي، وذلك لكون الاهتمام بالتراث الثقافي بانتقائية مقصودة أحيانا وغير مقصودة أحيانا اخرى، يعطي قراءة اختزالية معينة لتراثنا ويسمح بالسطو عليه من لدن الآخر. كما أن الاهتمام بهذا التراث لا ينبغي أن يكون احتفاليا ولأغراض سياسية كما تفعل بعض الحكومات في دول العالم، وإنما الانطلاق من رؤية شعارها «من المحافظة على التراث إلى الإبداع بما ينسجم مع روح العصر». وأكيد بأن الانطلاق من هذه الرؤية والتصور يمكنه أن يحد من محاولات السطو التي يمكن أن يتعرض لها تراثنا، كما من شأنه الإسهام في تثمينه.
ما المطلوب من أجل حماية التراث المادي واللامادي من أجل السطو الجزائري حفظا لذاكرة وتراث المغرب؟
لا مراء بأن الأفراد أو المجموعات هي من تضفي صفة التراث على كل ما أنتجه الأسلاف. وفي هذا الإطار، فإن حماية تراثنا الثقافي من الاندثار والسطو عليه يتطلب جرده وتصنيفه وتوثيقه، وكذا التعريف به علميا، وفي مختلف المحافل والتظاهرات، فضلا عن ضمان استمراريته، وذلك بالكشف عن القيم الثقافية لمختلف أنماط التراث المغربي وتوقع ما يمكن أن يقدمه للحاضر، بالإضافة إلى ضمان الاستمرارية المادية لهذا التراث، وذلك بتبني وسائل استعادة الوجود المادي الأصلي للمواقع الأثرية والذاكرة الجماعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وقف العوامل التي تهدد سلامة تراثنا واستمراريته، فضلا عن اعتماد التدابير الوقائية للحد من تدهوره، ثم أخيرا العمل على تصنيفه في المنظمات الساهرة على التراث دوليا «اليونسكو» وإقليميا «الإسيسكو». كما أنه ينبغي توعية الساكنة بالقيمة التراثية لما يحفل به مجالها من تراث ثقافي مادي وغير مادي، وتشجيعها على الاهتمام بتراثها الذي يعتبر هبة من الماضي للمستقبل، وأكيد بأن توعية الجميع بهذا التراث يجعل الجميع يساهم في التعريف به في مختلف القنوات ووسائل الاتصال بشكل علمي وهادئ دون انفعال.
وفي نفس السياق، ينبغي استثمار الجانب الإعلامي بمختلف مكوناته «الإعلام المرئي، المسموع، المقروء، المواقع الإلكترونية، المطويات، الملصقات الاشهارية» للتعريف بالتراث الثقافي المغربي وقيمته الجمالية والحضارية، علاوة عن تشجع المنتجين السينمائيين والمخرجين العالميين والمغاربة في توظيف هذا التراث في إنتاجاتهم السينائية وأعمالهم الدرامية وأشرطتهم الوثائقية.
لا مراء بأن الأفراد أو المجموعات هي من تضفي صفة التراث على كل ما أنتجه الأسلاف. وفي هذا الإطار، فإن حماية تراثنا الثقافي من الاندثار والسطو عليه يتطلب جرده وتصنيفه وتوثيقه، وكذا التعريف به علميا، وفي مختلف المحافل والتظاهرات، فضلا عن ضمان استمراريته، وذلك بالكشف عن القيم الثقافية لمختلف أنماط التراث المغربي وتوقع ما يمكن أن يقدمه للحاضر، بالإضافة إلى ضمان الاستمرارية المادية لهذا التراث، وذلك بتبني وسائل استعادة الوجود المادي الأصلي للمواقع الأثرية والذاكرة الجماعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وقف العوامل التي تهدد سلامة تراثنا واستمراريته، فضلا عن اعتماد التدابير الوقائية للحد من تدهوره، ثم أخيرا العمل على تصنيفه في المنظمات الساهرة على التراث دوليا «اليونسكو» وإقليميا «الإسيسكو». كما أنه ينبغي توعية الساكنة بالقيمة التراثية لما يحفل به مجالها من تراث ثقافي مادي وغير مادي، وتشجيعها على الاهتمام بتراثها الذي يعتبر هبة من الماضي للمستقبل، وأكيد بأن توعية الجميع بهذا التراث يجعل الجميع يساهم في التعريف به في مختلف القنوات ووسائل الاتصال بشكل علمي وهادئ دون انفعال.
وفي نفس السياق، ينبغي استثمار الجانب الإعلامي بمختلف مكوناته «الإعلام المرئي، المسموع، المقروء، المواقع الإلكترونية، المطويات، الملصقات الاشهارية» للتعريف بالتراث الثقافي المغربي وقيمته الجمالية والحضارية، علاوة عن تشجع المنتجين السينمائيين والمخرجين العالميين والمغاربة في توظيف هذا التراث في إنتاجاتهم السينائية وأعمالهم الدرامية وأشرطتهم الوثائقية.
ما هو الدور الذي يمكن أن تضطلع به الجامعة والباحثون والمجتمع المدني في حماية التراث المغربي في ظل تسابق البلدان المجاورة للبحث عن هوية ولو على حساب تراث وهوية المغاربة؟
من المعلوم أن التراث أصبح يخضع لرهانات اقتصادية ومالية وسياسية وفنية إلى جانب الرهانات الثقافية، وكذا الرهانات المرتبطة ببناء الهوية والمواطنة، مما يحتم على مختلف الفاعلين في الزمن الراهن العمل على صيانته وإنقاذه وتثمينه. وذلك عبر اتخاذ مجموعة من الخطوات والتدابير تتمثل في مايلي:
من المعلوم أن التراث أصبح يخضع لرهانات اقتصادية ومالية وسياسية وفنية إلى جانب الرهانات الثقافية، وكذا الرهانات المرتبطة ببناء الهوية والمواطنة، مما يحتم على مختلف الفاعلين في الزمن الراهن العمل على صيانته وإنقاذه وتثمينه. وذلك عبر اتخاذ مجموعة من الخطوات والتدابير تتمثل في مايلي:
- دراسة ورقمنة الثراث المغربي، فبالنسبة للتراث الثقافي المادي؛ على سبيل المثال؛ ينبغي دراسة المواقع التراثية والمباني التاريخية والإلمام بكافة أبعادها، واستقراء تاريخها ومراحل تطورها العمرانية، بالإضافة إلى تشخيص وضعها الراهن، ورصد أهم التحديات التي تواجهها، وامكانيات تنميتها ومعوقاتها، وتتنوع آليات هذه المرحلة بين البحث في الأدبيات والمصنفات والمتون التاريخية، وجمع المعلومات الرسمية والإحصاءات ودراستها، وكذلك التحريات الميدانية والأبحاث الأركيولوجية والتواصل مع الجهات والأفراد المعنيين بالموقع.
- وضع استراتيجية شمولية لصيانة وإنقاذ التراث الثقافي المادي وغير المادي، حيث إن هذه الاستراتيجية تحتم على مختلف الفاعلين في حقل التراث أن تقودهم أربع إرادات أساسية تتمثل في إيقاف هدم المعالم المعمارية، ثم بعد ذلك العمل على محاربة الاتلاف عبر الترميم وفق المعايير المعتمدة دوليا، وذلك باحترام مواد البناء التي شيدت بها المعلمة، وكذا تهيئة داخلية وترميم بدون إضافة أو تعديل في مورفولوجية المعلمة ومواد بنائها، وأما الإرادة الثالثة فتكمن في ضمان التواجد المستقبلي: الإحياء عن طريق إعادة إدماج المعلم اقتصاديا واجتماعيا بمنحه وظيفة جديدة مستديمة، وتسهيل إعادة الاعتبار للمسكن «جعله لائقا»، ثم أخيرا تسهيل حركة المرور. وتكمن الإرادة الرابعة في المحافظة على التوازن البشري والتحكم في التحولات الاجتماعية من خلال الموازنة في استقرار السكان ما بين المدن العتيقة والأحياء الحديثة، بالإضافة إلى القضاء على المضاربة بالعقار والبنايات، علاوة عن إطلاق نداء من أجل بعث اهتمام سكان المدن العتيقة واعتزازها بالتراث الثقافي.
- استثمار التراث الثقافي المادي وغير المادي ينبغي أن ينبني على مقاربة حداثية وعملية تروم رد الاعتبار إليه، والمحافظة عليه مع تحسين مستوى العيش وضمان إشعاعه الثقافي، عبر إعادة هيكلة الأنشطة الاقتصادية والثقافية داخل المجال العمراني، وذلك في أفق استراتيجية تجيب عن سؤال التنمية المستديمة في تعاطيها مع التراث بشكل يجعلها تمنحه حياة جديدة مستمرة في الزمان والمكان. ولا يتم ذلك ولا يتحقق إلا من خلال مسايرة التحولات العالمية في انسجام مع التحكم في التقنيات الجديدة وتأهيل الاقتصاد وتكييفه مع متطلبات السوق والرفع من تنافسيته، بالاستناد على استثمار التراث المعماري والخبرة المحلية والقيم الاجتماعية والثقافية والموارد البشرية المحلية وربط كل ذلك بغاية ضمان سبل العيش والرخاء للأجيال الحالية والمقبلة في إطار التنمية المستديمة.
- العمل على الاستفادة من التجارب الناجحة عالميا في إدارة ورسملة هذا التراث المغربي وجعله موردا لمردودية اقتصادية واجتماعية تتجاوز مجرد التقييد والتسجيل في عداد الأثر، وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالبحث عن السبل الناجعة لتوظيف الموارد التراثية المغربية في مشاريع تنموية تنعكس إيجابا على الساكنة الحاضنة للعناصر التراثية المكونة للتراث الثقافي وتسهم في تحسين ظروف عيشها. وفق مقاربة تنفتح على التجارب الوطنية والدولية في استثمار التراث الثقافي ضمن التنمية المحلية.
