السبت 27 ديسمبر 2025
مجتمع

هل أصبحت الدار البيضاء آمنة من شبح الفيضانات؟

هل أصبحت الدار البيضاء آمنة من شبح الفيضانات؟ جدل متواصل حول سلامة الدار البيضاء من الغرق
مع أولى التساقطات المطرية بالدار البيضاء، يضع العديد من البيضاويين أيديهم على قلوبهم خوفا من تكرار سيناريوهات الفيضانات التي عرفتها المدينة في السنوات الأخيرة، ويظل فيضان سنة 2010 من أبرزها.
 
 
وقد جرى تسريع إنجاز مشروع تهيئة وادي بوسكورة، الذي كان يشكل تهديدًا حقيقيًا للمدينة، حيث خُصص له غلاف مالي يناهز 90 مليار سنتيم.
 
فهل أصبحت العاصمة الاقتصادية آمنة من شبح الفيضانات؟
 
آراء عدد من المنتخبين تتباين حول هذه القضية، فبينما يرى البعض أن الدار البيضاء قطعت أشواطا مهمة في الحد من مخاطر الفيضانات، خاصة بعد إنجاز مشروع وادي بوسكورة، تؤكد آراء أخرى أن المدينة لا تزال عرضة لهذا الخطر، خصوصا في الأحياء القديمة والمناطق المنخفضة.

مصطفى الحيا، عضو مجلس مدينة الدار البيضاء،  أكد أن مشروع تهيئة وادي بوسكورة، الذي خُصص له غلاف مالي يناهز 90 مليار سنتيم، كان حلاً ناجعًا لتفادي الفيضانات التي عانت منها الدار البيضاء لسنوات طويلة، موضحا أن الشركة المكلفة بالأشغال أنجزت منشأة فنية تؤدي إلى نفق ضخم يستوعب مياه الوادي، ويمتد لمسافة ستة كيلومترات تحت الأرض، ليتم تصريفها نحو البحر بجوار سيدي عبد الرحمن بعين الذياب.
 
وأضاف أن ما تبقى حاليا هو تدخل جماعة الدار البيضاء لتنقية مجرى الوادي من بعض الأعشاب الضارة، وإزالة الأشجار العشوائية التي قد تتسبب في عرقلة انسياب المياه.
 
وأوضح الحايا أن المشروع مكّن المنطقة من ربح قطعة أرضية شاسعة، بعدما كان الوادي يمر سابقا عبر دوار مقيلبة ويخرج بجوار محطة الترامواي الدار البيضاء الجنوبية، قبل أن يدخل إلى شبكة التطهير السائل قرب مكتب الصرف.
 
وأضاف أن وادي بوسكورة لم يعد يشكل تهديدا للدار البيضاء، مشيرا إلى أن التقديرات التقنية تؤكد أنه حتى في حال تساقط كميات كبيرة من الأمطار تصل إلى 144 مترا مكعبا، فلن يتم تسجيل أي مشكل. غير أنه أكد أن الإشكال الذي لا تزال تعرفه المدينة يرتبط بالنقاط المنخفضة، موضحا أنه تم حل بعض منها، كما هو الحال بزنقة 37 بالحي الصدري عبر إحداث صهريج كبير بجوار المسرح، إضافة إلى الطريق السيار الذي كان يمتلئ بمياه الأمطار، وشارع فاس عند تقاطعه مع شارع 2 مارس، وكذا شارع القدس.
 
وأضاف أن الدار البيضاء تضم حوالي 22 نقطة منخفضة، لم يتم إصلاح سوى أربع أو خمس منها، مشددا على أنه عند استكمال معالجة باقي النقاط يمكن القول إن المدينة لم تعد مهددة بالفيضانات.

مصطفى منضور، عضو مجلس مدينة الدار البيضاء،  أبرز أن مدينة الدار البيضاء لا تزال مهددة بالفيضانات بسبب ضعف وهشاشة البنيات التحتية في عدد من الأحياء، خاصة بمقاطعة الحي الحسني، من بينها الوفاق 1 و2 و4 وليساسفة، حيث تتسرب المياه من تحت المنازل.
 
وأضاف أنه طالب في مناسبات عديدة بإعادة هيكلة قنوات الصرف الصحي، موضحا أنه رغم التدخل في بعض النقاط السوداء مثل شارع محمد السادس ووادي بوسكورة، فإن ذلك لا يعني إنقاذ المدينة نهائيا من خطر الفيضانات.
 
وأكد أن مشكلا آخر يطرح نفسه ويتعلق بأحواض تجميع المياه التي يتم تفريغها في البحر، مضيفا أن هذه المياه تستوجب المعالجة وإعادة استغلالها خاصة في سقي المساحات الخضراء، لما تسببه هذه الأحواض من أضرار بيئية وصحية خطيرة.

وفي السياق ذاته، اعتبر مروان راشدي، عضو مجلس مدينة الدار البيضاء، أن تغيير مسار مجرى وادي بوسكورة جنب مدينة الدار البيضاء أخطارا كبيرة وكوارث محتملة، غير أن ذلك لا يعني أن المدينة أصبحت آمنة بشكل كامل، خاصة في ظل غياب معطيات دقيقة حول وجود مجاري وديان أخرى قد تشكل خطرا مستقبليا.
 
وأضاف أن ما تعيشه الدار البيضاء مع كل تساقط للأمطار يرتبط أساسا بإشكالية قنوات الصرف الصحي في عدد من المناطق، وهو ما يساهم في تسجيل خسائر مادية في صفوف المواطنين.
 
وأكد أن هذا الوضع يستدعي تدخلا عاجلا وإعادة النظر في طبيعة شبكة الصرف الصحي المعتمدة، مع ضرورة تحديثها في إطار مخطط واضح، وليس فقط تزامنا مع فترات التساقطات المطرية.
 
وأضاف أن الشركة الجهوية المتعددة الخدمات على دراية تامة بجميع النقاط السوداء، غير أنه من غير المعقول انتظار هطول الأمطار للقيام بتدخلات استعجالية، حيث غالبا ما يتم حل مشكل واحد وتبقى عدة مشاكل أخرى عالقة بسبب محدودية الإمكانيات اللوجستيكية.
 
وقال: " تعزيز هذه الإمكانيات يجب أن يكون ضمن أولويات التدبير الحضري في ظل التغيرات المناخية، مع ضرورة التحقق من وضعية وادي بوسكورة إن كان لا يزال يشكل تهديدًا والبحث في قضية إمكانية وجود وديان أخرى داخل المجال الحضري للدار البيضاء".