أكد رشيد لبكر، أستاذ جامعي بكلية الحقوق بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، في تصريح لـ"أنفاس بريس"، أن الفاجعة التي حلّت بآسفي، وقبلها فاس، تندرج تحت عنوان عريض اسمه الفساد، وإن اختلفت سياقات الفاجعتين.
وأضاف لبكر أنه، وتحت هذا العنوان العريض، تتوالى العديد من العناوين الفرعية المعبّرة عن الفساد من زواياه المختلفة، وهي الإهمال، واللامبالاة، والفوضى، والاستخفاف، وسوء التدبير…
وقال لبكر في التصريح نفسه: "بعد اطلاعي على عدد من الكتابات التي تناولت هذه الكارثة لتحديد الأسباب ومحاولة الفهم لبناء موقف، تبيّن لي أن الأمر لا يمكن ربطه فقط بوجود سبب قاهر أو قوة فجائية، على اعتبار أنها ليست المرة الأولى التي تفيض فيها أمطار الوادي الذي كان سببًا في المأساة، حيث سبق لآسفي أن عرفت نفس الواقعة خلال مواسم سابقة، سُجّلت فيها بالمدينة ونواحيها بالأساس تساقطات مطرية بمعدلات مرتفعة. وكان بالإمكان أخذ هذا الأمر مأخذ الجد في حينه، والعمل على إيجاد حل وقائي لمجابهته مستقبلاً تفاديًا لتكراره، لكن هذه هي طبيعة تدبيرنا مع هذه الحالات: ننحني للعاصفة حتى تمر، ثم تعود الأشياء إلى سابق عهدها في انتظار استقبال كارثة أخرى. فهل هناك استهتار أكثر من هذا؟
صحيح أنه لا أحد كان يتوقع هطول الأمطار بهذا الشكل المفاجئ، ولكن القاعدة التدبيرية تتأسس نظريًا على حسن التوقع وأخذ الاحتياط، على اعتبار أن عدم قدرتك على التوقع لا يعفيك من أخذ الاحتياط. وإلا، هل يعقل أن تبني حسن ظنك على ظاهرة طبيعية محتملة الوقوع في أي لحظة، وحتى إذا ما تكررت، أغرقتك في أوحال العجز والضعف والسلبية؟ يؤسفني القول إن هذا هو ما حصل بالفعل. وبالتالي لا بد من فتح تحقيق حول أسباب الإهمال وترتيب المسؤوليات الناتجة عنه، إذ كان من السهل بناء قنوات لتوجيه مجرى الوادي نحو البحر وبما يكفي من الصبيب في فترات سابقة، واعتبار ذلك تدبيرًا وقائيًا على سبيل الاحتياط لمواجهة أي مخاطر غير متوقعة، بدل انتظار ما يُحتمل أن يقع إلى أن يقع، فتكون الحصيلة مأساوية بهذا الشكل المحزن جدًا، والذي يسيء إلى سمعة بلادنا مع كامل الأسف".
وأبرز أن آسفي مدينة طال إهمالها وتعددت انتظاراتها، ومن غير المعقول، حسب رأيه، أن تبقى مدينة بحجم تاريخها وحضارتها خارج حسابات الفعل التنموي، على غرار ما تشهده مدن أخرى بالمملكة.
وزاد لبكر قائلًا: "لقد صدق الملك حين قال إن التنمية ببلادنا تسير بالفعل بسرعتين مختلفتين، وآسفي نموذج من نماذج هذا المغرب البطيء الذي تحدث عنه الملك".

