Monday 8 December 2025
مجتمع

الشيخ سيدي أحمد لعروسي... مؤسس قبيلة العروسيين وعلَمٌ من أعلام التصوف بالصحراء

الشيخ سيدي أحمد لعروسي... مؤسس قبيلة العروسيين وعلَمٌ من أعلام التصوف بالصحراء جانب من زيارة أعيان العروسيين لضريح الشيخ سيد أحمد لعروسي
يشكل الشيخ سيدي أحمد بن عمر لعروسي واحدا من أبرز أعلام الصحراء المغربية خلال القرن السادس عشر الميلادي، إذ ارتبط اسمه بتأسيس قبيلة العروسيين، وبمسار علمي وروحي حافل ترك بصمته في التاريخ الديني والاجتماعي للمنطقة.
ينحدر الشيخ سيدي أحمد لعروسي من سلالة شريفة حسينية، تمتد جذورها إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه. وقد أكد عدد من العلماء والمؤرخين هذا النسب، من بينهم الشاعر محمد المأمون بن الشيخ محمد فاضل في قصيدته شجرة اللألئ في نسب العروسيين والنواجي، التي تثبت انتساب العروسيين إلى آل البيت النبوي.
وتشير الروايات التاريخية إلى أن الشيخ سيدي أحمد لعروسي وُلد في الصحراء التونسية داخل أسرة علمية عريقة، قبل أن يهاجر في مقتبل شبابه نحو المغرب رفقة الشيخ سيدي أحمد بوغنبور، جد قبيلة أولاد تيدرارين. وتعددت الروايات حول دوافع هذه الهجرة بين من ربطها برغبة الشيخ في طلب العلم والتزكية الروحية، ومن أرجعها إلى الظروف السياسية الناتجة عن الغزو المسيحي للسواحل الإفريقية آنذاك.
عرف الشيخ سيدي أحمد لعروسي بانخراطه المبكر في الطرق الصوفية، إذ كان من مريدي الولي الصالح عبد الرحمن المجذوب وصاحب علاقة روحية وعلمية وثيقة بالشيخ رحال البودالي. ويُرجَّح أنه تدرّب على الطريقة الزروقية عبر سلسلة روحية متصلة بشيخها أبي الحسن الصنهاجي الدوار، قبل أن يستقر به المقام في منطقة الساقية الحمراء بعد تعرضه لمضايقات في مراكش في عهد السعديين.
واشتهر الشيخ لعروسي بورعه وزهده وظهور عدد من الكرامات على يديه، فكان يجوب الصحراء داعياً إلى العلم والعبادة حتى استقر في موضع يُعرف اليوم بـ"اطبيْلة" قرب الساقية الحمراء، حيث التف حوله المريدون والتلاميذ، ومن أبرزهم الفقيه يوسف بن عابد الإدريسي صاحب كتاب ملتقط الرحلة، الذي وصف أستاذه بالصلاح والعلم والكرم.
وتتوزع ذرية الشيخ بين أبنائه الثلاثة: سيدي إبراهيم الخليفة، وسيدي بومهدي، وعلي بومدين، الذين انحدرت منهم بطون وأفخاذ عديدة شكلت النواة الأولى لقبيلة العروسيين المنتشرة اليوم في مناطق الساقية الحمراء وتيرس ونواحيها. وقد امتد نفوذ هذه القبيلة الروحي والاجتماعي حتى حدود نهر صنهاجة.
وما زالت الذاكرة الصحراوية تحفظ للأجيال اسم الشيخ سيدي أحمد لعروسي باعتباره رمزاً دينياً ومؤسساً قبلياً جمع بين نسب شريف وسلوك صوفي رفيع. وتوفي رحمه الله سنة 1002 هـ / 1593 م، بعدما خلّف تلاميذ ومريدين نشروا علمه وطريقته في ربوع الصحراء المغربية.