Tuesday 11 November 2025

اقتصاد

المغرب بين الانفتاح والسيادة الاقتصادية

المغرب بين الانفتاح والسيادة الاقتصادية رياض مزور وزير الصناعة والتجارة
يُعدّ الانفتاح الاقتصادي من أبرز سمات النموذج المغربي الحديث. فالأرقام تكشف أن المغرب من أكثر الدول انخراطاً في التجارة العالمية، إذ تمثل قيمة المبادلات التجارية (صادرات + واردات) ما بين 80 و90% من الناتج الداخلي الخام خلال السنوات الأخيرة ، وهي نسبة تفوق بكثير ما تسجله العديد من الاقتصادات الكبرى التي تُعرف بانفتاحها أو بقوتها الصناعية.
 
للمقارنة، لا تتجاوز هذه النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 25% فقط، نظراً لحجم اقتصادها الداخلي الضخم واكتفائها الذاتي النسبي في معظم القطاعات. أما الصين، وهي «مصنع العالم»، فمعدل انفتاحها التجاري يقارب 36%، في حين تسجل كوريا الجنوبية، التي تعتمد بشكل كبير على التصدير الصناعي والتكنولوجي، نسبة في حدود 80% — وهي قريبة جداً من المستوى المغربي رغم الفارق في البنية الصناعية والقيمة المضافة.
 
هذا المعطى يوضح أن المغرب، رغم حجمه الاقتصادي المتوسط، يحتل موقعاً متقدماً ضمن الدول الأكثر انفتاحاً في العالم. والاختيار ليس صدفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية تهدف إلى جعل المملكة منصة تصديرية واستثمارية تربط أوروبا بإفريقيا. فالموانئ الكبرى مثل طنجة المتوسط، واتفاقيات التبادل الحر مع أكثر من خمسين دولة، تعزز هذا الدور.
 
لكن الانفتاح ليس بلا ثمن. فبينما تمتلك الصين وكوريا قاعدة إنتاجية وصناعية ضخمة تدعم صادراتهما، يبقى المغرب بحاجة إلى تعميق التصنيع المحلي وزيادة المحتوى المغربي في الصادرات. فكلما زادت القيمة المضافة الوطنية، تقلصت هشاشة الميزان التجاري أمام تقلبات الأسواق العالمية، خاصة في الطاقة والمواد الأساسية.
 
إن انفتاح المغرب الاقتصادي ليس ضعفاً بل طموحاً. غير أن هذا الطموح يحتاج إلى حذر استراتيجي: فالمطلوب ليس فقط أن يتاجر المغرب مع العالم، بل أن يصنع جزءاً أكبر مما يبيعه للعالم. هنا تتجسد المعادلة الدقيقة بين الانفتاح والسيادة الاقتصادية.