سجلت فعاليات المجتمع المدني المغربي في إيطاليا انتصاراً تنظيمياً كبيراً، بعد نجاحها في تصعيد الاحتجاج ضد الكونفدرالية العامة الإيطالية للعمل (CGIL)، أكبر نقابة في البلاد، لدرجة إجبار قيادتها الوطنية على التدخل العاجل وعقد لقاء رسمي مع السفير المغربي بروما (حسب ما أكدته النقابة الإيطالية في بيانها). هذه الخطوة لم تأتِ إلا بعد سلسلة من المراسلات القوية التي فضح خلالها المجتمع المدني الانحياز السياسي للنقابة تجاه قضية الوحدة الترابية للمملكة.
وقد أصدرت "جمعية العمال المغاربة بإيطاليا" بمعية العديد من الجمعيات المغربية الإيطالية الرسالة الأخيرة والأكثر حدة، رافضةً بشكل قاطع أي محاولة لتصفية الأزمة وتجاوز دورها في تمثيل الجالية.
حيث وجهت الجمعيات انتقاداً لاذعاً لـ CGIL، رافضةً وصف الأزمة بأنها مجرد "سوء فهم ناتج عن العنوان" (في إشارة لندوة سيراكوزا). وشددت الجمعيات على أن المشكلة هي سياسية في جوهرها، وتتعلق بـ "انحياز سياسي ومؤسساتي" لا يقبل التبرير.
وقد انتقدت الرسالة بشدة قرار النقابة بتجاوز الجمعيات والفعاليات المستقلة التي قادت الاحتجاج، والتوجه مباشرة إلى مناقشة الأمر مع السفارة. واعتبرت الجمعية هذا التصرف "عملاً سلطوياً"، مؤكدةً أن المشكل الحقيقي هو بين "النقابة والجمعيات المغربية المستقلة" في إيطاليا.
وجاء في الرسالة: "عندما تذهبون للقاء السفير دون استشارتنا، فإنكم ترسلون رسالة مسيئة مفادها أنكم ترون المملكة وكأنها يحكمها نظام ديكتاتوري حيث الدولة هي المتحدث الوحيد باسم المواطنين، وهو عمل نفسره على أنه محاولة لإخضاعنا وإسكات صوتنا".
رغم أن النقابة الإيطالية عبرت عن التزامها بالعمل على قضية حقوق العمال والمتقاعدين المغاربة، وضعت الجمعيات هذا الوعد موضع الاختبار الوحيد لصدق CGIL.
وأشارت الجمعيات إلى أن التعهد بـ "تشجيع التصديق على الاتفاقية الثنائية للحماية الاجتماعية" بين إيطاليا والمغرب (المتوقفة منذ عام 1994) هو العنصر المادي الوحيد ذو القيمة، وشددت على أن: "الدعم الحقيقي لا يُقاس إلا بالتنفيذ الفوري لهذه الاتفاقية، وليس بالانخراط في نزاعات جيوسياسية تعادي منخرطيكم أنفسهم."
وفي ختام رسالتها، طالبت جمعية العمال المغاربة بإيطاليا بمعية العديد من الجمعيات النقابة باتخاذ قرار حاسم: "إما احترام دور المجتمع المدني المغربي في إيطاليا وحماية حقوقه المادية، أو تحمل العواقب المؤسساتية لهذا السلوك الذي نعتبره سلطوياً ومُقسِّماً".
ويؤكد هذا التطور الأخير أن الجالية المغربية، عبر تنظيمها المدني القوي، باتت رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في المشهد السياسي والنقابي الإيطالي، وأن أي محاولة للمساس بقضاياها الوطنية سيكون لها ردود فعل منظمة ومؤثرة على أعلى المستويات.

