تعاني ساكنة مدينة وجدة منذ سنوات من أزمة خانقة في قطاع النقل الحضري، أثارت موجة استياء واسعة بسبب ما اعتبره المواطنون "إقصاءً ممنهجاً" و"حرماناً من خدمة عمومية تحترم الكرامة الإنسانية".
ورغم بلوغ مرفق النقل مرحلة الإفلاس التام، لا تزال مظاهر المعاناة اليومية ماثلة في الشوارع والأحياء الرئيسية، حيث يصطف مئات المواطنين والمواطنات في طوابير طويلة ينتظرون وسيلة تقلهم إلى مقرات عملهم أو مؤسساتهم التعليمية. وفي غياب بدائل حقيقية، يضطر كثيرون إلى المغامرة بحياتهم عبر استعمال "التريبورتورات" والدراجات النارية، بل وحتى العربات المجرورة بالحمير والبغال.
وحسب معطيات ميدانية، فإن من أصل 102 حافلة تعاقدت عليها جماعة وجدة مع الشركة المفوض لها تدبير النقل الحضري ، لا يتجاوز عدد الحافلات التي تشتغل فعلياً 27 حافلة فقط، لتغطي مدينة يتجاوز عدد سكانها 700 ألف نسمة. والأدهى أن أغلب هذه الحافلات في وضعية مهترئة، لا تصلح حتى – كما يصف بعض المواطنين – "لتكون إسطبلاً للدواب".
إلى جانب معاناة الساكنة، يعيش عمال الشركة وضعاً اجتماعياً متردياً، بعد حرمانهم من مستحقاتهم المالية وحقوقهم التي أقرها القضاء، فضلاً عن غياب الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية. ورغم كل ذلك، تواصل الشركة تعنتها في غياب أي تدخل فعلي من السلطات المعنية أو الجهة المفوضة.
ويرى عدد من الفاعلين المحليين أن ما تعيشه وجدة من شلل في مرفق النقل يعكس حالة "البلوكاج التنموي" التي تعرفها المدينة. ويستشهدون في ذلك بمقارنة مع مدن أخرى كطنجة وفاس وأكادير، حيث بادرت السلطات إلى تجديد أسطول النقل الحضري واستقدام حافلات عصرية بمواصفات حديثة، في حين يُنتظر أن يستمر الوضع القائم بوجدة إلى غاية انتهاء عقد شركة موبيليس في دجنبر 2026، أي نحو 14 شهراً إضافية من المعاناة.
ويحذر متتبعون من الانعكاسات الاجتماعية لهذه الأزمة، خاصة على التلاميذ والطلبة، إذ يضطر العديد منهم – خصوصاً طلبة معاهد التكوين المهني في المنطقة الصناعية "تكنوبول" قرب مطار وجدة أنجاد – إلى استعمال "الأوتوستوب" للعودة إلى منازلهم عند حلول الظلام، في مشهد يختزل معاناة مدينة بأكملها.
واختتم أحد الفاعلين الجمعويين حديثه بمرارة قائلاً:وجدة اليوم مدينة منسية، تنميتها متعثرة ومرافقها مشلولة، ومسؤولوها في دار الغفلة... لم تعد تنطبق عليها حتى مقولة المغرب بسرعتين، لأنها ببساطة في حالة عطب تام."