Sunday 26 October 2025
Advertisement
كتاب الرأي

فؤاد بوعلي: اللغة العربية في التعليم العالي.. أيها الوزير جاءك الرد من مدارس التسيير

فؤاد بوعلي: اللغة العربية في التعليم العالي.. أيها الوزير جاءك الرد من مدارس التسيير فؤاد بوعلي
لم يجف الحبر الذي كتبت بها نصوص التعليم العالي الجديد، والعرض الذي قدمه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، حتى أتى الجواب للسيد الوزير من مؤسسات التسيير، بأن وجود العربية في التعليم العالي مجرد تزيين للواجهة المؤسساتية.
قبل أشهر قليلة صدرت بالجريدة الرسمية النصوص التنظيمية الجديدة المتعلقة بالتعليم العالي، والتي تقضي بإلزامية تدريس وحدة باللغة العربية داخل جميع مسالك الإجازة والماستر، بما في ذلك التخصصات العلمية، الطبية، والهندسية، وذلك ابتداءً من الموسم الجامعي 2025-2026، وهو القرار الذي أثار جوا من الفرح والحبور لدى الأساتذة والأساتذة الذين تنادوا إلى التعبير عن نصر تاريخي للغة العربية في التعليم المغربي وأنها المرة الأولى التي تلج فيها لغة الضاد كليات العلوم ومدارس المهندسين وكليات الطب. وقد أشار الوزير في عرضه أمام البرلمان أن من أهم مستجدات النصوص في النظام البيداغوجي: "إقرار هندسة لغوية تكرس مكانة اللغتين الرسميتين للمملكة مع الانفتاح على اللغات الأجنبية" وما لم ينتبه له الكثير من الذين نثروا فرحهم على منصات التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية، معتقدين بنجاح (أسطورة التناوب اللغوي)، أن وجود العربية في مؤسسات التعليم العالي، بالصيغة التي ورد بها لن يكون إلا وجودا شكليا وهامشيا يماثل ما جرى ويجري في مؤسسات التعليم التقني المختلفة. وقد سبق لنا تحليل واقع العربية في مؤسسات التعليم التقني السياحي وخلصنا إلى الغياب شبه الكلي للعربية باعتبارها لغة تواصل وتدريس وحصرها في مادة هامشية وثانوية من حيث الزمن أو المعامل أو البرمجة، وحتى المضمون الذي يدرس يظل بعيدا عن مجال التكوين، مما يجعل هذه المادة عبارة عن ديكور يزين فسيفساء التكوين السياحي
لكن الخطير أن بمجرد صدور القوانين التنظيمية التي بشرت المقتنعين بجديدها يخرج علينا رؤساء شبكة المدارس الوطنية للتسيير بالمغرب في ربوع المملكة بقرار تحجيم وجودها، بل واستبعادها من التدريس، حيث تمت برمجتها في الدورة الثانية، مقارنة ببرمجتها السابقة في كل المستويات من ( الأسدس 1 حتى 5). (كما يقول قرارهم الذي نتوفر على نسخة منه). فما الذي يريد قوله مسؤولو المؤسسات الجامعية؟ وما رأيهم في القوانين الجديدة التي نصت على إلزامية تدريس وحدة دراسية باللغة العربية في المسالك التي تعتمد اللغات الأجنبية كلغة تدريس أساس، في كل التخصصات العلمية والتقنية والمهنية. فالقرار يتسم بوسمين اثنين: اللاقانونية واللاعلمية. فأما خرقه للقانون فهو إجهاز على النصوص التطبيقية ذات الصلة بالتعليم العالي، والنصوص المحدثة سابقا، وأما عدم علميته فالعديد من الدراسات المنجزة من طرف باحثين لسانيين وتربويين واقتصاديين نشرت داخل المغرب توصي، من خلال بحوث ميدانية لتمثلات ومواقف طلبة المدارس العليا للتجارة والتسيير عن اللغة العربية، بضرورة اعتماد اللغة العربية في جميع المؤسسات التعليمية العليا المتخصصة خاصة في الاقتصاد والأعمال فما الذي يريد قوله رؤساء المؤسسات الجامعية؟
الجواب البسيط والمتبادر لكل مطلع على القرار أنه رفض للنصوص التنظيمية التي حرص معدوها على استحضار الهندسة اللغوية كما أتى بها القانون الإطار، ورفض لدستور المملكة الذي ينص على العربية لغة للدولة، ورد على الحالمين باستعادة العربية لمكانتها في التعليم المغربي.