منعم وحتي ماذا لو رفض الشعب الجزائري أطروحة دسائس بومدين بوضع "حجر" في حذاء المغرب، ماذا كان يمنع أن يستمر تعاون تحرير الجزائر الذي لعب فيه المغرب دورا أساسيا عُدَّةً وعتاداً ودعما سياسيا ضداً على الضغط الاستعماري، وقد ارتمى عسكر الجزائر في حضن فرنسا آنذاك.
ماذا لو تنبه انفصاليو البوليساريو منذ مدة طويلة، وقبل فوات الأوان، إلى أن فاتورة الحرب كانت مكلفة جدا، بالمقارنة مع ورقة فاتورة السلام التي يلوحون بها الآن، ماذا كان يمنع أن تسمح ميلشيات تندوف بأن يزور الأخ أخاه والابن أمه من محتجزي المخيمات لأهلهم في بقية تراب الصحراء.
ماذا لو لقيت النداءات الوحدوية للوالي مصطفى السيد آذانا مغربية صاغية، ومتبصرة لرؤية الشباب الصحراوي آنذاك في تحرير الصحراء من الكولونيالية الإسبانية في ظل السيادة المغربية، وبتكامل مع اليسار الوحدوي المغربي، ما كنا سنترك لعسكر الجزائر وليبيا فرصة أن يصطادوا في الماء العكر لشبابنا.
ماذا لو وعى قيس سعيد بأن الأزمة الأخيرة لمنع لوبي التمور التونسية دخولها للمغرب، كان يحركها لوبي عسكر المرادية، حتى استفاق سعادة الرئيس متأخرا ليجد أنه فاقد لاستقلال القرار السياسي بتونس، وبأن شنقريحة من يمضي الاتفاقات الاقتصادية التونسية، مقابل فتات بعض البترودينارات.
ماذا لو ركز المغرب على اللُّحمة الداخلية بتوازٍ مع الرحلات المكوكية الخارجية، وأثبتنا للعالم بانتخابات مستقلة ونزيهة، أن ممثلي المغاربة بالصحراء أفرزتهم صناديق اقتراع شفافة وكثيفة، وهؤلاء النواب هم المُحَاوَرُونَ في أي تسوية مستقبلية، فلا حكم ذاتي من داخل التراب الجزائري بتندوف، بل داخل الصحراء المغربية وبين أبناء وبنات المغرب.
ماذا لو امتلكت الدول المغاربية الحد الأدنى من النضج، بأن تشييد صرح الوحدة المغاربية التكاملية بفتح الحدود وحرية تنقل كل الساكنة والبضائع، حلم كان يمكن أن يتحقق بَيْنِياً بوجود الإرادة السياسية لدول المغرب الكبير ودون تدخل العَرَّاب الأمريكي، وبتجنب التنازلات المهولة اتجاه الوساطات الخارجية.
ماذا لو تحول الفضاء المغاربي، لدولة كبرى وشعب واحد يتقاسم مقدراته تكاملياً، بشكل يضمن العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحقوق والحريات، والعيش المشترك الكريم والإنساني والثقافي المتنوع والمنفتح، فضاءٌ تنمحي فيه الحدود، وتكون لإرادة الشعوب كلمتها في تنمية اقتصادية عادلة تعم الجميع.
ماذا لو.. امتلك الجميع جرأة تحويل أحلام الشعوب المغاربية إلى خطة طريق واقعية نحو سلام عادل مدخله طي ملف الصحراء اتجاه تأكيد مغربيتها الأصلية وتوسيع مفهوم الحكم الذاتي العادل والتكاملي والديمقراطي لبقية جهات المغرب.. في أفق توسيعه لبقية الجهات المغاربية، فلا حدود بين الأشقاء.
