Tuesday 30 September 2025
كتاب الرأي

عزيز رباح: التنمية العادلة ممكنة من أجل مغرب بسرعة موحدة

عزيز رباح: التنمية العادلة ممكنة من أجل مغرب بسرعة موحدة عزيز رباح
عندما تحدث الملك محمد السادس عن معضلة "المغرب بسرعتين"، وأكد أنه ليس هو المغرب الذي يريد ويسعى إلى بنائه ويكدّ من أجله، ودعا إلى بناء مغرب العدالة الاجتماعية والمجالية بالجدية اللازمة، من خلال برنامج تنموي يشمل جميع فئات الشعب وجميع المناطق، لم يكن ذلك من نافلة القول أو الفعل، بل هو التزام ملكي وواجب وطني وتأكيد على الوفاء تجاه شعبه. 

خاصة أن هذه الرسالة التقييمية للواقع والاستشرافية للمستقبل وردت في خطاب العرش، الذي هو بمثابة تقييم وتجديد في آن واحد، يجدد التعاقد المتين بين الملك والشعب. 

المغرب الذي نريد:
فجلالة الملك يريد مغربًا لا تعيش فيه فئات ولا مناطق على الهامش، ولا تبقى خارج الاستفادة من عوائد موجة المخططات التنموية الواعدة التي انطلقت منذ أكثر من عقدين ونصف. فقد أجاب استباقيًا على مطالب المواطنين، لكن يبقى التحدي في التطبيق. 

فالأمر ليس مجرد تعديل جزئي أو تقني لمسار التنمية، بل هو مراجعة عميقة من أجل مسار جديد تتوحد فيه السرعات في سرعة واحدة؛ أي نهضة إصلاحية وتنموية عادلة ينعم بثمارها كل أبناء الوطن ومناطقه. 

الحاجة إلى قرارات صادمة: 
وقد يحتاج الأمر إلى بعض القرارات الصادمة والعاجلة غير المعهودة. 
ومن ذلك أولا: قراران حاسمان لتوجيه عشرات المليارات من الدراهم إلى الجهات والأقاليم، وقطاعات التعليم والصحة والتشغيل والماء. لأن ذلك لا يحتمل التأخير، ليسير المغرب بسرعة واحدة ويعالج الشعور بالغبن لدى فئات عريضة تعدّ بالملايين، وتنتظر أن تنال نصيبها من التنمية وعوائدها. 

القرار الأول: الشراكة بين العام والخاص 
الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإنجاز المشاريع واستغلالها، وفق مقاربة تضمن التحكم في الجودة والتعرفة والربحية. وفي هذا المنحى هناك عدة مقاربات نختار منها الأنسب لبلدنا ولكل قطاع. 

ولنا في تجربة بلادنا في الكهرباء والماء دروس متميزة بإيجابياتها وسلبياتها، يُستفاد منها، وأيضًا في تجارب دول كثيرة لنا معها شراكات متقدمة. 

القرار الثاني: تمديد آجال الإنجاز 
تمديد سنة أو أكثر في آجال الإنجاز، خاصة في المشاريع التي ليست مرتبطة بمواعيد ملزمة أو بظروف استعجالية، كالصحة والتعليم والماء. 

عقبة "عقيدة الصفقات العمومية": 
لكن وجب الحذر من بعض المثبطين المتحكمين في دواليب القرار الإداري والمالي، الذين تسيطر عليهم "عقيدة الصفقات العمومية". أولئك الذين يريدون أن نستمر في النهج نفسه: أي توفير الميزانيات الضخمة، ولو بالاقتراض أو على حساب برامج تهم فئات عريضة ومناطق كثيرة، ليدبّروا هم الصفقات الكبرى، وليس غيرهم، في الوزارات والمؤسسات والشركات العمومية والجماعات المحلية. 

فهي شبكة مترابطة فيما بينها من إداريين ومهنيين واستشاريين ومراقبين... يؤمنون بـ"عقيدة الصفقات العمومية"، ليس لمصلحة الوطن، ولكن ليستفيدوا من العوائد المتعددة لهذه الصفقات! 

أولوية الصحة والتعليم والماء والشغل: 
إن من شأن هذين القرارين تغيير أولويات تدخل الدولة إلى أولويات آنية في الصحة والتعليم والماء والشغل، لصالح فئات عريضة كالشباب والفقراء وساكنة القرى وهوامش المدن. 
وطبعا يحتاج هذا التغيير المنهجي إلى تشريع وحكامة مناسبين لتحقيق الأهداف المرجوة. 

دروس من التجارب الدولية: 
دول كثيرة، حتى الغنية منها، تخلت عن المنهج التقليدي في الاستثمارات العمومية، وأحدثت ثورة تنموية عادلة محورها الإنسان أولًا ودائمًا. 
وللحديث بقية، والخير أمام.