Monday 22 September 2025
مجتمع

الجامعة الوطنية الثانية للشباب بأكلو: خمسون سنة من إشعاع الشعلة واستثمار في قادة الغد

الجامعة الوطنية الثانية للشباب بأكلو: خمسون سنة من إشعاع الشعلة واستثمار في قادة الغد مشاركة 100 شاب وشابة في تجربة غنية بالتكوين والنقاش والإبداع
في إطار دينامياتها الشبابية المتجددة، احتضن المركز الوطني للتخييم بأكلو بإقليم تزنيت في الفترة الممتدة من 19 إلى 23 شتنبر 2025 فعاليات الجامعة الوطنية الثانية للشباب التي نظمتها جمعية الشعلة للتربية والثقافة تحت شعار: “من أجل شباب مؤمن بقيم المواطنة والتطوع”. وقد عرفت هذه المحطة الوطنية مشاركة مائة شاب وشابة من مختلف الفروع والجهات، لتجديد العهد مع قيم الحوار والانفتاح والإبداع، وللاحتفاء بخمسين سنة من إشعاع جمعية جعلت من التربية والثقافة والتطوع مدرسة لصناعة الأمل وفضاءً لتأهيل الطاقات الصاعدة.
 
انطلقت الجامعة بالدرس الافتتاحي الذي أطره الأستاذ معاد مرغاط، عضو المكتب الوطني للجمعية، والذي اختار له عنوانا دالا: “خمسون سنة من الإشعاع”. حيت شكل لحظة تأمل في ذاكرة وطنية حية ساهمت في تشكيل وعي أجيال متعاقبة. وأكد أن خمسين سنة من تجربة الشعلة تعد رصيدا نوعيا ساهم في تكوين وتأطير آلاف الشباب الذين حملوا على عاتقهم قضايا المجتمع، ودافعوا عن حقوق الطفولة والشباب والمرأة، وأسهموا في نشر قيم الحرية والديمقراطية والمواطنة والتطوع...وأوضح أن الشعلة بفضل تجاربها و تراكماتها في مجال الترافع تمتلك اليوم مشروعا مجتمعيا مفتوحا على النقاش الحر، يجعل الشباب في صلب معارك التنمية والعدالة الاجتماعية. 
 
واعتبر تفس المتحدث أن اللحظة الراهنة تفرض على الشعلة وقفة جديدة لتجديد الأفكار والمقاربات وتوسيع فضاءات الإصغاء لنبض الشباب باعتبارهم الحاضر والقوة الدافعة لمستقبل البلاد.
 
في سياق متصل شكلت الورشات التفاعلية العمود الفقري للجامعة، حيث استفاد المشاركون من ثلاث محطات أساسية. الورشة الأولى أطرها الأستاذ عبد الله وهبي حول موضوع “المهارات الناعمة في العالم الرقمي”، وركز فيها على الكفاءات غير التقنية التي تمكن الشباب من النجاح في بيئة رقمية متغيرة مثل التواصل، القيادة، العمل الجماعي والتفكير النقدي، مؤكدا أن النجاح في العصر الرقمي يتطلب الجمع بين الكفاءات التقنية والمهارات الإنسانية. أما الورشة الثانية فقد أطرها الأستاذ مصطفى مرا حول “الشباب والذكاء الاصطناعي”، مستعرضا الفرص التي يتيحها هذا المجال في التعليم والشغل والإبداع إلى جانب التحديات الأخلاقية والمعرفية التي يطرحها، داعيا الشباب إلى الارتقاء من مستهلكين إلى منتجين ومساهمين في تطوير حلول مبتكرة تراعي البعد الإنساني وتخدم التنمية. فيما خصصت الورشة الثالثة للخبير يوسف تعزيز عن منظمة هجرة وتنمية حول موضوع “الانخراط المواطن والمتضامن للشباب”، حيث فتح نقاشا حول دور الشباب في ترسيخ قيم المواطنة الفاعلة والتضامن المجتمعي، وكيفية تحويل هذه القيم إلى مبادرات ملموسة تعزز العدالة الاجتماعية والتنمية المحلية والوطنية، مؤكدا أن الانخراط المواطن ممارسة يومية تبدأ من الالتزام بالمسؤولية في الحياة المدرسية والجامعية وصولا إلى المبادرات المدنية الكبرى.
 
وتميزت الجامعة ببرمجة فنية وثقافية غنية ومتنوعة، حيث احتضنت عروضا في المسرح والموسيقى والفنون التعبيرية، أبدع خلالها شباب الجمعية في تقديم لوحات تعكس قضاياهم وتطلعاتهم وجسدت طاقات خلاقة وأبرزت أن الثقافة والإبداع جزء لا يتجزأ من المشروع التربوي للشعلة. ولم تقتصر الجامعة على التكوين والفرجة، بل خصصت مساحة واسعة للنقاش الحر عبر حلقات شبابية، حيث تبادل المشاركون وجهات النظر حول قضايا الساعة مثل الديمقراطية، المشاركة السياسية، العدالة المجالية، ومكانة الشباب في السياسات العمومية في مجالات التشغيل والصحة والتعليم والإدماج الاجتماعي ...كانت هذه الحوارات بمثابة مختبر للتفكير الجماعي وفرصة للتعبير الحر وممارسة النقاش الديمقراطي في أجواء يسودها الاحترام والتعددية. 

ومن بين التجارب الجديدة التي أثارت إعجاب المشاركين إحداث استوديو بودكات قار داخل الجامعة، حيث خضع الشباب لتدريب عملي في إدارة الحوار الصحفي انطلاقًا من تقنيات الإعداد ومرورا بفن طرح الأسئلة وصولا إلى إخراج الحوارات بالصوت والصورة، وهو ما منحهم فرصة لاكتشاف عالم الإعلام الرقمي وكسر الحاجز بين التكوين النظري والتطبيق العملي.
 
وقد أجمع المؤطرون والمشاركون على أن الجامعة الوطنية تشكل مدرسة لصناعة القادة الشباب. فمن خلال العيش المشترك، وتقاسم المسؤوليات، وإدارة الأنشطة بشكل جماعي، يكتسب الشباب خبرات حياتية تعزز لديهم روح القيادة والمسؤولية والقدرة على العمل ضمن فريق، مما يجعل الجامعة امتدادا طبيعيا لمسار جمعية الشعلة التي آمنت منذ تأسيسها بأن الشباب مستقبل الوطن وحاضره. وعلى امتداد نصف قرن ظلت الجمعية فضاءً للتربية والثقافة والتطوع، لقد شددت مختلف المداخلات على أن المرحلة المقبلة تتطلب مضاعفة الجهود في مجالات التكوين والتأطير، وتوسيع فضاءات المشاركة، وتبني مقاربات مبتكرة تدمج بين التكنولوجي والإنساني، وبين المحلي والوطني، وبين التفكير الفردي والعمل الجماعي. واختتمت الجامعة الوطنية الثانية للشباب بتجديد التأكيد على أن جمعية الشعلة ستبقى وفية لقيمها التأسيسية المتمثلة في التربية والثقافة والمواطنة والتطوع، وهي قيم جعلت منها منارة في المجتمع المدني المغربي ومصنعا للأمل وحاضنة للأجيال القادمة. 
 
وبقدر ما شكلت الجامعة فرصة للاحتفاء بمسار نصف قرن من العطاء، فإنها كانت أيضا إعلانا عن بداية جديدة تؤسس لمرحلة يكون فيها الشباب ليس فقط مستفيدين من الأنشطة، بل فاعلين أساسيين في صياغة المبادرات وصانعين للمستقبل.