Friday 15 August 2025
كتاب الرأي

أحمد الحطاب: أينكم يا أحزابنا السياسية!!؟

 
 
أحمد الحطاب: أينكم يا أحزابنا السياسية!!؟ أحمد الحطاب
من المعروف أن بعض الحيوانات، وخصوصا، الثدييات les mammifères، عندما تكون أحوال الطقس سيِّئة في فصل الشتاء، فيها برودة ومطر وثلوج تدخل في سُبات hibernation، أي تدخل في نومٍ عميق تفقد فيه حيويتَها المعتادة sa vitalité habituelle وحركيتَها sa mobilité. بمعنى أن نشاطِها الاعتيادي son activité diminue يقل إلى اقصى حد. حينها، حرارةَ أجسامها تنخفض، ويتباطأ إيقاع ضربات قلوبها وتنفسها… وهذا يؤدي إلى انخفاض أيضِها rédaction de son métabolisme لمواجهة سوء أحوال الطقس.
فعندما نقول إن فلانا دخل في سُباتٍ عميق، فهذا تعبيرٌ مجازي، المقصود منه هو أن هذا الفلان لم يعد ناشطا أو نشيطا actif كما كان سابقا، لا على مستوى الفكر ولا على مستوى العمل وتأثير هذا العمل على الغير. وذلك رغم أن سُباتَ الحيوانات ليس هو سبات البشر. البشر، في حالة سُبات، يبقى أيضُهم عادياً leur métabolisme reste normal، أي يعيشون حياةً عاديةً من الناحية البيولوجية والفسيولوجية. ما يفقدونه، هو حيويتهم الفكرية leur vitalité intellectuelle وفعاليتهم الفعلية داخل المجتمع leur efficacité effective au sein de la société، بمعنى أنه لم يبق لهم أي تأثير على هذا المجتمع.
وهذا هو ما وقع لأحزابِنا السياسية، كيفما كانت، وطنية، إدارية، منشقة عن الأحزاب الأم، يسارية، يمينية، وسطية، ليبرالية، اشتراكية، شيوعية. أحزاب لا يختلف بعضها عن البعض الآخر إلا بالتَّسميات الرنانة ne diffèrent que par des dénominations prétentieuses. فإذا كانت الأحزاب السياسية الحقيقية يختلِف بعضها عن البعض الآخر بأيديولوجياتِها leurs idéologies ومبادئها leurs principes، فأحزابُنا السياسية اختزلت أيديولوجياتِها ومبادئها في التَّسابق نحو كراسي السلطة.
وهنا، لا فرقَ بين الأحزاب السياسية الموجودة في الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية التي، من المفترض، أن تُشكِّلَ معارضةً قوية وبنَّاءَة une opposition forte et constructive. كل أحزابنا السياسية يمكن تصنيفُها في خانة "وْلادْ عبْدْ الواحْدْ كاعْ واحْدْ". وهذا المثل المغربي المشهور يُفيد بأن سلالة "عبد الواحد" تتشابه، أي لديها صفات مشتركة موروثة عن "عبد الواحد". فما هي، بالنسبة لأحزابنا السياسية، الصفات التي تجعل هذه الأحزاب تتشابه؟
الصفات المشتركة التي تجعل أحزابَنا السياسية تتشابه، هي الفساد والزبونية والمحسوبية ومبدأ "من بعديَ الطوفان"، وكل ما يجعل "الأحزاب السياسية في وادٍ" و"الشعب المغربي في وادٍ آخرَ". لماذا؟
لأن أيَّ حزب سياسي، كيفما كان، عندما يصل إلى كراسي السلطة، ولم يجعل من محاربة الفساد أولويةَ الأولويات، فإنه إما فاسد وإما جعل من التَّطبيع مع الفساد أولويةً من أولوياته. لماذا؟ لأن الفسادَ هو أكبر مُعَرقلٍ للتنمية بجميع أشكالِها، البشرية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، العلمية…
كل أحزابنا السياسية، عندما تصل إلى كراسي السلطة، وخصوصا إلى كراسي السلطة التنفيذية، تتصرَّف وكأنها "حكومة تصريف الأعمال" un gouvernement d'expédition des affaires courantes, أي حكومة تضمن استمرارَ سلطة الدولة واستمرار الخدمات العمومية.
وهذا هو شأن الحكومةَ الحالية، إذ أن الأحزاب السياسية المُشكِّلة للأغلبية البرلمانية والحكومية، لا هي حاربت الفساد ولا هي أوجدت حلولاً لغلاء المعيشة الذي أرهق المواطنين منذ صعود هذه الأغلبية إلى سُدة الحكم.
بل الأحزاب السياسية تتعاقب على كراسي السلطة والمشكلات الأساسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية… التي تُعرقلُ تقدُّمَ البلاد وازدهارَها وتنميتَها، لا تزال  قائمة : الفساد، الفوارق الاجتماعية والمجالية، جودة المنظومة التربوية، الفقر، البطالة، الامية، التوزيع العادل والمُنصِف للثروة، النهوض بالبحث العلمي وتدعيمه مالياً…
في نهاية المطاف، المواطنون يتساءلون، وبألحاحٍ  كبير :
1.ما هي الغاية من وجود الأحزاب السياسية  في المشهد السياسي المغربي؟
2.وهل سيتغيَّر شيءٌ ما إذا اختفت هذه الأحزاب السياسية من هذا المشهد السياسي المغربي؟
لا أملك جوابا على هذين التَّساؤلين، لكن ما يفرضه المنطق علينا، هو أن نقولَ : "إن أحزابنا السياسية عبارة عن أشباحٍ، عندما تصل إلى كراسي السلطة، تدخل في سُباتٍ عميقٍ ولا تستيقظ منه إلا عند اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. أما وجودها في كراسي السلطة، فهو مُصنَّفٌ في خانة "مرور الكِرام". لك الله يا وطني في انتظار الفُرجة!