Thursday 31 July 2025
كتاب الرأي

عبد الغني السرار: الخطاب الملكي يظهر حرص المؤسسة الملكية على الإعداد الجيد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة

عبد الغني السرار: الخطاب الملكي يظهر حرص المؤسسة الملكية على الإعداد الجيد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة عبد الغني السرار
تضمن الخطاب الملكي السامي مساء أمس الثلاثاء 29 يوليوز 2025، بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش المجيد العديد من المحاور والقضايا الكبرى التي تشغل بال المؤسسة الملكية انطلاقا من روابط البيعة، باعتبارها ميثاقا مقدسا بين الملك وشعبه. ومن جملة القضايا التي وردت في الخطاب الملكي، تأكيد أعلى مؤسسة بالبلاد حرصها الشديد على إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، في موعدها الدستوري والقانوني العادي، مع تأكيده على ضرورة توفير المنظومة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية.

وعليه، يمكن القول بأن حرص المؤسسة الملكية على الإعداد الجيد، للانتخابات التشريعية المقبلة لعام 2026، ودعوته لوزير الداخلية لفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين السياسيين، يأتي في سياق الأهمية التي توليها المؤسسة الملكية للمسار الانتخابي بالمغرب باعتبارها، الآلية الديمقراطية التي من خلالها يتم فرز أغلبية حكومية تتولى تدبير الشأن العام الوطني انسجاما مع روح الفصـل 11 من الدستور الذي نص على أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، وأيضا انطلاقا من كون أن الأغلبية البرلمانية ستفرز التشكيلة الحكومية التي تشتغل بجانب المؤسسة الملكية وستشرف وتتولى السهر على تنزيل التوجيهات والبرامج التنموية والاقتصادية التي تقودها المؤسسة الملكية.

 وفي نفس الوقت، تشكل دعوة الملك الموجهة لوزير الداخلية بفتح مشاورات موسعة مع الفرقاء السياسيين استمرارا للدعوات الملكية السابقة لتفعيل المقاربة التشاركية التشاورية المنصوص عليها في مقتضيات دستور 2011، مع تبني الحياد التام إزاء المترشحين، وبعدم التمييز بينهم. وبالتالي، فحرص المؤسسة الملكية على الإعداد الجيد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة وتوفير المنظومة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية، فيه تطمين موجه لجميع مكونات المشهد السياسي بالمغرب أغلبية ومعارضة، التي كانت منذ أول انتخابات تشريعية (في 17 ماي سنة 1963) ترفض اشراف الجهاز التنفيذي ممثلا في وزارة الداخلية على تدبير العمليات الانتخابية والإشراف عليها، ذلك أن اشراف الأخيرة على العملية الانتخابية يرافقه دوما تشكيك من الفاعلين السياسيين في نزاهتها، وهذا التشكيك لم يقتصر على أحزاب المعارضة فقط التي ما فتئت تطالب بإحداث لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات التشريعية، أو على الأقل تطالب ب"الحياد الايجابي للإدارة"، بل شمل حتى أحزاب الأغلبية بالرغم من التدابير التي اعتمدها الأخيرة: كالسماح للملاحظين الدوليين والوطنيين من ولوج مكاتب التصويت وتمكين المرشحين عبر ممثليهم من حضور أشغال لجان الإحصاء بالعمالات والأقاليم وتعيين ممثلين لهم داخل مكاتب التصويت.

يمكن القول، بأن سهر الملك على مرور الاستحقاقات الانتخابية في أحسن الظروف والأحوال، هو نابع من روح الفصـل 42 من الدستور، باعتبار الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، ويسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي. وبالتالي، فالاهتمام الملكي بالمسار الانتخابي وما يؤطره من قوانين تنظيمية وعادية، يعتبر إشارة ايجابية تبدد كل المخاوف التي تثيرها بعض مكونات المشهد الحزبي، سيما وأن المتأمل للمسار الانتخابي المغربي لا يسعه إلا أن يسجل ذلك الانتقاد السياسي الحاد الذي كانت توجهه أحزاب المعارضة السياسية للاطار القانوني الناظم للعملية الانتخابية، بحيث كانت ولا زالت تنظر له على أساس أنه ليس عملية إجرائية، بل تعتبره أداة تقنية وسياسية لا تسمح لها بتشكيل أغلبية مريحة، كما حصل مع  القاسم الانتخابي الذي تم العمل به في الاستحقاقات التشريعية 2021 وما طرحه من نقاشات سياسية من قبل مكونات المشهد السياسي أو من خلال نمط الاقتراع أو التقطيع الانتخابي سابقا.
 
عبد الغني السرار/ أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالجديدة