لخصوم المغرب، المنضوين تحت لواء مكاتب الانتداب التي تحترف تخوين الوطن، تقليد لا تحيد عنه. فكلما اقترب عيد العرش، حركت تلك المكاتب أذرعها في الداخل والخارج لمضاعفة الخيانات، وذلك وفق منهج محبوك لا يكتفي بنقد السياسات العمومية، أو استثمار الأخطاء الملازمة لكل سير عمومي، ولا تكتفي بالتشهير بالحكومة، وباقي المؤسسات العمومية. كما لا تكتفي بشحذ آلتها الجهنمية للإساءة إلى مسلسل عمل المغرب من أجل حل عادل للنزاع المفتعل في صحرائنا بتوافق مع المنتظم الدولي. بل إنها تذهب مباشرة إلى المؤسسة الملكية، وتستهدف مباشرة المؤسسات السيادية أو المؤسسات الاقتصادية الاستراتيجية الواقعة ضمن اختصاص المؤسسة الملكية عبر تسونامي من التلفيق، وعبر شلال من الفايك نيوز، لاقتناعها أن ضرب تلك المؤسسات السيادية الاستراتيجية هو استهداف للملك مباشرة.
هنا يجب الاعتراف بأن استراتيجية الأعداء والخونة على وعي تام بالقيمة المثلى التي تمتلكها المؤسسة الملكية في قلوب المغاربة أولا، ومن خلال المكانة التي يضطلع بها ملك المغرب شخصيا، في رعاية مسار التحول داخليا عبر مسؤولياته الدستورية المتمثلة في حماية سير المؤسسات، والسهر على استقرار المغرب، وكذلك من خلال المكانة التي تشغلها بلادنا على مستوى علاقاته الدولية، سواء عبر الدور الذي يلعبه المغرب في الإسهام في استقرار محيطه الإقليمي والجهوي، أو على مستوى إسهامه في استتباب الأمن الدولي من خلال مشاركة وحدات القوات المسلحة الملكية في بؤر النزاعات الدولية، وفي تطويق الهجرة السرية والاتجار في البشر ومقاومة الإرهاب والانخراط في المجهود الدولي لمحاربة الجريمة العابرة للحدود وتجفيف منابع التطرف…
الاستراتيجية البئيسة التي يقترفها خصومنا ووكلائهم بالداخل لها مرجعان واضحان:
- خدمة أجندة هؤلاء الخصوم والأعداء والخونة المسكونين بالحقد التاريخي على المغرب، والمنصاعين للعقدة التاريخية التي تستوطن عقل الدولة الجارة التي حُشرنا معها في الجوار، والتي جعلت من مقومات ممارسة «السيادة» المزعومة الحرب على المغرب عوض الاختيار الموضوعي الذي يفرض عليها أن تنكب أساسا على حل مشاكل مواطنيها، ومعالجة أعطاب الدولة والمجتمع المتراكمة منذ نيل استقلالها عوض أن تظل تعيش، منذ ذلك الاستقلال، وعيا شقيا مركبا من عناوينه الأولى وفرة الغاز والبترول مقابل الخصاص الأمني والاجتماعي والاقتصادي والروحي... وهلم بؤسا.
- أما المرجع الثاني فيعود إلى أجندة مكاتب الانتداب ذاتها، والتي تستمد ضغائنها من الروح الخبيثة للمرتزقة «المغاربة»، داخليا وخارجيا من دعاة العدمية وأنصار عقيدة «امسح السما بليكا» التي تستعير أدواتها من الإشاعة أولا، ومن صناديق «الدعم» التي يتلقونها من مال الشعب الجزائري، ومن مناصري دولة العصابة المنتمين لبعض المنظمات في الغرب.
أَمَا والوضع كذلك، ماذا عسى المغرب أن يتصرف به إزاء هذا التهجم الشرس المتنطع الذي يعصى معنى الأخلاق ويخالف منطق السياسة؟
الواقع أن ليس للمغرب إزاء ذلك سوى الاستمرار في الاختيار التي يشبه ملكه وشعبه، وهو مواجهة الخصوم والأعداء بالدعوة لهم بسلامة العقل ورجحانه، وبالهداية نحو تبنى خيار السلام الذي هو قدر شعوبنا وكل ساكنة العالم. إنه الاختيار ذاته الذي نتمناه لخونة المغرب في الداخل والخارج: العودة إلى الوطن بما هو الحضن الأليف الغفور الرحيم.
وسواء لبى خصومنا وأعداؤنا، جوهر دعواتنا لهم بالرشد والرجحان، فالمغرب الذي هو سليل قرون من السيادة، ومن العمل الإيجابي في صنع المستقبل، لا يمكن إلا أن يكون ذلك المغرب الذي بايع ملكا عظيما تشهد كل سنة من احتفالاته بتخليد الإشراقات المتواصلة بأنه ماض في بناء انفتاحه الديمقراطي، وفي الوفاء لرهانه التنموي وفي تأطير التدافع المشروع والمدني لتياراته وأحزابه. أما الآخرون فليشربوا بحار المتوسط وكل المحيطات.
كل عيد عرش والمغرب وفيّ لقدره المحفوظ دعما لاستقرار وطنه.
.png)