- العامل محمد بن الفاطمي الحمري يصنع الحدث:
في كثير من الأحيان يكون البسطاء والمهمشون هم صانعوا الأحداث والفاعلون فيما يترتب عنها من نتائج، ومع ذلك، تختفي أسماؤهم أو تغيب، ليفسح المجال للحدث بمفرده.
في كثير من الأحيان يكون البسطاء والمهمشون هم صانعوا الأحداث والفاعلون فيما يترتب عنها من نتائج، ومع ذلك، تختفي أسماؤهم أو تغيب، ليفسح المجال للحدث بمفرده.
فمحمد بن الفاطمي العامل البسيط بعفويته المعهودة، وصدقه ونباهته، هو من صنع الحدث باكتشافه للجمجمة التي حولت جبل إيغود من منجم لاستخراج البارتين، إلى أهم موقع أثري عالمي لأقدم إنسان عاقل، وهو ممن قادوا إلى التحولات الإيجابية التي سيعرفها الجبل ومحيطه.
ولو لم يفعل، محمد بن الفاطمي ما قام به من عمل إنساني نبيل، وتجرد من سلوكه القويم، واستحضر ظروف العمل القاسية ومعاناته مع المشغل، وهوى بالفأس التي كان يستعملها لاستخراج المعدن، على الجمجمة التي عثر عليها وحولها إلى شظايا، واستمر في استخراج المعدن، كان أمر الجمجمة المكتشفة والجبل سيكون أمرا منسيا.
لكن الرجل، وبقية العمال البسطاء: عبد القادر النجاري من دوار المناصرة الضلعة، وعبد القادر الشطاطة، ومحمد الإمامة من دوار الزعيترات، ومحمد بن المامون، والمتوكل...إلخ، كانوا دائما يستحضرون قيمة الجبل وما يزخر به من ذخائر ثمينة، لذلك اعتبر بن الفاطمي الجمجمة من الذخائر، فحملها بلطف بيديه وقدمها للمسؤول عن الشركة، مساهما بذلك في خلق الحدث.
في سنة 1961، وبمحض الصدفة عثر أحد عمال الشركة التي كانت منكبة على استغلال منجم البارتين الواقع بجبل إيغود منذ الفترة الاستعمارية، على جمجمة ستعرف فيما بعد ب "جمجمة إنسان إيغود".
في سنة 1961، وبمحض الصدفة عثر أحد عمال الشركة التي كانت منكبة على استغلال منجم البارتين الواقع بجبل إيغود منذ الفترة الاستعمارية، على جمجمة ستعرف فيما بعد ب "جمجمة إنسان إيغود".
وعلى إثر هذا الاكتشاف الهام الذي قام به محمد بن الفاطمي الحمري، أحد عمال الشركة، قام الباحث الفرنسي ايميل اينوشي،(Emile .Ennouchi) أستاذ بكلية العلوم ببوردو ببحث أركيولوجي في الموضع الذي وجدت فيه الجمجمة الأولى، حيث سيكتشف جمجمتين لهما صفة ( الإنسان النيوندرتالي (Néanderthalien) نسبة إلى إحدى المناطق الألمانية) وبقايا عظمية أخرى، وعثر على الكل وسط مجموعة من الأدوات الحجرية من الصنف المسمى بالصناعة » الموستيرية (Moustérien) ››
كما تم العثور على موقد مهم للنار، ومجموعة من الحيوانات المنقرضة والمتنوعة...مما يؤكد وجود حياة بشرية وحيوانية بالجبل ومحيطه.
وما يهم من هذا الاكتشاف هو أقدمية الإنسان بالمنطقة، حيث قدر عمر الجمجمتين بـ 50 ألف سنة، وفي ذلك التاريخ كان الإنسان الأوربي، "إنسان النيوندرتال" يصنع أدوات من الصنف المسمى ب: الموستيري، وبكيفية أوتوماتيكية أصدر الأنثروبولوجيون آنذاك رأيهم بأن "إنسان إيغود" هو إنسان النيوندرتال المغربي بدون زيادة.
يتبع