ظلت مقاطعة سيدي عثمان بالدار البيضاء، منذ عقود طويلة، مثار جدل واسع بسبب انعكاسات توطين مجموعة من الأسواق الكبرى فوق ترابها (سوق الجملة للخضر والفواكه، سوق السمك، المجازر البلدية...). حيث يرى متتبعون أن مثل هذه المشاريع لم تجلب سوى "صداع الرأس"، وأن المنطقة لم تستفد من أي درهم من وجودها.
هذا الجدل عاد من جديد إلى سيدي عثمان، لكن هذه المرة من باب مشروع من نوع آخر، وهو "كازا تيك فالي"، النسخة الجديدة من "كازا نيشور" في سيدي معروف. وقد تباينت ردود الفعل بين مؤيد لإنجاز المشروع وبين من يرى أن مجلس مدينة الدار البيضاء يفرط في فرصة ثمينة لتحسين مداخيله، لصالح الجهة المنفذة، وهي صندوق الإيداع والتدبير.
ويُقام مشروع "كازا تيك فالي" على مساحة تزيد عن 6 هكتارات، ويهدف إلى إحداث أزيد من 20 ألف منصب شغل مباشر في مجالات التكنولوجيا الحديثة، والابتكار الرقمي، والذكاء الاصطناعي.
حسن لقفيش، عضو بمجلس مدينة البيضاء، أكد أن المدينة ستستفيد بشكل كبير من مشروع "كازا تيك فالي" الذي سيتم إنجازه في مقاطعة سيدي عثمان، على اعتبار أن النسخة الأولى من هذا المشروع، الذي يوجد في سيدي معروف، استفاد منه العديد من شباب المدينة.
واعتبر أن مشروع "كازا تيك فالي" يعد أهم مشروع سيتم إنجازه بالبيضاء بعد الباصواي والطرامواي.
وقال حسن لقفيش: " توظيف 20 ألف موظف في "كازا تيك فالي" بعد إنجاز المشروع ليست مسألة سهلة، لأن 20 ألف موظف يعني 20 ألف عائلة. وسيكون الأمر مجال منافسة بين المقاطعات لجلب مثل هذه المشاريع، ومجلس المدينة لن يخسر أي شيء من هذه العملية ولكن سيجني الثمار من ورائها، لأن ذلك مجرد حلقة في مسلسل العديد من المشاريع التي سوف تنجز في سيدي عثمان بعد ترحيل الأسواق الكبرى (سوق السمك وسوق الجملة للخضر والفواكه والمجازر)".
من جهة أخرى قال مصطفى الحايا، نائب رئيس مقاطعة مولاي رشيد بالبيضاء، في تصريح ل "أنفاس بريس " : "لسنا ضد مشروع "كازا تيك فالي" في مقاطعة سيدي عثمان بالبيضاء، ولكن سيتم إزالة مجموعة من المرافق التي تضخ في خزينة المجلس الجماعي مداخيل مهمة، على اعتبار أن سوق الجملة للخضر والفواكه لوحده يضخ 16 مليار في السنة، الأمر الذي يتطلب التفكير في تعويض هذه المداخيل المهمة، وذلك من خلال شراكة مع الجهة التي ستنجز هذا المشروع مادام أن الجماعة هي صاحبة الأرض ومن حقها فرض شروطها".
وأضاف أن صندوق الإيداع والتدبير سيستفيد من 140 هكتارًا مقابل 70 درهمًا للمتر، وحينما سيتم إنجاز المرافق ستُمنح للمدينة بـ2500 درهم بالتقسيط المريح، علما أنه تم الاتفاق، حسب مصطفى الحايا، على 5 آلاف درهم في وقت سابق، لكن تم العدول على هذا الاتفاق.
وزاد محدثنا قائلا : "سيتم إدخال الملايين مقابل كراء "البلاطوات" للشركات العالمية، ما سيضخ في خزيتة صندوق الإيداع والتدبير ملايين كثيرة، والمجلس غادي يكب الماء على كرشو. إن مدينة البيضاء في حاجة ماسة إلى الرفع من مداخيلها المالية من أجل تجاوز المشاكل التي تعرفها، ولا يمكن بمبرر التشغيل قبول التفريط في حقوق المجلس، لأن التشغيل ليس من مهام الجماعة ولكن مأمورية الحكومة، و"كل واحد يدير شغالو، فلو تم كراء الأرض بمبالغ مالية مهمة من قبل مجلس المدينة سيتم استغلالها في العديد من القضايا الأخرى التي تعود بالنفع على الساكنة.
وأبرز إن إزالة العديد من الأسواق الكبرى من مقاطعة سيدي عثمان سيحكم على العديد من المواطنين بالبطالة، وهذا يضرب في العمق شعار التوظيف الذي يتم رفعه البعض عن المشاريع التي سيتم إنجازها مستقبلًا في المنطقة. مؤكدا أن الدار البيضاء لا بد أن تكون شريكا في هذا المشروع.