Friday 9 May 2025
خارج الحدود

جورج حايك: بعد تحذيرها الشديد.. هل ستجد "حماس" نفسها في مواجهة الجيش اللبناني وكل الشعب الداعم له؟ (مع فيديو)

جورج حايك: بعد تحذيرها الشديد.. هل ستجد "حماس" نفسها في مواجهة الجيش اللبناني وكل الشعب الداعم له؟    (مع فيديو) جورج حايك يتوسط الصورة إلى جانب الرئيس اللبناني
أكد جورج حايك، الكاتب السياسي اللبناني، أنه لم يتعاطَ أي عهد رئاسي مع السلاح الفلسطيني في لبنان كما يتعاطى معه عهد الرئيس جوزاف عون، "وربما للمرة الأولى نلمس هذا الحزم، وخصوصاً بعد تحذير المجلس الأعلى للدفاع حركة "حماس" من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي اللبناني، بعدما ثَبُتَ أن عناصر تابعة لها أطلقت صواريخ باتجاه اسرائيل، فردت عليها الأخيرة بقصف جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأضاف الحايك، أنه يبدو أن الزمن الأول تحوّل، وجنوب لبنان، تطبيقاً للقرار 1701 لم يعد أرضاً سائبة، وقد شعرت “حماس” في لبنان بأن الدولة اللبنانية لن تتساهل في هذا الموضوع، ما دفعها فوراً إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية وسلّمت المتورطين في إطلاق الصواريخ إلى اسرائيل. 

لكن المسألة لم تنتهِ هنا، وهناك معلومات باتت موثوقة بأن الحكومة اللبنانية تنوي حلّ مسألة السلاح الفلسطيني داخل المخيّمات وخارجها، وقد أقدمت “الجبهة الشعبية” في مخيم البداوي من تلقاء نفسها على تسليم الجيش اللبناني ما لا يقل عن 800 صاروخ، ما يؤكّد أن الدولة برئاسة عون بدأت مرحلة جديدة لن تتهاون فيها مع أي سلاح غير شرعي، وأهمها السلاح الفلسطيني. 

الدولة اللبنانية جادة في متابعة هذا الموضوع، وستطرحه مع المعنيين بهذا السلاح من الجانب الفلسطيني وباتت مؤكّدة في هذا السياق زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت في 21 ماي 2025. 

وتشير مصادر مواكبة لتحضيرات الزيارة إلى أنه سيتناول ملفات حساسة، أبرزها ملف سلاح المخيمات الفلسطينية، في سياق مساعٍ لتنسيق المواقف بين السلطة الفلسطينية والحكومة اللبنانية، إضافة إلى موضوع الحقوق المدنية للفلسطينيين والسعي إلى إعادة تطبيق ما تم الاتفاق عليه مطلع التسعينيات من خلال سعي الحكومة إلى تسهيل الأمور المتعلقة بيوميات الفلسطينيين في لبنان، إلّا ما يتعلق بموضوعي حق الحصول على الجنسية اللبنانية وحق الدخول إلى ملاك الدولة. 

ليس هناك خطر من جانب عباس، لأنه متفهّم جداً للموقف الرسمي اللبناني، وقد يتّفق مع حكومة نواف سلام على تسليم سلاح حركة “فتح” الموجود في المخيمات في لبنان إلى الجيش اللبناني، لكن هناك شكوك كثيرة حول تعاون “حماس” وبعض الفصائل الأخرى مع توجّهات الدولة اللبنانية، علماً أن عباس قد لا تكون كلمته نافذة على هذه الفصائل بسبب الخيارات الاستراتيجية الكبيرة، وارتباط بعضها بالصراع الاقليمي الكبير ولا سيما محور الممانعة الذي تقوده إيران. 

تشير المعطيات المتوافرة الى أن الحكومة اللبنانية تفضّل حلّ موضوع السلاح سلمياً ومن دون اللجوء إلى القوة والعنف، وهذا الحل كلفته أقل حتماً على الجميع، لكن لا تريد أن تستبق المفاوضات مع “حماس”، وربما تعاونها في مسألة تسليم المتورطين في إطلاق الصواريخ هي مؤشّر ايجابي يُبنى عليه. 

وتلفت مصادر معنية بهذا الملف إلى أن عباس ينوي تشكيل لجنة أمنية مكلّفة بالاشراف على عملية نزع السلاح ووضع جدول زمني واضح لتسليمه. وفي حال عدم امتثال الفصائل لتوجيهات الدولة اللبنانية وقرار عباس، فإنها ستفقد كل الدعم التنظيمي والسياسي، وستكون عرضة لنزع السلاح بالقوة. وليس سراً أن هذا القرار ترعاه السعودية عبر جهود وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود. 

لا شك في أن “حماس” قد تتمسّك بعاملين أساسيين لتبرير عدم تجاوبها مع دعوات نزع السلاح: الأول هو استمرار الحرب الاسرائيلية على غزة وارتباط هذا السلاح بالمقاومة هناك، والسبب الثاني يتعلّق بحرمان الفلسطينيين من حقوقهم المدنية، والسبب أن الدولة اللبنانية كانت تحمي حقهم في العودة. علماً أن الفلسطينيين في لبنان لا يزالون ممنوعين من ممارسة 32 مهنة، ولا يُسمح لهم إلا بالوظائف الشاقة. 

لذلك، قد يحاول عباس نزع كل المبررات التي تتسلّح بها “حماس” عبر مفاوضاته مع الدولة اللبنانية للحصول على ضمانات تأخذ في الاعتبار الحقوق المدنية للفلسطينيين من دون منحهم الجنسية اللبنانية لأنها تؤدي إلى التوطين، وهذا أمر مرفوض من جميع اللبنانيين. 

أما ربط “حماس” مسألة تسليم سلاحها بما يحصل في غزة فقد يكون أمراً جدلياً، وتعتبر مصادر مطلعة فلسطينيّة أن هذا الموضوع قد لا يستطيع عباس حلّه بمفرده، وخصوصاً أن اسرائيل تطرح بدورها نزع سلاح “حماس” في غزة، وتهدد بهجوم واسع على القطاع لإنهاء قضية الرهائن وإخراج 20 ألف مقاتل من “حماس” من هناك. وتؤكّد المصادر المطلعة أن هذه كلّها عوائق ستواجهها الدولة اللبنانية في مقاربة موضوع سلاح “حماس”، على الرغم من أن السلاح الموجود في المخيّمات لم يُفد القضية الفلسطينية بشيء إنما إستخدم لتصفية حسابات داخلية بين الفصائل الفلسطينية، ولا يبدو أن السلطة اللبنانية ستتعامل بمرونة مع مطالب “حماس” في ما يخص إبقاء السلاح وربطه بالصراع في غزة، لأن لبنان متمسّك بالقرار 1701 الذي ينصّ على نزع سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ويمنع أي عمل مسلّح من الجنوب اللبناني ضد اسرائيل، ولا سبب وجيهاً للسماح بإستمرار هذا السلاح في لبنان. 

في المقابل، يخشى بعض الفلسطينيين في لبنان من “حرب أخرى على المخيمات” ضد “حماس” شبيهة بما حصل في نهر البارد عام 2007، ويعتبر اتهام الحكومة اللبنانية لـ”حماس” بالوقوف وراء الصواريخ “مقدمةً لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان”، لكن كثراً من الفلسطينيين يعتبرون أن الدولة اللبنانية محقة في قرار نزع السلاح الفلسطيني لأنها مسألة سيادية، ويشعرون بضيق هامش المناورة للتفاوض على إبقاء السلاح. 

ولا بد من أن تجري “حماس” حساباتها جيداً وتأخذ في الاعتبار أن خياراتها ستنعكس على سكّان المخيّمات، فإذا كانت متعاونة ستوفّر على الفلسطينيين تشتتهم طلباً للحماية أو دفع فاتورة الدماء، وإذا لم تكن متعاونة، فستجد نفسها بمواجهة الجيش اللبناني وكل الشعب داعم له. 

واللافت أن الرئيس عباس سيؤمّن الغطاء السياسي للدولة اللبنانية إذا قررت الإحتكام الى السلاح وحلّ المسألة عسكرياً، فهو كان صريحاً في دعوة الفصائل الفلسطينيّة، على تنوّعها، للإستجابة إلى الدولة اللبنانية، وهذا الموقف ليس بعيداً عن موقفه في ما يتعلق بغزة، إذ طالب “حماس” بالاستسلام والإفراج عن جميع الأسرى المحتجزين في القطاع، متهماً إياها بإعطاء إسرائيل ذريعة لمواصلة هجومها على غزة. 

قرار المجلس الأعلى للدفاع ليس ارتجالياً، بل يأتي انسجاماً مع التزامات الرئيس عون في خطابه الافتتاحي، الذي أكّد فيه سيادة لبنان وعزمه على بسط سلطته الحصرية على كامل التراب الوطني، وبالتالي الحكومة تعوّل على زيارة الرئيس عباس من جهة، والمرونة التي أبدتها “حماس” في موضوع تسليم المتورطين في إطلاق الصواريخ من جهة أخرى. 

في المقابل، ستولي الدولة اللبنانية اهتماماً كبيراً لدرس مشروع قانون يتعلق بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين وأمنهم واستقرارهم وسلامتهم. فهل يكون صيف 2025 موعداً لتسليم السلاح الفلسطيني في لبنان؟