الأحد 1 ديسمبر 2024
منبر أنفاس

عبدالله سدراتي: توظيف آليات عفا عنها الزمن لإنتاج الوجاهة السياسية والدينية والاجتماعية .. "درعة تافيلالت نموذجاً "

عبدالله سدراتي: توظيف آليات عفا عنها الزمن لإنتاج الوجاهة السياسية والدينية والاجتماعية .. "درعة تافيلالت نموذجاً " عبدالله سدراتي

يحدث أن يتسلل بعض الأفراد، سفها وجهلا، للخوض في قطاعات علمية ومشارب فكرية أفنى فيها العقلاء زهرة حياتهم، مشقة وطلبا للعلم بأدواته المعرفية وشروطه المهنية والأخلاقية.

 

وهكذا خاض المتنطعون فيما لا تبلغه مداركهم، ولا تفقهه محدودية ثقافتهم .. وهو ما يجعل مقام التأدب يفرض علينا أن نتوجه ناصحين، قائلين: لا ينبغي لمن ليس طبيبا أن يتطبب، ولا لمن ليس أستاذا أن يدرس، ولا لمن ليس فقيها أن يفتي ويحدث، وإنه لحري بمن لم يترقى في سلم العلم والتكوين في أسلاك الدراسات العليا وفي أصناف العلوم: مثل الطب والآداب والكمياء والقانون.. أو في شعبة أو قطاع معرفي متخصص، أن يدع المجال لأهله من المتخصصين، والأساتذة الباحثين الذين راكموا تجارب، وخبروا الواقع والميدان، وخاضوا إشكالاته وفهموا مقاصده وتمكنوا من تحولاته.

 

وليس بباحث -بالمفهوم العلمي والأكاديمي-من لم يسبق له أن أنجز بحثا علميا أو ميدانيا في صنف من أصناف العلوم الإنسانية أو الاجتماعية أو التجريبية الدقيقة.

 

أما ما نسجله في الفترة الأخيرة من اقتحام بعض الأشخاص لحقول رمزية ومهن نافذة برصيد محتشم أو من دون رصيد؛ اتخذهم الناس رؤوسا جهالا، يسألون ويفتون بغير علم، فمرده هو البحث عن صناعة الوجاهة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، أو حتى الدينية، بل إن البعض حسب ما يروجه راديو الشارع قد بدأ يتلذذ وينتشي بالوجبات السريعة كتابة، وفنا، وممارسة وولوجا للمجالات الرمزية. وكما يقال جبر الخواطر أعطى للبعض صكا بأن يمتلك مقومات تجعله يبحر في محيطات الكتابة والفن والإعلام والطب والهندسة، لذا فعلى الإنسان أن يبقى وفيا لرقم حذائه، فرغم ما يقوم به بعض "الأعيان" الجدد من توظيف لآليات عفا عنها الزمن لإنتاج الوجاهة الاجتماعية بعدما فقدوا أسهمهم في بورصة السياسة، نلاحظ البعض منهم لضمان استمراريته يقوم على نسج علاقات وتنويع مصادر الاستقطاب؛ بالوسائل المتاحة المشروعة وغير المشروعة في ظل نسق مفتوح على الصراع والتنافس الاجتماعي..

 

يقول الدكتور عبدالرحيم العطري في كتابه سوسيولوجيا الأعيان ، آليات إنتاج الوجاهة السياسية : بأن النتيجة التي انتهى إليها جون واتربوري قبلا، ماتزال تمتلك جانبا من الوجاهة ، وذلك فيما يخص الإستعادات المستمرة للفائت وامتداداته في الراهن ، " فالتناقضات القديمة والنزاعات القبلية يعود إحياؤها في أزياء عصرية "، فالأحزاب السياسية تساهم ، عن طريق حملتها الدعائية في ترسيخ السلوكات السياسية التقليدية بالتركيز على الشخص وعلى العائلة والعلاقات العشائرية " ، فسواء كانت هذه الأحزاب تعلن الإنتماء إلى اليسار أو اليمين أو الوسط أو تجد هويتها في مقترب ديني خالص ، فإنها ، عن طريق مرشحيها تستعيد الاشتغال على القرابي من أجل الدخول إلى غمار التنافس السياسي ..