الجمعة 10 مايو 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: الانتخابات البرلمانية الجزئية و الجزاء الديمقراطي

صافي الدين البدالي: الانتخابات البرلمانية الجزئية و الجزاء الديمقراطي صافي الدين البدالي
في الدول الديمقراطية تكون الإنتخابات الرئاسية أو الإنتخابات  العامة أوالجزئية مناسبة عقابية أو جزائية للحزب، أو الأحزاب التي تقود الحكومة أو تترأس الدولة . 
وهي مناسبة تقرر فيها الجماهير الشعبية مصيرها الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والسياسي باختيار اللون المناسب والتخلي عن غيرالمناسب أو الإستمرار على نفس الإختيار السابق .
إن الإنتخابات  تظل آلية من آليات التداول السلمي للسلطة، وهي الوسيلة الوحيدة لتحقيق التداول الدوري للسلطة بعد مرور عدد من السنوات الأمر الذي يسمح للناخبين بمحاسبة الحزب أو الإئتلاف الحزبي الذي وصل إلى السلطة في الإنتخابات السابقة. هكذا يتم التداول على السلط بدون إكراه ولا اغتصاب الأنفس والأرواح. و التداول السلمي للسلطة لن يتحقق إلا في إطار نظام سياسي ديمقراطي.
 
إن مناسبة هذا القول هو بناءا على نتائج الإنتخابات البرلمانية الجزئية التي جرت في  فاس  يوم الثلاثاء 23 أبريل  2024 بدائرة فاس الجنوبية، لملء المقعد البرلماني الشاغر بعدما أسقطت المحكمة الدستورية النائب عبد القادر البوصيري عن التجمع الوطني للأحرار المتابع قضائيا في ملف فساد مالي وإداري. ورغم ذلك اكتسح حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج هذه الإنتخابات ، فحصل مرشحه ( حزب التجمع الوطني للأحرار) خالد العجلي، على الرتبة الأولى  بـ9767 صوتا، يليه حزب العدالة والتنمية بـ 3854 صوتا ثم حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بـ 2642 صوتا. 
 
والسؤال المطروح هو هل هذه الإنتخابات  تنسجم مع القواعد  الديمقراطية التي من خلالها تتم محاسبة الحزب إما بمعاقبته بعدم التصويت عليه ، إذا ما تبث أنه  يخل بالأخلاق السياسية ويقود البلاد إلى الهلاك ، أو بنصرته بالتصويت عليه، إذا ما ثبت أنه حقق للشعب مكتسبات؟؟.. إنه المنطق الديمقراطي الذي دأب عليه الغرب بشكل عام لضمان التقدم والتنمية والإزدهار؟هل هذه الإنتخابات رغم العزوف الذي عرفته، كانت عقابية في حق حزب يترأس الحكومة التي أشعلت النار في  جيوب الشعب من خلال رفع  أسعار المحروقات ،رغم هبوط  أثمنتها في السوق الدولية ،وبالتالي هو المتحكم فيها ليحقق أرباحا خيالية على حساب القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات ؟؟ طبعا لا، لأنها زكت نهب المال العام و الفساد ،بل أعطت إشارة بإمكانية هذا الحزب من استمرار هذا الحزب على رأس الحكومة في الإستحقاقات المقبلة ، لأنه يحمي الفساد والمفسدين ويشجع على اقتصاد الريع، وعلى خطورة الاقتصاد غير المهيكل وعلى الإثراء غير المشروع ،لأننا أمام ديمقراطية فاسدة في أبشع صورها.
وهكذا ستستمر آلة التخلف تتصدى لكل بناء ديمقراطي حقيقي يضمن المحاسبة و المساءلة و ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب...