السبت 27 إبريل 2024
فن وثقافة

أحمد كافي: الدروس الحسنية عرف قديم مع تغير التسميات.. وهذا ما تميزت به فـي عهد المرحوم الحسن الثاني

أحمد كافي: الدروس الحسنية عرف قديم مع تغير التسميات.. وهذا ما تميزت به فـي عهد المرحوم الحسن الثاني أحمد كافي

يتحدث أحمد كافي، أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية، في هذا الحوار عن تاريخ الدروس الحسنية الرمضانية، وعن مقاصدها، وأسباب تميزها في عهد المرحوم الحسن الثاني:

 

ما هو سياق إحداث الدروس الحسنية؟

نؤكد ابتداء أن هذا العرف، وهذه الأنشطة قديمة في تاريخ الإسلام والمسلمين، حيث كان يجتمع السلطان، أو الولاة مع أعيان المجتمع من الفقهاء، والأدباء وغيرهما من الصفوة العالمة في المجتمع، فيكون لكل اجتماع موضوع يتذاكرونه بينهم.

وفي هذه الإطار، تحتفظ كتب التاريخ، والطبقات بالكثير من هذه الدروس التي كان الاجتماع حولها، ولربما كانت المناظرة حول بعض الحقائق الشرعية، أو الأدبية، أو التاريخية، أو السياسية... وغيرهما. ويمكن أن نضرب المثال للتوضيح ها هنا بكتاب واحد مشهور، ضمن بين دفتيه بعضا من هذه الدروس، والأنشطة العلمية التي كانت تجري بحضرة السلطان والولاة، ألا وهو كتاب أبي حيان التوحيدي المسمى بـ: "الإمتاع والمؤانسة". وفيه زبدة القول، ونظر الأعيان من الفقهاء، وغيرهم في كل يوم أو لقاء موضوعا تكون المدارسة بينهم حوله.

 

وما هو سبب التسمية بالدروس الحسنية؟

هذه التسمية تعود إلى عهد حكم الملك الحسن الثاني، وهو إسم يعود تاريخه إلى عام 1963 م، حين أطلق على هذه الدروس في عهده رحمه الله تعالى، فهو إذن إسم مشتق من إسم راعي هذه الدروس، ألا وهو الملك الحسن الثاني.

 

هل يتم تغيير الاسم من عهد إلى آخر؟

بالتأكيد، وكما سبق ذكره بأن هذه المجالس العلمية كانت منذ عهد الدولة الإسلامية قديما. وكانت المجالس تعرض فيها كبرى المسائل، والحلول التي يتم إبداؤها في النوازل التي تلم بالمجتمع.

وفي المغرب، فإن التسمية قد تقلبت بحسب كل عهد، حيث كانت تسمى بمجالس الفقهاء في العهدين المرابطي، والموحدي، وبالمجالس العلمية في العهد المريني، وبالدروس الحديثية في عهد الحسن الأول، وبالمجالس العلمية الحديثية في عهد الملك الراحل محمد الخامس، وبالدروس الحسنية في عهد الملك الحسن الثاني. وهو إسم يعود تاريخه إلى عام 1963 م كما سبق ذكره.

 

بماذا تميزت الدروس الحسنية في عهد المرحوم الحسن الثاني؟

يمكننا رصد مظاهر ما تميزت به الدروس الحسنية في عهد الحسن الثاني، من خلال ما يلي:

1- أنها لم تقتصر على علماء المغرب وفقهائه، وأهل الشأن فيه، بل كان يحضرها، ويتقدم فيها بإدلاء الرأي كبار أهل العلم من العالم الإسلامي شرقا وغربا. فقد جلس للدرس الحسني من كبار علماء المغرب، العلماء الآتية أسماؤهم: علال الفاسي، والمكي الناصري، والرحالي الفاروق، وعبد الله كنون، ومحمد الأزرق، وعبد الكريم الداودي.. ومن خارج المغرب، نذكر من المشايخ: محمد متولي الشعراوي، وعبد الفتاح أبو غدة، ويوسف القرضاوي، ومحمد سعيد رمضان البوطي، وأبو الأعلى المودودي، ومحمد الفاضل ابن عاشور...وغيرهم كثير.

2-أنها كانت تُناقش من طرف العلماء الحاضرين بعد الانتهاء من المجلس السلطاني، وبحضور صاحب الدرس.

وقد نشرت هذه الدروس، كما نشرت أيضا المناقشات في مطبوعات لوزارة الأوقاف. وكان يدلي العلماء بنظرهم، ورأيهم في الدرس موافقة عليه، وتأييدا له، أو مناقشة لبعض أفكاره؛ ومخالفة صاحب الدرس في درسه.

3- إن هذه الدروس كانت تعرف مناقشات حادة من علماء المجتمع أيضا، من الذين لم يحضروا لهذه الدروس. ونجد هذه الردود في كبرى الصحف، والمجلات في المغرب وخارجه، نقدا لبعض مضامينها. كما حصل مع الدرس الحسني الرمضاني الذي ألقاه وزير الأوقاف السابق الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري، ودرسه الذي جلب القول فيه بين أهل العلم، والذي كان يدور حول حديث: "السلطان ظل الله في الأرض".

4- أنها أصبحت شهرا واحدا وهو رمضان، مع أنها كانت في بعض العهود شهورا، ففي عهد السلطان الحسن الأول، كانت هذه الدروس تمتد ثلاثة أشهر، وهي: رجب وشعبان ورمضان.

5- أن الملك الحسن الثاني قد شارك بنفسه في بعض أيام رمضان بتقديم الدرس أمام السادة العلماء. ومنها: درسه الذي اختار عنوانا له: الأمانة وجلالة قدرها في شريعة الإسلام.

 

ماهي مقاصد هذه الدروس الرمضانية؟

يمكن رصد مقاصد هذه الدروس الرمضانية السلطانية، فيما يلي:

1- أن يستمعوا لنبض المجتمع وهمومه، ويقفوا عند الأفكار والهموم التي يحملها هؤلاء الوسطاء الاجتماعيون، ألا وهم العلماء.

2- تربية أبناء السلاطين على الذوق وعلى الأفكار العظيمة من خلال مجالستهم كبار القوم ممن يشكلون العمود القري للدولة والمجتمع.

3- التنشئة الاجتماعية لأبناء السلطان، والأعيان على هذه المجالس الكبيرة التي سوف يكون منها في مستقبل الأيام الأمراء، والوزراء، وكتاب الدولة وغيرهم. فلا بد وأن ينشؤوا سياسيا بالجلوس إلى كبار القوم في كل مجال، ومنه: المجال الديني.

4- الوقوف عند تفكير الصفوة العالمة في المجتمع، فإن غرض الدولة أيضا أن تعرف جيدا من خلال مكانة هؤلاء في المجتمع وأهميتهم، على ما يحملونه من آمال وآلام. ولذلك لا تريد أن تعزلهم عن التفاعل مع القضايا، فجعلت لهم هذا المنبر للتعبير عن مكنونات عقولهم، والوقوف عند آمالهم.