Tuesday 10 June 2025
كتاب الرأي

المدني دروز: دعوة الملك لإصلاح مدونة الأسرة استجابة لضرورة مجتمعية ملحة

المدني دروز: دعوة الملك لإصلاح مدونة الأسرة استجابة لضرورة مجتمعية ملحة المدني دروز
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬وإصلاح‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة،‭ ‬هو‭ ‬استجابة‭ ‬لمطالب‭ ‬اجتماعية‭ ‬وحقوقية‭ ‬وإنسانية،‭ ‬وينسجم‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬الذي‭ ‬يتقدم‭ ‬ويتطور‭. ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬إصلاح‭ ‬وثيقة‭ ‬المدونة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬عليها‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬سنة‭ ‬لمواكبة‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭.‬

أريد‭ ‬أن‭ ‬اذكر‭ ‬فقط‭  ‬بالتقرير‭ ‬السنوي‭ ‬2022‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬لأنه‭ ‬يتضمن‭ ‬ويختزل‭ ‬أغلب‭ ‬المطالب‭ ‬المطروحة‭ ‬للنقاش‭ ‬العمومي‭.‬

يقول‭ ‬التقرير‭ ‬إن‭ ‬تعديل‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬أصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬لمناهضة‭ ‬التمييز‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬النوع‭ ‬الإجتماعي،‭ ‬داعيا‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬المدونة،‭ ‬بما‭ ‬يكفل‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة‭ ‬وحماية‭ ‬السلامة‭ ‬الجسدية‭ ‬للأطفال‭ ‬بإلغاء‭ ‬الاستثناء‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬20‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬بتزويج‭ ‬الأطفال‭. ‬

ووضع‭ ‬المجلس‭ ‬ضمن‭ ‬أولوياته‭ ‬موضوع‭ ‬المساواة‭ ‬ومناهضة‭ ‬التمييز‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬النوع،‭ ‬وعيا‭ ‬منه‭ ‬بأن‭ ‬تمكين‭ ‬المرأة‭ ‬وتحقيق‭ ‬المساواة‭ ‬الفعلية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التمتع‭ ‬الفعلي‭ ‬بجميع‭ ‬الحقوق‭ ‬شرط‭ ‬أساسي‭ ‬لبناء‭ ‬مجتمع‭ ‬عادل‭ ‬يصون‭ ‬كرامة‭ ‬كافة‭ ‬أفراده‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تمييز‭. ‬حيث‭ ‬تميزت‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬بتنوع‭ ‬وتعدد‭ ‬تدخلات‭ ‬المجلس‭ ‬ضمن‭ ‬مجالات‭ ‬عدة‭ ‬تروم‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬والتحسيس‭ ‬بالإشكالات‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬وتأطير‭ ‬النقاش‭ ‬العمومي‭ ‬حولها‭ ‬مع‭ ‬فاعلين‭ ‬مؤسساتيين‭ ‬ومدنين‭ ‬مختصين‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنشطة‭ ‬تهم‭ ‬التحسيس‭ ‬بأهمية‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬المساواة‭ ‬والمناصفة‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬السياسي‭.‬

بل‭ ‬إن‭ ‬المجلس‭ ‬أطلق‭ ‬حملة‭ ‬وطنية‭ ‬لمناهضة‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬«ما‭ ‬نسكتوش‭ ‬على‭ ‬العنف»،‭ ‬بهدف‭ ‬تشجيع‭ ‬ضحايا‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬العنف‭ ‬ومناهضة‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬نونبر‭ ‬2021 ‬إلى‭ ‬25‭ ‬نونبر‭ ‬2022،‭ ‬بهدف‭ ‬التحسيس‭ ‬بخطورة‭ ‬مختلف‭ ‬أشكال‭ ‬العنف‭ ‬وسوء‭ ‬المعاملة‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬التي‭ ‬أضحت‭ ‬تتخذ‭ ‬أشكالا‭ ‬متعددة‭ ‬كالعنف‭ ‬الجسدي‭ ‬والنفسي‭ ‬والجنسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والثقافي‭ ‬والرقمي‭ ‬والابتزاز‭ ‬الجنسي‭ ‬والاتجار‭ ‬بالبشر‭.‬

وتقول‭ ‬الاحصائيات‭ ‬إن‭  ‬المجلس‭ ‬ولجانه‭ ‬الجهوية‭ ‬تلقوا‭ ‬152‭ ‬شكاية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬الناجيات‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬لازلن‭ ‬يفضلن‭ ‬الصمت‭ ‬وعدم‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬العنف‭ ‬المرتكب‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الخاص‭. ‬وقد‭ ‬تراوحت‭ ‬مواضيع‭ ‬هذه‭ ‬الشكايات‭ ‬بين‭ ‬التعرض‭ ‬للعنف‭ ‬الزوجي‭ ‬وإسقاط‭ ‬الحضانة‭ ‬والطرد‭ ‬التعسفي‭ ‬مع‭ ‬التعنيف‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المشغل،‭ ‬والتهديد‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الجنسية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬نزاعات‭ ‬معروضة‭ ‬على‭ ‬القضاء‭. ‬
 
مديرية الأمن توصلت بآلاف الشكايات حول العنف ضد النساء 
وحسب‭ ‬المعطيات‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬المديرية‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬بتاريخ‭ ‬24‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الشكايات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالعنف‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬المسجلة‭ ‬لدى‭ ‬مصالح‭ ‬الشرطة‭ ‬للمديرية‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2022‭‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬75.434 شكاية،‭ ‬فيما‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الشكايات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأطفال،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الفتيات،‭ ‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬10502‬من‭ ‬بينها‭ ‬2967‭ ‬قضية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالعنف‭ ‬الجنسي‭. ‬فيما‭ ‬سجلت‭ ‬النيابات‭ ‬العامة‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬96.726‬ شكاية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالعنف‭ ‬ضد‭ ‬النساء،‭ ‬تمت‭ ‬معالجتها،‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬المتابعة‭ ‬في‭ ‬20.834‭ ‬قضية‭. ‬

وهنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬تجريم‭ ‬الاغتصاب‭ ‬الزوجي‭ ‬بنص‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬تعديل‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬والإعمال‭ ‬الأوسع‭ ‬لتدابير‭ ‬الحماية‭ ‬المقررة‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬محاربة‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭.‬

ولاشك‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬المطالب،‭ ‬هو‭ ‬الحد‭ ‬من‭  ‬تفشي‭ ‬ظاهرة‭ ‬تزويج‭ ‬الطفلات‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬وخاصة‭ ‬جهة‭ ‬درعة‭ ‬- تافيلالت‭ ‬وجهة‭ ‬مراكش - أسفي‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الإحصائيات‭ ‬الرسمية‭ ‬تؤكد‭ ‬انخفاض‭ ‬عدد‭ ‬عقود‭ ‬تزويج‭ ‬الطفلات‭ ‬المسجلة‭ ‬بالمحاكم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مخاوف‭ ‬جدية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬هذه‭ ‬الزيجات‭ ‬صورا‭ ‬أخرى‭ ‬ملتبسة،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬زواج‭ ‬الفاتحة‭.  ‬

هناك‭ ‬أيضا‭ ‬استمرار‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬فعلية‭ ‬المساواة‭ ‬وعدم‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬ولوج‭ ‬الناجيات‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬إلى‭ ‬سبل‭ ‬الانتصاف‭ ‬نتيجة‭ ‬عوائق‭ ‬قانونية‭ ‬وأخرى‭ ‬ثقافية‭ ‬تتمثل‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬المعرفة‭ ‬بالحقوق‭ ‬والإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬أو‭ ‬طرق‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬القانونية‭ ‬والقضائية‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعلومات‭. ‬كما‭ ‬أثار‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬الصعوبات‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬جبر‭ ‬الضرر‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬صندوق‭ ‬أداء‭ ‬التعويضات‭ ‬المدنية‭ ‬المحكوم‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عجز‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬ما‭ ‬يحجز‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬إدخال‭ ‬تعديلات‭ ‬على‭ ‬مدوّنة‭ ‬الأسرة‭ ‬أصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬لملاءمتها‭ ‬مع‭ ‬الدستور‭ ‬ومع‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬وحذف‭ ‬كلّ‭ ‬النصوص‭ ‬التمييزية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التمييز‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬منه‭ ‬الأطفال‭ ‬المزدادون‭ ‬خارج‭ ‬مؤسسة‭ ‬الزواج‭ ‬والأمهات‭ ‬العازبات،‭ ‬والتمييز‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الولاية‭ ‬على‭ ‬الأبناء،‭ ‬والتبعية‭ ‬للأب‭ ‬في‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬المصلحة‭ ‬الفضلى‭ ‬للطفل‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الطفل،‭ ‬وحذف‭ ‬المقتضيات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتزويج‭ ‬الطفلات‭ ‬ومراجعة‭ ‬نظام‭ ‬المواريث‭ ‬الذي‭ ‬تسهم‭ ‬بعض‭ ‬تطبيقاته‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬ظاهرة‭ ‬تأنيت‭ ‬الفقر‭.‬
 
إعلان الرباط..المدونة بين الإصلاح والمدونة
وأود‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الورقة‭ ‬بما‭ ‬سمي‭ ‬ب‭ ‬«إعلان‭ ‬الرباط»‭ ‬الذي‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬المناظرة‭ ‬الوطنية‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬«المغرب‭ ‬بالمؤنث»‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬بين‭ ‬استعجالية‭ ‬الإصلاح‭ ‬والمقاومات‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية"،‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬مؤسسة‭ ‬التواصل‭ ‬الدولي‭ ‬بتعاون‭ ‬مع‭ ‬المركز‭ ‬الدولي‭ ‬للديبلوماسية‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬«فريدريش‭ ‬نيومان»‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية،‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬25‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬بالرباط‭.‬

واستحضر‭ ‬الإعلان‭ ‬في‭ ‬ديباجته‭ ‬جميع‭ ‬خطابات‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬بشأن‭ ‬تعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭.‬
بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الخطاب‭  ‬الذي‭ ‬وجهه‭ ‬إلى‭ ‬الأمة‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬23‭ ‬لعيد‭ ‬العرش‭ ‬المجيد، والذي‭ ‬دعا‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬المدونة،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬"الأمر‭ ‬هنا،‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بمنح‭ ‬المرأة‭ ‬امتيازات‭ ‬مجانية،‭ ‬وإنما‭ ‬بإعطائها‭ ‬حقوقها‭ ‬القانونية‭ ‬والشرعية"،‭ ‬وتأكيده‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬نفسه‭ ‬بأن‭ ‬«مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬ليست‭ ‬مدونة‭ ‬للرجل،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬خاصة‭ ‬بالمرأة،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬مدونة‭ ‬للأسرة‭ ‬كلها»‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أبرزه‭ ‬«إعلان‭ ‬الرباط»‭ ‬في‭ ‬ديباجته‭ ‬أيضا‭ ‬بأن‭ ‬روح‭ ‬إصلاح‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الشرعية‭ ‬الدينية‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الحداثة‭.‬

ودعا‭ ‬الإعلان‭ ‬ضمن‭ ‬توصياته‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬ولوج‭ ‬النساء‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬القرار‭ ‬وإلى‭ ‬ملاءمة‭ ‬المدونة‭ ‬مع‭ ‬القوانين‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬ومع‭ ‬دستور‭ ‬2011‭ ‬ومع‭ ‬مقتضيات‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الجديد‭.‬

كما‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬محاربة‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬تضر‭ ‬بصورة‭ ‬المرأة،‭ ‬وكذا‭ ‬تغيير‭ ‬بعض‭ ‬مصطلحات‭ ‬المدونة‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬تمييزا‭ ‬ضد‭ ‬النساء،‭ ‬وذلك‭ ‬بإعمال‭ ‬مبدأ‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فصول‭ ‬المدونة‭. ‬

وتضمن‭ ‬"إعلان‭ ‬الرباط"‭ ‬أيضا‭ ‬المطالبة‭ ‬بإضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬المؤسساتي‭ ‬على‭ ‬الوساطة‭ ‬الأسرية‭.‬
وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬متقاطع‭ ‬للقوانين‭ ‬وإكراهات‭ ‬تطبيق‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة،‭ ‬دعا‭ ‬الإعلان‭ ‬إلى‭ ‬حذف‭ ‬الفصل‭ ‬148‭ ‬من‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬النسب‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬أثر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأب‭. ‬كما‭ ‬طالب‭ ‬بالمنع‭ ‬الكلي‭ ‬والنهائي‭ ‬لتزويج‭ ‬القاصرين‭ ‬دون‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬وحذف‭ ‬الفصلين‭   ‬20‭ ‬و21‭ ‬من‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للوصاية‭ ‬الشرعية،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬الإعلان‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬جعلها‭ ‬حقا‭ ‬مشتركا‭ ‬لكلا‭ ‬الوالدين‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الزواج‭ ‬أو‭ ‬الطلاق‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬الطفل‭ ‬أولا،‭ ‬داعيا‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬مرتبط‭ ‬إلى‭ ‬تعويض‭ ‬الفصلين‭ ‬173‭ ‬و175‭ ‬من‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬بفصول‭ ‬تسمح‭ ‬للمرأة‭ ‬المتزوجة‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الحضانة‭ ‬المشتركة،‭ ‬مع‭ ‬تحديد‭ ‬تعريف‭ ‬دقيق‭ ‬لشروط‭ ‬الحضانة‭.‬

كما‭ ‬اقترح‭ ‬الإعلان‭ ‬وضع‭ ‬إصلاح‭ ‬يحدد‭ ‬بدقة‭ ‬مبلغ‭ ‬النفقة‭ ‬الغذائية‭ ‬باحتساب‭ ‬مداخيل‭ ‬الوالدين‭ ‬بشأن‭ ‬النفقة‭ ‬الغذائية‭.‬
وبالنسبة‭ ‬لاقتسام‭ ‬الممتلكات‭ ‬بين‭ ‬الأزواج وبالنسبة‭ ‬لاقتسام‭ ‬الممتلكات‭ ‬بين‭ ‬الأزواج،‭ ‬فقد‭ ‬تضمن‭ ‬الإعلان‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬ميكانيزم‭ ‬لضمان‭ ‬حق‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الزوجين‭ ‬في‭ ‬الممتلكات‭ ‬المشتركة‭.‬

وهنا‭ ‬يتأكد‭ ‬أن‭ ‬رسالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬شتنبر‭ ‬2023‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬بتشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬لوضع‭ ‬مشروع‭ ‬مدونة‭ ‬جديدة،‭  ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬لخطاب‭ ‬العرش‭ ‬2022،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬استجابة‭ ‬لنبض‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي‭ ‬وتحولاته،‭ ‬وتجاوز‭ ‬كل‭ ‬الاختلالات‭ ‬والسلبيات‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عنها‭ ‬التجربة‭ ‬السابقة‭ ‬لتطبيق‭ ‬المدونة‭.‬