Sunday 15 June 2025
كتاب الرأي

بلقاسم أمنزو: دروس عرس في الدوار .. طبق فني للإنسان والحيوان

بلقاسم أمنزو: دروس عرس في الدوار .. طبق فني للإنسان والحيوان بلقاسم أمنزو
بمناسبة حفل زفاف عند الأهالي في الأعالي، ارتأى أحد أفراد عائلة العروس وهو من أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، يشتغل باحثا في عالم الرياضيات في إحدى الجامعات الغربية، دعوة أحد بائعي الغناء والرقص؛ لتنويع الطبق الفني لحفل الزفاف، وأداء الفاتورة هدية للعائلة.
ذهب صاحبنا عند أحد بائعي الغناء والرقص والهوى في مدينة بعيدة، مفاوضا إياه بخصوص ثمن تقديم "منتوجه" للضيوف في السهرة لمدة ساعة.
تم الاتفاق مع البائع، بشرط أداء مبلغ خمسين ألف درهم نقدا، مع دفع نصف ذلك المبلغ في الحين، على أن يتم تسليمه ما تبقى مباشرة بعد الحفل.
لم يتقبل صاحبنا عجرفة بائع الغناء وجشعه، واستغرب كيف لبائع غناء أن يطلب مبلغا يفوق بكثير ما يتقاضاه هو عن عمل باحث في عالم الرياضيات يلقي محاضرة لأكثر من ساعتين، تتطلب منه ما تتطلبه من التحضير والاجتهاد والبحث والتركيز...فقرر أن يلقنه درسا لن ينساه.
عاد صاحبنا، بعد أن أدى نصف المبلغ المتفق عليه نقدا للبائع، على أن يسلمه النصف الآخر مباشرة بعد الحفل وتم توقيع العقد بين الطرفين.
في اليوم المعلوم حضر البائع، وطاقمه ومساعديه في تمام الساعة المتفق عليها. استقبله صاحبنا، ودله على المنصة التي كانت مهيأة، يفصل بينها وبين الجمهور ستار طويل وعريض .
قام البائع بتجريب الميكروفون وبعض الآلات الأخرى، على أساس أن يتم سحب الستار مباشرة مع انطلاق "الغناء" ليتابع الجمهور الكريم.
وفعلا مع الانطلاقة تم سحب الستار، ليتفاجأ البائع بالجمهور الذي لم يكن سوى "زريبة" يتم فيها جمع بغال وحمير الدوار في أمان حتى ينتهي الحفل، إضافة إلى مجموعة من الأكباش التي قدمها بعض الأهالي هدية للعروس.
انتفض بائع الغناء، واستشاط غضبا متسائلا: كيف له أن يغني "للبهايم"، لكن رد صاحبنا كان أقوى: "طلبت خمسين ألف درهم وقبلنا، واشترطت نصف المبلغ نقدا في الحين وأدينا، ولم تطلب مني أي معلومة عن نوع الجمهور"، مطالبا إياه بإتمام الاتفاق ليتم تسليمه النصف الآخر.
الغريب في الأمر أن البائع قبل على الفور وأتم العقد، وقدم "غناءه" "للجمهور" وتسلم ما تبقى من أموال، وانصرف دون ضجيج إلى حال سبيله، لأنه أدرك يقينا أنه مهرج للترفيه، فلا يضيره إن سوّق غناءه للإنسان أو الحيوان.
في تعليقهم على الحدث قال أهل الدوار: "هذا هو العرس وإلا فلا. تمتعنا بتقاليدنا وطقوسنا ورقصنا وتمتعت "البهايم" ديالنا بهذا الطبق".