Wednesday 18 June 2025
اقتصاد

زهيرة الإدريسي: هذه أولويات وتحديات الحكومة لتنزيل مشروع مالية 2024

زهيرة الإدريسي: هذه أولويات وتحديات الحكومة لتنزيل مشروع مالية 2024 زهيرة الإدريسي
أوضحت زهيرة الإدريسي، دكتورة في القانون العام - المالية العمومية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، في حوار مع "أنفاس بريس"، أن مشروع قانون المالية لسنة 2024،  سيبنى على  توقعات يمكن خفضها في حال استمرار تدهور آفاق  الاقتصاد العالمي ومراجعة توقعات النمو الخاصة بالاتحاد الأوربي بسبب تداعيات الصراع الروسي الاوكراني وأثرها على أسعار المواد الاولية وسلاسل الإنتاج والتوريد العالمية، إلى جانب ارتفاع المديونية واستمرار التضخم وتراكم الديون.
 
ما هو السياق العام والفرضيات التي سيبنى عليها مشروع قانون المالية لسنة 2024؟
بداية لابد من الإشارة إلى السياق العام الذي سيأتي  فيه مشروع قانون المالية لسنة 2024 في ظرفية عالمية يطبعها توالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي القت بتداعياتها على النمو الاقتصادي وعلى القدرة الشرائية في مختلف أنحاء العالم، فالظرفية تتسم بتوقعات يطبعها عدم اليقين حيث أن التعافي التدريجي للاقتصاد العالمي من تبعات الأزمة الصحية العالمية، تأثر بتداعيات الأزمة بأوكرانيا التي نتج عنها زيادات كبيرة في أسعار المواد الغدائية والطاقية بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم.
بالنظر لهذه الظرفية العالمية المتسمة بعدم اليقين والمقرونة بالتأثيرات السلبية للجفاف وندرة المياه ستعتمد الحكومة في إعداد مشروع قانون المالية 2024 حسب عرض وزير الميزانية أما لجنتي المالية بغرفتي البرلمان على فرضيات: محصول الحبوب  في حدود 75 مليون قنطار وهو نفسه الذي بني عليه قانون مالية سنة 2023، ومتوسط سعر غاز البوتان 500 دولار للطن عوض 800 سنة 2023 ، وكذا سعر صرف الدولار مقابل الدرهم 9،8 مع توقع  تسجيل نمو الاقتصاد الوطني انتعاشا بمعدل يناهز +3،7 % عوض +3،4 %  المرتقبة سنة 2023 على الرغم من البيئة الدولية الجد مضطربة ومعدل عجز للميزانية يقدر بـ 4% ـ من الناتج الداخلي الخام، إضافة إلى حصر مستوى التضخم في حدود 3،4 %.
ما هي الأولويات التي سيركز عليها  مشروع قانون المالية لسنة 2024؟
تفعيلا لتوجيهات الملك محمد السادس خاصة تلك المتضمنة في خطاب العرش والتي يتم الاعتماد عليها كل سنة لإعداد مشاريع قوانين المالية، بناءا على ذلك وعلى الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الدولية والوطنية، تم تحديد أربع أولويات سيرتكز عليها مشروع قانون مالية سنة 2024 في المذكرة التوجيهية التي وجهها رئيس الحكومة للقطاعات الوزارية الأخرى:
* توطيد تدابير مواجهة التأُثيرات الظرفية من  خلال مواصلة اليقظ و التتبع مع تكثيف الجهود لتحقيق التوازن الضروري بين السياسة الميزانياتية و السياسة النقدية، توطيد التدابير الرامية لدعم المواد الأولية الفلاحية والأعلاف بالموازاة مع تطوير سلاسل الإنتاج والتوزيع في إطار استراتيجية الجيل الأخضر  التي ستواصل الحكومة تنزيلها خلال سنة 2024، تسريع تنزيل مكونات البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي الذي يبلغ الغلاف المالي المخصص 143 مليار درهم خلال الفترة 2020 ـ2027.
* توطيد أسس الدولة الاجتماعية من خلال الاستمرار في تعميم الحماية الاجتماعية والتأمين الاجباري عن المرض ومواصلة الإصلاحات المرتبطة بالمنظومة التعليمية سواء التعليم الأولي أو العالي والبحث العلمي والابتكار ، في مجال التشغيل تنزيل النسخة الثانية من برنامج "أوراش" مع اجراء تقييم شامل لبرنامج " فرصة " خلال سنة 2024، إحداث اعانات مالية مباشرة لدعم السكن لفائدة الراغبين في اقتناء مساكن مخصصة للسكن الرئيسي.
*مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، فقد عرفت المنظمة القانونية والمؤسساتية إصلاحات جدرية خلال السنوات الأخيرة التي سيتم مواصلتها و الحرص على تنزيلها من قبل اصلاح العدالة والإدارة و تبسيط المساطر، واللاتمركز الإداري والجهوية المتقدمة والاستثمار، والصفقات العمومية ...هذه الأوراش لا يمكن أن تنجح دون تعبئة موارد إضافية وهذا ما يحيلنا إلى الأولوية الرابعة.
* تعزيز استدامة المالية العمومية، يأتي إصلاح القانون التنظيمي للمالية على رأس  الإصلاحات التي ستعزز هذه الاستدامة من خلال توسيع نطاقه ليشمل المؤسسات العمومية المستفيدة من موارد مرصدة او من إعانات الدولة، تنزيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي ، ستعطى الأولوية خلال سنة 2024 لإصلاح الضريبة على القيمة المضافة وإدماج القطاع غير المهيكل وتنزيل مقتضيات القانون الإطار رقم 50.21 المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية وترشيد وعقلنة تدبيرها وحكامتها.
فالملاحظ مما تم تقديمه هو أن التوجه الرئيسي للحكومة خلال مشروع قانون مالية سنة 2024 هو مواصلة الإصلاحات و تنزيلها على أرض الواقع مع ضمان التوازن المالي والاستدامة.
ما هي التحديات التي ستواجه الحكومة في هذا الإطار؟
التحدي الكبير لأي رؤية يتم وضعها أكيد هو التنزيل فالمنتظر هو التنزيل الفعلي والواقعي بجدية أكثر ـ عنوان المرحلة المستقبلية ـ  لهذه الأوراش الإصلاحية والأولويات المحددة بشكل دقيق في المراحل القادمة لإعداد مشروع قانون المالية 2024، وهذا ما دعت إليه المذكرة القطاعات الوزارية للالتزام به في شق النفقات والإيرادات  أيضا، إضافة إلى تحدي السياق الدولي وما يعيشه من توتر مؤخرا ولا استقرار مما أثر  بشكل كبير على فرضيات قوانين المالية السنوية لسنوات الفارطة ـ2021،2022،2023، 2020. ومن المفترض أن يؤثر على السنة المقبلة أيضا إضافة الى إكراه الجفاف وندرة المياه الذي أصبح هاجسا مؤرقا يقضي مضاجع مختلف الفاعلين ويؤثر على مختلف الأوراش والسياسات لأهمية هذه المادة الحيوية لهذا يجب الحزم في السياسات العمومية والبرامج المتعلقة بهذا القطاع.