السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

حمزة: عيسى بن عمر كان يشكل قوة عسكرية ومالية و نفوذ في القبائل المجاورة (6)

حمزة: عيسى بن عمر كان يشكل قوة عسكرية ومالية و نفوذ في القبائل المجاورة (6) لوحة فنية للقائد عيسى بن عمر بجانب الباحث المصطفى حمزة

في الحلقة السادسة من سلسلة الحوارات التي أجرتها جريدتا "الوطن الآن" و "أنفاس بريس"، مع الباحث الأستاذ المصطفى حمزة بصفته متخصصا في التاريخ الجهوي والمحلي، تناولنا العلاقة التي كانت تجمع بين الوزير المهدي المنبهي وعيسى بن عمر خلال فترة السلطان مولاي عبد العزيز...والوقوف عند حرب بني مطير وكروان التي دعمها عيسى بن عمر بجنود من عبدة واحمر، فضلا عن وضعه رهن إشارة السلطان مولاي عبد الحفيظ، فرقة عسكرية تتألف من 1500 جندي من المشاة، و1500 فارس، لمواجهة بُوحْمَارَةْ.

 

كيف كانت علاقة المنبهي بعيسى بن عمر خلال فترة السلطان مولاي عبد العزيز؟

من المعلوم أنه عند وفاة الوزير بَّا حَمَادْ، اضطر السلطان المولى عبد العزيز لضُعف ثقافته في الشؤون العامة، إلى العمل مع الهيأة المخزنية التي تركها له، ويعتبر المهدي المنبهي، من أبرز مكوناتها، ولذلك اهتم بتعيين الموالين له في المناصب المخزنية، بمساعدة  القائد سي عيسى أحد أهم دعائمه داخل قبائل الحوز، بما فيها قبيلة أحمر، وقد سبق أن عين بها قائدا...هكذا، عرفت القبيلة، ظهور قياد جدد إلى جانب القياد الذين ظلوا محافظين على مناصبهم، نذكر منهم قَاسَمْ بَنْ محمد بَلْقَاضِي، الذي عُيِّن قائدا على الْفَرْجَانْ والَكْرَارْمَةْ والَعْوَامَرْ، مكان سِّي اعْمَارَةْ بَالْهَوَّارِي. ثم القائد أحمد بَنْ عَلَّالْ بَنْ بَّا، الذي خلف والده، وقد كان هدفا لحركة منظمة من طرف سي عيسى وسجن، ثم أطلق سراحه. فضلا عن القائد قَدُّورْ الْخُولَاقِي، الذي ظل محافظا على قيادته، وأضاف إليها جزء من الزْرَارَاتْ بعد عزل وسجن الَحَمْرِي. بالإضافة إلى القائد مَسْعُودْ بَنْ الْعَرْبِي، الذي حافظ بدعم من سي عيسى على قيادة الزُّرَّةْ الشمالية، وهؤلاء القواد هم الذين توجه معهم الحمريون إلى حركة تازة ضد بُوحْمَارَةْ بقيادة الَمْنَبْهِي.

 

هل كان التفاهم والتجاوب يطبع علاقة الوزير المهدي المنبهي بعيسى بن عمر؟

نعم، لقد كانت علاقة تجاوب بين الوزير المنبهي والقائد سي عيسى، عكس ما أشار إليه مؤلف كتاب "جهة عبدة "، الذي ذكر بأن العلاقات بين الطرفين كانت بعيدة على أن تكون ودّية، وأن الأول هو من شوه سمعة الثاني لدى مولاي عبد العزيز، والأكيد أن من دبر قضية إبعاد المنبهي، والقبض على عيسى وسجنه، هو الوزير فضول بن محمد غريط ، الذي بدأ نفوذه يزداد يوما بعد آخر، في حين أصبح أتباع قرينه مهمشين، ومنهم القائد المذكور، و لما رجع المنبهي استشفع فيه للسلطان فسرحه، وكتب للأمناء أن يردوا إليه داره وأمتعته وسائر ما أحصوه، واحتفظ له بمنصبه على قيادة عبدة، وهو ما يستشف من رسائله إلى جهات عبدة: ( فإن مولانا دان علاه، قد ولانا على جميع إيالتنا) ، ثم كسب ود السلطان، فتم تعيينه باشا على أسفي سنة 1903م، وشيئا فشيئا بدأ يميل لتكوين "إمارة بالجنوب" تضم قبائل: دكالة، وعبدة، وأحمر، والشياظمة.

 

ما هي أبرز الأحداث التي يمكن سردها في هذا السياق؟

هناك مجموعة من الأحداث والوثائق تؤكد استمرار نفوذه بالقبيلة، فخلال الخلاف الذي وقع سنة  1902م، بين قوادها الأربعة: (مَسْعُودْ بَنْ الْعَرْبِي وأحمد بَنْ عَلَّالْ من جهة، وقَاسَمْ وَلْدْ بَالْقَاضِي وقَدُّورْ الْخُولَاقِي من جهة أخرى)، وقد اشتد واتسع بتدخل أطراف مؤثرة، مثل خليفة السلطان مولاي حفيظ، وعيسى بن عمر العبدي، الذي ظل باستمرار يحافظ على نفوذه، وقد تدخل المخزن لمساندة الجانب الذي يؤيده قائد عبدة، حيث أسفر النزاع عن انتصار القائدين اللذين أيدهما الخليفة. ولَما حاول سي عيسى الاستعانة بالسلطان لعزلهما، تمكن موالي عبد الحفيظ من إعادة المياه إلى مجاريها، وأقنع السلطان بترك القواد الأربعة كل في قيادته، وفي خريف نفس السنة سنجده على رأس 1600 رجل من عبدة واحمر للمشاركة في حرب بني مطير وكروان، وعند قيام ثورة بوحمارة، وضع رهن إشارة السلطان فرقة عسكرية تتألف من 1500 جندي من المشاة، و1500 فارس، وظلت بالْحَرْكَةْ لمدة 19 شهرا، تحت قيادة ولديه الهاشمي والعربي، وفي 29 رجب عام 1322ھ / 29 شتنبر 1904م، وجه كتابا لعمال وأعيان القبيلة، طالبهم فيه بتعيين عشرة من الأعيان يتوجهون إلى أولاد دليم و ذو بلال للصلح بينهم ، وفي شعبان من نفس السنة، أمر بتنفيذ دراهم من مستفاد ضاية زيمة، إلى السيد عمر الطيمومي. ورغم ذلك، بدأ نفوذه، يواجه بعض الصعوبات، خاصة مع تعيين مولاي عبد الحفيظ خليفة للسلطان بمراكش في خريف 1901م، وتدخله في خلاف القواد الحمريين، وإفشاله لمخطط سي عيسى.

 

هل استمر تأثير عيسى بن عمر وقوته على قبيلة أحمر في هذه الفترة؟

إذا كانت هذه العلاقة تعود إلى الروابط التي تجمع بين القبيلتين، وإلى المهام التي أسندت له من طرف المخزن، ورغبته في الحفاظ على الإمارة التي أنشأها له مولاي عبد العزيز، مع تخويله سلطة تعيين القواد وخلعهم بمنطقة دكالة وعبدة واحمر والشياظمة، فإن الروابط التي تجمع بين الخليفة السلطاني؛ مولاي عبد الحفيظ بقبيلة أحمر تعود إلى فترة تربيته وتكوينه بمدرسة الأمراء ببلاد أحمر، وإلى مشروعه السياسي الذي سيكون الحوز منطلقه، ولذلك عمل على ترسيخ نفوذه في الرحامنة و دكالة وأحمر وقبائل الگيش الحوزية، بينما شكل سي عيسى خلال الفترة الممتدة من 1903م إلى 1907م، محور توازن اقتصر تأثيره على حفظ الأمن في إيالته وطاعة المخزن، ومع ذلك، فقد ظل أحد دعائم السلطة المركزية بما كان يمتلك من قوة عسكرية ومالية في قيادته، ومن نفوذ في القبائل المجاورة، وظلت حظوته كقائد كبير داخل المخزن لا جدال فيها، وكانت قوته تستند إلى غنى الرجل وإلى بُعده عن كل صراع ظاهر.