الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

جمال المحافظ: نادى الصحافة بالمغرب يفتح أفقا جديدا لحلحلة ملف الصحافة والاعلام

جمال المحافظ: نادى الصحافة بالمغرب يفتح أفقا جديدا لحلحلة ملف الصحافة والاعلام د/جمال المحافظ

فتح نادي الصحافة بالمغرب أفقا جديدا في جدارية الصحافة الاعلام السميك والعصي على الفهم، حينما بادر في هذا الظرف الصعب الذي تجتازه صاحبة الجلالة الى طرح فكرة تنظيم لقاء وطني لحلحلة ملف الصحافة والاعلام، وذلك خلال اللقاء الذي عقده وفد عن النادي الذي تأسس سنة 1992 بحر الأسبوع الجاري، مع وزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بنسعيد .

مبادرة النادى هاته، تهدف إلى خلق نقاش عمومي حول تحديات ورهانات الصحافة الإعلام والاتصال في القرن 21، بمشاركة الهيئات والمنظمات المهنية والتمثيلية وعموم الفاعلين والمتدخلين في الشأن الإعلامي الذي يعرف تحولات متسارعة نتيجة التطور التكنولوجي. بيد أن هذه المبادرة تأتي في خضم ما يلاحظ من تكثيف العديد من الديناميات المدنية الإعلامية من بينها اليوم الدراسي الذي نظمته بالدار البيضاء، الجامعة الوطنية للصحافة والاعلام والاتصال ( الاتحاد المغربي للشغل ) حول " الإعلام بالمغرب: الورش المؤجل؟" الذي خصص الى "طرح نقاش هادئ ورصين حول وآفاق قطاع الإعلام الوطني بالنظر لأدواره المجتمعية المتعددة" وفق ما جاء في أرضية هذا اللقاء الذي شارك فيه عدد من الأساتذة والفاعلين.  

انخراط في ديناميات تطوير الاعلام

وإذا كان هذا اللقاء الأول بين الطرفين منذ تعيين الوزير في منصبه،"يندرج في إطار مواكبة الوزارة لظروف اشتغال وتطوير فعل وتنمية روابط النادى بمحيطه" حسب ما دبجه نادي الصحافة، في بلاغ له بهذا الخصوص، ويأتي بعد مرحلة جمود، زاد من صعوبتها الرحيل المفاجئ للإعلامي والبرلماني أحمد الزايدي أول رئيس للنادي، فإن هذه الهيئة الإعلامية يبدو أنها استعادت عافيتها، عقب تجديد هياكلها، إذ بات النادى مؤهلا للانخراط في الديناميات توسيع هوامش حرية التعبير والصحافة والاعلام، مع الإسهام في تجسير العلاقات بين مختلف الأطراف التي لها علاقة بالشأن الصحفي، واستعادة جسور التعاون والتواصل ما بين الاعلامين والشركاء والتقريب بين وجهات النظر حتى تلك التي قد تبدو أحيانا متناقضة.

وبتمثيليته الواسعة للصحفيات والصحافيين المغاربة داخل وخارج المغرب من أجيال مخضرمة وشابة، يمكن لنادى الصحافة في ظل المرحلة الجديدة التي دشنها في أعقاب جمعه العام الأخير، والرصيد الذي راكمه، بإمكانه أن يشكل فضاء ملائما للتفاعل بين كافة المهنيين والشركاء، للتداول البناء والمثمر حول قضايا المشهد الصحفي والإعلامي، بكل صراحة حول الإشكالات التي تعيق تطور الاعلام وتحد من انطلاقته في كل مرة.

تنقية الأجواء وشروط الارتقاء بالاعلام

بيد أن هذا الأمر يتطلب أولا البحث عن السبل الكفيلة بتنقية الأجواء، وخلق الشروط القمينة بالارتقاء بمستوى الصحافة والاعلام، وضمان كرامة الصحافيين الملزمين بدوره باحترام آداب وأخلاقيات تامهنة كما هي متعارف عليها دوليا.

 فنادي الصحافة، الذي لم يكتف خلال لقاء الوزير باقتراح تنظيم لقاء وطني، بل عبر وفده عن الاستعداد، لبرمجة أنشطة مشتركة حول مختلف المواضيع التي ترتبط بحقول الإعلام والثقافة والاتصال.

 وفي هذا الصدد أطلع الوفد الوزير بكون نادى الصحافة بالمغرب، يعتزم استقبال الشخصيات المغاربية والعربية والافريقية الأجنبية بمناسبة زيارتها للمغرب، للمساهمة في المجهود الوطني للدفاع عن القضايا الوطنية الحيوية، كما يجرى في كبريات الدول، فضلا عن تنظيم لقاءات متنوعة منها تكريم فاعلين صحافيين واعلامين ومثقفين وسياسيين من الذين قدموا خدمات جليلة في مجالات تخصصهم، حفظا للذاكرة الوكنية واعترافا بمجهوداتهم، كما كان الشأن خلال الاحتفاء بكل من عبدالله إبراهيم رئيس الحكومة في آواخر خمسينات القرن الماضي والشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.

تجويد الممارسة المهنية

وباعتباره اطارا مستقلا عن أية جهة، وانفتاحه على كافة الهيئات والمؤسسات والحساسيات بمختلف المواقع، والتجارب التي راكمها في مجال تنشيط الحقل الإعلامي والثقافي والسياسي، فإن نادي الصحافة بالمغرب، قد يساهم في الترافع من أجل توسيع هوامش حرية التعبير وتحفيز النقاش الجاد حول مختلف القضايا التي تشغل بال الرأي العام، مع تشجيع التعاون المثمر والجاد مع مختلف الأطراف الفاعلة، بهدف تطوير قطاع الصحافة والاعلام والاتصال وتجويد الممارسة المهنية لوسائل الاعلام.

 غير أن هذا الأمر يتطلب مرافقة نادي الصحافة بالمغرب، وتوفير الدعم الكافي له حتى يستطيع تجاوز الاكراهات وفي مقدمتها الصعوبات المادية التي يعاني منها منذ قرار رئيس الحكومة في سنة 2016، توقيف المنحة التى كان يتلقاه رغم هزالتها منذ عقود، بدون سبب وجيه وسابق انذار، مما جعل النادى يعاني من شلل حتى عن التزاماته بتسديد واجبات الكراء الشهري لمقره.

 وللخروج من هكذا وضع اقترح وفد نادي الصحافة على الوزير خلال لقاء الثلاثاء الماضي، ابرام اتفاقية شراكة وتعاون مع الوزارة بناء على معايير تقطع مع المقاربات السابقة، وهو ما قد يمكن النادي من المساهمة في تنشيط الحياة الإعلامية والثقافية، وملء جانب من الفراغ الذي يعاني منه الجسم الصحفي والاعلامي، إذا ما قورن بنظرائه بمهن أخرى كالمحاماة والقضاء والطب والتربية والتعليم.

تمثيليه واسعة ومحاور مقبول

 فبتمثيلية واسعة لفئات الصحفيات والصحافيين المغاربة داخل وخارج المغرب المنتمية لأجيال مخضرمة وشابة وفعاليات نسائية تنتمى لمختلف المنابر الإعلامية، يجعل من النادي فضلا عن كونه محاورا مقبولا الى جانب الهيئات الإعلامية التمثيلية حول مجريات وأفاق الشأن الصحفي والإعلامي، فضاء متميزا لاحتضان حوارات ونقاشات وموائد مستديرة حول العديد من القضايا ذات الطبيعة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية، والتقريب بين وجهات النظر. حتى تلك التي قد تكون محل خلاف. وجدد النادي انخراطه الإيجابي في كل المساعي الرامية الى تكريس حرية الصحافة، ودعم أي عمل جماعي، يمتح من المبادئ والأهداف السامية والنبيلة لمهنة الصحافة، ويصون كرامة الصحفيات والصحفيين. وعلى لبرغم من تدشينه لهذه المرحلة الجديدة، يظل مطلوبا من النادي، الاستثمار الأمثل لعناصر قوته وتعزيز حضوره داخل المشهد الإعلامي الوطني، مع تفادي مكامن الضعف التي يعانى منها والانخراط الواعي الى جانب الهيئات والمنظمات والفاعلين الإعلاميين والمثقفين، في التأسيس لخلق مناخ وبيئة إعلامية سليمة.

تكريس قيم التضامن

كما يمكن للنادي الاسهام في تكريس قيم التضامن بين الجسم المهني وفي الجهود المبذولة للارتقاء بمستوى الممارسة الإعلامية، بشكل ينسجم مع أهدافه، ويقوى البناء الديمقراطي وينمى ثقافة حقوق الإنسان، ويوطن مهن الصحافة والاعلام بشكل ايجابي، يرسخ المكانة الطليعية للإعلام في مسار التحول الديمقراطي، وتقوي من سلطة الرأي العام.

فهذه التحديات، تتطلب تعزيز قدرات تنظيمات النادي من مكتب تنفيذي ومجلس ادراري ولجان، بما يضمن مزيدا من الفعالية، والانفتاح على الفعاليات التي كان لها حضور في مسيرة النادي مع الانفتاح على الجديدة من الإعلامين والفاعلين في الحقلين الثقافي والاجتماعي والحقوقي، وهو ما قد يكرس الحضور الإيجابي للنادي ويحقق بالتالي تلك النقلة النوعية في مسار هذا الاطلار الإعلامي الوطني.

وكان نادي الصحافة قد عبر في ختام ورشة التفكير والعمل التي نظمها مؤخرا في المركب الدولي مولاي رشيد في بوزنيقة تحت شعار " رؤية متجددة"، عن الانخراط الإيجابي في المساعي الرامية الى تكريس حرية الصحافة، والدعوة لاعتماد مقاربات حداثية، وعمل جماعي، يمتح من المبادئ والأهداف السامية والنبيلة لمهنة الصحافة، ويصون بالمقابل كرامة الصحفيات والصحفيين. كما أسفرت الورشة عن وضع تصور مستقبلي يتماشي مع التحديات الجديدة، ويعمل بجد على إعادة الزخم للنادي وتحيين تصوراته على ضوء التحولات المجتمعية والتكنولوجية.