الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

دقيق "اَلْبَنْدَقْ" وأطباقه الشهية في زمن "الصَّابَا" وانحناءة السنابل المتواضعة

دقيق "اَلْبَنْدَقْ" وأطباقه الشهية في زمن "الصَّابَا" وانحناءة السنابل المتواضعة

من العادات والتقاليد التي كانت المرأة القروية تصر على إعمالها وتطبيقها في الزمان والمكان خصوصا إذا كان الموسم الفلاحي جيدا، وحقول الشعير تتمايل سيقان سنابلها معلنة عن استعدادها للحصاد...تلك العادات الجميلة المرتبطة بصناعة دقيق "اَلْبَنْدَقْ" والتي كانت نساء البادية تثقن إعداده جيدا وخصوصا بمناطق دكالة وعبدة وأحمر والرحامنة..

 

إن إعداد دقيق "اَلْبَنْدَقْ" يشترك في إعداده الرجل والمرأة عندما تكون "الصَّابَا" المنتوج الفلاحي جيدة، حيث يقوم الفلاح أو زوجته في مثل هاته الفترة من السنة بحصاد بعض السنابل المثمرة والناضجة على اعتبار أنها هي محور عملية استخراج دقيق "اَلْبَنْدَقْ".

 

إعداد دقيق "اَلْبَنْدَقْ" يتم عبر عملية الْفَرْكْ واَلْحَكْ بكف اليد باستعمال أطباق تقليدية مصنوعة من الدوم وغالبا يستعمل "الطّْبَـﯕْ". حيث تستمر عملية اَلْفَرْكْ واَلْحَكْ حتى ينفصل "اَلْحَبْ" عن شوائب الزرع الذي نسميه بـ "اَلسْفَا" وهو الجزء الأعلى الذي يزين السنبلة في شموخها وعلوها.

 

بمجهود كبير من مُولَاةْ اَلْخَيْمَةْ، يتم فرز "اَلسْفَا" من الحبوب عن طريق تحريك "الطّْبَـﯕْ" يمنة ويسرة والنفخ بالفم على الشوائب وتسمى بعملية "النَّسْفْ" لتنقية الحبوب من "السْفَا".

 

بعد جمع حصة الحبوب يتم حشوها داخل آنية "اَلْكَسْكَاسْ" بعد ملأ الطنجرة بالماء ووضعها على النار، في عملية تسمى "التَّفْوَارْ". حيث تتلو هذه العملية التي تتطلب مراقبة لصيقة حتى موعد تصاعد بخور الماء الساخن من داخل اَلْكَسْكَاسْ الذي يحتوي على الحبوب.

 

بعد ذلك يتم نَشْرْ كمية الحبوب التي تم تعريضها لبخار الماء الساخن تحت أشعة الشمس، وانتظار أن تجفّ وتيبس، بفعل الهواء والحرارة، وتصبح صلبة من جديد، حيث ننتقل إلى عملية الطحن بواسطة "الرْحَى" الحجرية التقليدية، مع إضافة قليل من الملح حسب الذوق.

 

 هكذا تحصل المرأة القروية على دقيق "اَلْبَنْدَقْ" الذي قد يكون على شكل مسحوق ويسمى في مناطق أخرى بـ "الزَّمِّيطَةْ" التي تقدم كمعجون بمزيج من زيت العود مصحوب بكؤوس الشاي. أو يكون المحصول عبارة عن حبيبات "الدْشِيشَةْ" بمذاق ساحر ولذيذ خصوصا أثناء تقديمه كخليط طبق "صَيْكُوكْ" باللبن. وينطبق هذا كذلك على طبق "لَمْـﯕِيبِيعَةْ" التي تعد بالبندق واللبن وتعتبر من الوجبات الغنية والقوية خصوصا إن تم تقديمها مصحوبة بـ "الزَّبْدَةْ اَلْبَلْدِيَّةْ".