الثلاثاء 23 إبريل 2024
سياسة

محمد الرهج: تناقض كبير بين البرنامج الحكومي وبين حكومة متفرجة.. و«الغالب الله»

محمد الرهج: تناقض كبير بين البرنامج الحكومي وبين حكومة متفرجة.. و«الغالب الله» عزيز أخنوش ومحمد الرهج
قدمت الحكومة قبل تنصيبها مجموعة من الوعود خلال حملتها الانتخابية، وأثناء نجاحها في الانتخابات وتكليفها بتكوين حكومة جديدة جاءت أمام البرلمان، وقدمت برنامجا حكوميا مليئا بالوعود. لكن، حينما دقت ساعة الحقيقة بمجرد ظهور الأزمة الأولى التي خلفتها تداعيات كورونا، وثانيا مع الحرب الروسية الأوكرانية.

فالإشكال المطروح أن الحكومة من مهامها الأساسية وفق مضامين الدستور حماية الشعب والقدرة الشرائية للأسر والمستوى المعيشي.

لماذا؟ لأن من مهام الحكومات في إطار السياسة الاقتصادية والاجتماعية والمالية والنقدية تلبية مجموعة من الحاجيات بالنسبة للمقاولات والأسر والمجتمع. 

من الشعار التي رفعته الحكومة “تستاهل ما حسن”، مرورا باندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية وانعكاسها على ارتفاع أسعار المحروقات وعدد من المواد الأساسية.. “الحكومة رفعت يديها” بـ «الدعاوي»، و«الغالب لله»..في حين هذه الحكومة حكومة سياسية جاءت لتنفيذ برنامج حكومي ووضع الحساب بعد خمس سنوات، فعلى المستوى الاجتماعي كما جاء في البرنامج الحكومي، الحكومة مطالبة بتحقيق إجرءات للحفاظ على السلم الاجتماعي، وكذلك الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر. كما لاحظنا أنه في عدد كبير من الدول، خاصة الدول المتقدمة، قامت حكوماتها باتخاذ قرارات لحماية مستهلكي المواد البترولية، إما عن طريق الدعم المباشر بتقديم المساعدة في ثمن المحروقات، أو رفع اليد عن جزء من الضرائب على القيمة المضافة للضرائب الداخلية على الاستهلاك أو عبر تسقيف الأسعار.

للأسف الشديد، لم يقم المغرب بذلك. ونظرا للسبات العميق للحكومة، استغل موزعو المحروقات الفرصة وراكموا أرباحا أكثر عبر الرفع من الأسعار. لاحظنا انخفاض الأسعار العالمية للمحروقات إلى أقل من 100 دولار للبرميل إلى غاية الجمعة 15 أبريل 2022، في حين لا يساير هذا الانخفاض في المغرب، وكأن سعر المحروقات بالمغرب تم اقتناؤها على أساس 130 دولارا للبرميل، وهذا يدل على سرقة واستغلال الأسر. ماعدا الدعم الذي أعلنت الحكومة عن  تقديمه مباشرة لمهنيي النقل، ومع الأسف استفاد منه أصحاب المأذونيات. 

فالحكومة وكسائر حكومات بلاد المعمور، من مهامها الحفاظ على التوازنات الكبرى الاقتصادية والمالية وكذلك التوازنات على المستوى الاجتماعي، وأمام الحكومة مجموعة من الآليات للحفاظ على التوازن والسلم الاجتماعي. لكن للأسف الحكومة مازالت في وضع المتفرج ماعدا استثناءات متعلقة بغاز البوتان والقمح اللين والسكر، ما تبقى خاضع لقانون السوق الذي تفرضه علينا الشركات المتعددة الجنسيات على المستوى العالمي.

إذن، هناك تناقض كبير بين ما جاء في البرنامج الحكومي من تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وما نعيشه في الواقع أمام حكومة تتفرج على لهيب الأسعار..

ومنذ الاستقلال ظل الطابع الاجتماعي هو الذي يغلب على الدولة المغربية، وجميع المخططات التي يشرف عليها الملك يغلب عليها الطابع الاجتماعي.
 
محمد الرهج، خبير اقتصادي وأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات