الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

من اغتصب حق الفارسات المغربيات ومنعهن من المشاركة في إقصائيات دار السلام؟ (ح/2)

من اغتصب حق الفارسات المغربيات ومنعهن من المشاركة في إقصائيات دار السلام؟ (ح/2)

في الحلقة الثانية تستمر ممثلة جهة الرباط القنيطرة سلا "لَمْقَدْمَةْ" أمال أحمري في حكيها لجريدة "أنفاس بريس" لكي نسلط الضوء على مشكل منع فارسات التبوريدة من المشاركة في منافسات دار السلام منذ سنة 2010. ملف طاله النسيان أكثر من 12 سنة، ولم يوليه القائمون على حقل الفروسية التقليدية أي اهتمام يذكر (الجامعة والشركة المغربية لتشجيع الفرس..). وكأن التبوريدة حكر على الرجال لوحدهم دون النساء في الوقت الذي أرّخت خطابات ورسائل الملك محمد السادس وانتصرت لضرورة الاهتمام بالموروث التراثي والثقافة الشعبية، وإبرازها كمعمار إنساني يصون الهوية المغربية.

أوضحت العلامة أمال أحمري بأن عدد لَمْقَدْمَاتْ بالمغرب غير معروف بالضبط، نظرا لعدم تنظيم منافسات في فن التبوريدة خاصة بالعنصر النسوي منذ سنة 2010، حتى نتمكن من تدقيق خريطة مجال تواجد سُرَبْ الخيل وفارسات يجدن الركوب، ومع ذلك يمكن حاليا أن نصل إلى رقم مهم في عدد سَرْبَاتْ الفارسات بالمغرب (ما بين 15 و 20 مْقَدْمَةْ).

ولم تتردد ضيفة الجريدة بالتأكيد على أن كل لَمْقَدْمَاتْ اللواتي تتواصل معهن وخصوصا بمجموعتهن الخاصة على منصة واتساب، أن حلمهن الوحيد هو الدخول لفضاء دار السلام ومشاركة المغاربة لحظة فرحهم من خلال التباري والتنافس والاحتفاء بالفروسية كمكون أساسي للتراث المغربي الأصيل.

وقالت أمال أحمري: "في اعتقادي كيفما كان السبب الذي دفع بالمسؤولين لمنع الفارسات من التنافس والمشاركة في جائزة الحسن الثاني بدار السلام، فالمسألة لا تستحق مثل هذا الإجراء المتسم بالشطط، حيث اتخذ ملف المنع منحى غير ديمقراطي وغير منصف لأن القرار كان قاسيا وظالما في حق العديد من مْقَدْمَاتْ السَّرْبَاتْ والفارسات البريئات".

واستطردت موضحة: "كل الرياضات الفردية والجماعية تمارس فيها المرأة بشكل رسمي حقها في الانتظام والانخراط والممارسة والتباري وحصد الألقاب، باستثناء رياضة وفن التبوريدة التي تم إغلاق أبوابها في وجه المرأة الفارسة التي تتعامل مع البارود والخيل منذ سنة 2003 إلى أن تقرر المنع سنة 2010، واستمر إلى يومنا هذا دون أن يحرك هذا الواقع المر والأليم ضمير من يعنيهم أمر التراث والموروث الثقافي الشعبي المغربي".

وعن موقفها بخصوص الإشاعات التي راجت حول أسباب منع سَرْبَاتْ الخيل النسائية من المشاركة في دار السلام أوضحت العلامة أمال أحمري التي تمثل جهة الرباط سلا القنيطرة بأن "كل البشر معرض للخطأ. لأننا لسنا ملائكة أو أنبياء. سواء كنا رجال أو نساء. جميعنا معرضين للخطأ. لذلك من الواجب ربط المسؤولية بالمحاسبة، وكان من الواجب معاقبة من قام أو مارس أي سلوك مخالف ومنافي للأعراف والأخلاق والقيم الوطنية. ولكن ليس معاقبة كل السَّرْبَاتْ النسائية. وكأن المرأة (رجس وشيء محرم) ويجب معاقبتها وتعريضها للنفي والإقصاء والتهميش... كان من المفروض على من اشتكى أن يحدد المسؤوليات ويحدد نوع التهمة ومن قام بها وإنزال العقوبة وفق القوانين الجامعية على من يستحقها، وليس اتخاذ قرار بجرة مزاج والاعتداء على حقوق البَّارْدِيَّاتْ وكأنهن مشاركات فيما وقع".

وعبرت عن رأيها في هذا الصدد بالقول: "في نظري، لا يعقل أن يتم إيقاف التبوريدة النسائية بالمغرب (جميع السرب النسائية) بسبب مشاكل كانت ورائها يد معلومة (ربما سبب أخلاقي)، لقد كان من الأليق توقيف السربة التي تورطت في المشكل. توقيفها مدة سنة أو سنتين عن المشاركة. أو اتخاذ إجراء قانوني آخر يناسب حجم التجاوزات التي وقعت وفق الضوابط القانونية للجامعة. وأظن أنه لو كان قد اتخذ القرار بهذا المنطق وهذه الحكمة لكنا اليوم بعد (12 سنة) أمام وهج وزخم التراكمات في ميدان الفروسية بصيغة المؤنث. لكن للأسف نرى اليوم تراجعا على مستوى تأطير وتكوين وتعليم الفتيات مبادئ فنون التبوريدة بسبب هذا القرار الجائر المرتبط بإقصاء النساء من التبوريدة".

وعن سؤال للجريدة أكدت أمال أحمري أنه فعلا تم ترويج سبب آخر يرتبط بتوقيف سَرْبَاتْ الخيل النسائية، وهو ضعف عروض التبوريدة بصيغة المؤنث، وعدم قدرة الفارسات على تطبيق شروط الركوب ومبادئ التبوريدة". إلا أن هذا الطرح لا توافقه الرأي العلامة أمال أحمري حيث ترد بالقول: "نعم في بداية المشوار كنا طفلات صغيرات نخاف من السقوط من أعلى صهوات الجياد، ونهاب دوي البارود، ولا نقوى على ضبط الخيول والبنادق واللجام في نفس الوقت لأننا في مرحلة البداية والتعلم....وكان من اللازم على المسؤولين أن يقوموا بواجب النصح و التأطير والتعليم والمواكبة والمصاحبة...وليس المنع والتوقيف من المنافسات وكأننا نعيش في العصور الوسطى".

واعتبرت ضيفة الجريدة أن أغلب الفارسات رفقة مْقَدْمَاتْ اَلسَّرْبَاتْ يتقاتلن لوحدهن من أجل أن ينافسن الفرسان الرجال في محارك الخيل، ويقدمن أروع عروض الفرجة بالبارود. ويكافحن سواء على مستوى توفير المصاريف الباهظة أو متاعب وأخطار السفر للمواسم والمهرجانات دون الحديث عن نظرة المجتمع للمرأة بصفة عامة والفارسة بصفة خاصة: "رغم منع السُّرَبْ النسائية من المشاركة في منافسات جائزة الحسن الثاني بدار السلام، فبالنسبة لي شخصيا لا يمكن أن أتخلى عن عادات وطقوس التبوريدة في المواسم. ولو أن الأمر مكلف جدا. لا يمكن أن أتخلى عن عُدَّةْ اَلْخَيْلَ و لَوْثَاقْ ولَمْكَاحَلْ والسُّرُوجْ والألبسة التقليدية الخاصة بالفارسات.. وكل مستلزمات التبوريدة النسائية...لأنني أعشق هويتي وتراث بلادي".

في سياق متصل قالت أحمري: "لقد عملت منذ سنة 2010 على استقطاب فتيات فارسات لتعليمهن أصول الركوب وفن التبوريدة، وكنت أفاجئ كل سنة ببعضهن يغادرن السربة للزواج واعتزال ركوب الخيل، وأضطر للبحث عن فتاة فارسة أخرى وهكذا... إنها معاناة الفروسية بصيغة المؤنث نتيجة إغلاق دار السلام في وجه فارسات المغرب، لأن دار السلام كانت محفز كبير لتحبيب التبوريدة للفتيات. وتعتبر محطة وطنية للتتويج بعد سنة من العمل والجهد والمثابرة".

هذا العمل الموسوم بمعاناة الحرمان من هواية الفروسية، تتقاسمه معظم مقدمات السَّرْبَاتْ في غياب حافز المشاركة خلال منافسات جائزة الحسن الثاني بدار السلام، رغم تعويض هذا الفراغ القاتل ببعض المواسم والمهرجانات الوطنية التي تشارك فيها فارسات المغرب بخيولهن إلى جانب الفرسان الرجال. لذلك فأمال أحمري ونيابة عن زميلاتها البَّارْدِيَّاتْ تناشد من يهمه أمر التبوريدة المغربية (جامعة وشركة مغربية لتشجيع الفرس و وزارة الثقافة..) والتي أضحت علامة بارزة في قائمة اليونيسكو كتراث إنساني، وتلتمس مراجعة هذا القرار الجائر في حق المرأة المغربية التي بصمت مسيرتها بجانب الرجل في أغلب الميادين العلمية والفكرية والإبداعية والبحثية واستطاعت أن تتفوق عليه في الكثير من المجالات بصبرها وثباتها وغيرتها على وطنها.

عن سؤال المقارنة مع سَرْبَاتْ الفرسان على مستوى استقطاب الجمهور لمتابعة عروض التبوريدة النسائية أكدت لمقدمة أحمري قائلة: "الجمهور كان يتابع عروض التبوريدة النسائية بكثافة في دار السلام. والدليل أن المستشهرين كانت مختلف شركاتهم تحج لفضاءات التبوريدة النسوية من أجل الإشهار لأن الفارسات استطعن أن يستقطبن جمهورهن العريض نتيجة حضورهن الوازن فوق صهوات الخيول".

لكن بمرارة أضافت أمال قائلة: "لقد تم إعدام التبوريدة النسوية التي كان منسوب تمددها في المغرب يرتفع سنة بعد أخرى (2003 إلى 20010) بعد أن حققت الفرجة والمتعة والتواصل، وحافظت على الهوية وأصالة لتراث المغربي...نعم لقد تم التنقيص من قيمة المرأة الفارسة بعد توقيفها عن ممارسة فن التبوريدة. مما طرح عدة أسئلة بالنسبة للجمهور، بل أن هناك من لم يقتنع بما يروج من اتهامات تحتاج اليوم للتصحيح لرد الاعتبار للفارسات بنات بلادي..".

يتبع