الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

محمد المذكوري: المخيمات بعد الجائحة بين خطة إنقاذ وضرورة إعادة النظر

محمد المذكوري: المخيمات بعد الجائحة بين خطة إنقاذ وضرورة إعادة النظر محمد المذكوري إلى جانب بعض الأطفال في مخيم صيفي
أطل علينا القطاع الحكومي المشرف على قطاع المخيمات الصيفية، بعد تأخر طويل، كاد أن يسبب أزمة مع الفاعلين في القطاع من جمعيات وهيئات، وكاد أن يعصف بتحضيرات الصيف القادم، بإطلاق التحضيرات الفعلية اللوجستيكية لمخيمات صيف 2022.
وقد عبرنا ودافعنا عن بعض المواقف سابقا لاقتناعنا بها ونسجل اليوم بعد توقيع اتفاقية شراكة جديدة / قديمة مع الجامعة الوطنية للتخييم من أجل تنزيل البرنامج الوطني للتخييم، مجموعة ملاحظات نتقاسمها مع ملاحظات ومواقف منظمات مهتمة كليا أو جزئيا بهذا الموضوع:
 
1 . مرسوم في غياب قانون: لأول مرة يتم الاتيان بمرسوم كمرجع في مدخل الاتفاقية إياها، وبما أنه مرسوم يهم فقط فضاءات القطاع الحكومي المشرف على المخيمات، كان سابقا يكون على شكل مذكرة تنظيمية، إذن فالمخيمات الأخرى التي لا تقع تحت مسؤوليته من سينظمها، إن غياب قانون ينظم المخيمات التربوية كله - وبتعبير آخر - الاستقبال الجماعي لجماعات الأطفال والشباب- سواء منه الذي تنظمه وزارة الشباب أو القطاعات الحكومية الأخرى أو الشبه حكومية أو الخاصة.
 
2. وجاء الموسم الحالي في غياب دورات تكوينية لمدة سنتين، تلك الدورات التي تنظمها الوزارة بشكل مباشر والتي توقفت منذ الجائحة التي ضربت بلادنا، وعلى الرغم من المناداة باقتراحات تنظيم دورات عن بعد مثلا و فيما بعد تخفيف الإجراءات منذ السنة الفارطة بتنظيم دورات محدودة ومنضبطة مع الإجراءات الاحترازية التي طبقت في قطاعات أخرى، والمعروف أن الدورات التكوينية وبالخصوص المسماة التحضيري هي التي تمد المخيمات بأغلب المنشطين وأكثرهم عددا باعتبارها بداية مسيرة تكوينية وتدريبية وبداية انتماء والتزام للراغبين في ولوج هذه النشاطات، وأن الدورات الأخرى هي تكميلية ضرورية في المنظومة القائمة التي تجب مراجعتها في كل الأحوال وكان من الممكن استغلال فترة التراجع ابان الجائحة لصياغة منظومة جديدة متكاملة بيداغوجيا وقانونيا واطلاقها فعليا.
 
3. تفتقت عبقرية بعضهم عن تخفيض آخر في زمن التخييم ببدعة 10 أيام لكل مرحلة حتى نسجل بلوغ 5 مراحل تخييمية هذا الصيف: فمنذ تجربة الثمانينيات من القرن الماضي التي اتخذت لها عذرا ظروف الجفاف والتفرغ للألعاب المتوسطية التي استضافتها بلادنا آنذاك، تم تخفيض مدة التخييم من 21 يوما التي كانت معروفة -ولها أسبابها وسنعود لها- الى 18 يوما لاقتطاع جزء من المكونات المالية والزمنية لاستعمالات أخرى، وبدأت مسيرة الاجتثاث كلما رغب البعض في ابداع بدعة جديدة بدواعي التجديد والابداع، الى 15 يوما ثم 13 والآن 10 في انتظار بلوغ ما ادعوه منذ مدة بأن اسبوعا واحدا كاف!؛ والادعاء بأنه يجب أن يستفيد عدد أكبر من المخيمات، هو ادعاء مغلوط ( كما هو التحجج بمصادفة رمضان – كأنه موسم الكسل والتوقف – ادعاء مغلوط وليس له مكان هنا) لأنه يضرب عمق التجربة التخييمية للأطفال والشباب في الاستفادة من العطلة وتغيير الجو صحيا ونمط العيش في المخيم والبرنامج المتكامل تلك المكونات التي حددت إتمام ثلاث أسابيع كحد أدنى بالإضافة الى زمن السفر ذهابا وإيابا، وهناك من الحركات التربوية التي تعتبر المدة الكافية لمشروع تربوي متكامل لمخيم هو 25 يوما بالتمام والكمال، ونحن لسنا ضد ابداع صيغ متعددة لمخيمات أو مراكز تنشيطية تقدم برامج مندمجة قد تكون محدودة في الزمن لفئات معينة محدودة ، أما بالنسبة للغالبية العظمى من الأطفال فحاجتهم هي عطلة جماعية منظمة هادفة.
 
سترتفع أعداد المخيمين لهذه السنة ولكنها ستظل هي نفسها الايام التي سيتفيد منها الأطفال ولن تساهم تجربة هذه السنة في حل مشكل العطلة للأسر والأطفال والشباب ولن تكف العشرة إياها لاستفادة تربوية تنشيطية ترفيهية..
وكان حري بالمبدعين البحث عن فضاءات وابداع صيغ أخرى لفتح مخيمات أخرى بأشكال أخرى..
 
4. ورابعة الأثافي التي سنعيشها مرة أخرى هي غياب تحديد مسؤولية الاشراف على المخيمات التي تنظم خارج أسوار قطاع الشباب، أي لدى القطاعات الحكومية والشبه حكومية والخاصة ومن طرفها التي تنشئ المخيمات وتفتحها وتسيرها بشكل يعتمد على أعراف فقط وانزلاقات مختلفة وليس لضوابط ومعايير مقننة ومعروفة ومضبوطة، لقد داع صيت مخيمات في حدائق منازل وفي مركبات فندقية وسياحية، قد تكون ذات صبغة تربوية واضحة ولكنها لا تخضع لأي مراقبة في انشائها وتسييرها وماليتها وتغذيتها، والمقصود منا بالمطالبة بالإشراف ليس التدبير ولكن التقنين والمعيرة القانونية العامة.
بالإضافة الى أن اشراف وزارة الشباب على المخيمات الذي بحد ذاته نطالب بتحديده وتقليصه من الفعل المباشر الى الاشراف والتنسيق واسناد التدبير الى فاعلين مختصين تربويا وقانونيا وليس ماديا.
 
5. وفي كلمة السيد الوزير إشارة الى ضرورة توسيع خريطة فضاءات التخييم وتوفير الوعاءات العقارية الملائمة والكافية لتلبية الطلب المتزايد على البرنامج الوطني للتخييم، ولو أنه ليس الأول في لائحة الوزارة الذي أشرفوا على القطاع ولكن تحسب له، في إطار "الرأسمال اللامادي الذي تجب صيانة مكتسباته" كما جاء في كلمته بمناسبة إطلاق برنامج هذه السنة.
 
6. ومصادفة إطلاق البرنامج هذه السنة مع إطلاق برنامج "أوراش" سيمكن افادة المخيمات الصيفية للقطاع منه، وبما الشيء بالشيء يذكر فإنه يمكن في رأينا افادة القطاع من برنامج وطني آخر هو المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وكما جاء في لقاء لجنة قيادتها الأخير وفي إطار التموقع الاستراتيجي الجديد للمبادرة ضمن إطار الأهداف المتعلقة بالإدماج الاقتصادي للشباب (وهو موضوع آخر يحتاج رؤى جديدة تعترف للشباب والمنشطين بدورهم في الإنتاج والتنمية من خلال عملهم في المخيمات) وبالدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة حيث يدخل كل هذا ضمن المجالات ذات الأهمية القصوى كالطفولة المبكرة والتغذية ودعم التمدرس ومحاربة الهشاشة والإدماج الاقتصادي التي تؤطر تدخل البرنامج الوطني للتنمية البشرية.
 
وقبل الختام نؤكد على ضرورة فتح حوار مسؤول وموسع ليس لتوزيع المقاعد والمنح ولكن لتثمين وتحصين مكتسبات قطاع أكد وبرهن على أهميته وحيويته وضرورته، من أجل خطة مدروسة وتأطير مقنن معترف به فوق كل النزوات والانزلاقات والحسابات الضيقة.