الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

مراد علمي:الصين تتشبث بعدم إدانة روسيا (1)

مراد علمي:الصين تتشبث بعدم إدانة روسيا (1) د/مراد علمي
الصداقة والشراكة الصينية الروسية لها تاريخ متجذر في القدم، وموقف الصين تجاه حرب روسيا على أوكرانيا يعزز هذا الطرح، من الضروري النبش في أوراق الماضي لكي نفهم موقف الصين الحالي، بدون فك تشفير الماضي سيصعب علينا فهم ما يدور اليوم، وقعت الصين مع الإتحاد السوفيتي في فبراير 1950 ميثاقا يقضي بالدعم الكامل لفائدة الصين إذا حصل أي صراع مسلح مع الدول الغربية التي كانت تساند عسكريا كوريا الجنوبية في حربها ضد كوريا الشمالية.
الصين آنذاك الولايات المتحدة ألا تعبر خط التوازي 38 والمتفق عليه كحدود للكوريتين، ولما هزمت قوات كوريا الجنوبية والولايات المتحدة جيش كوريا الشمالية تدخلت قوات جيش التحرير الشعبي الصيني بأكثر من 400000 جندي، فالصين لم تصرح أنها طرف في النزاع أو أنها تشارك بجيشها النظامي، ولكن كانت تسميه "جيش المتطوعين"، وهكذا تمكنت كوريا الشمالية بمساندة الجيش الصيني أن تتغلب على قوات كوريا الجنوبية والولايات المتحدة حيث اضطرا إلى الرجوع إلى خط التوازي 38 المتفق عليه سابقا.
حرب الكوريتين كانت للصين مخاوف أمنية محضة، كروسيا اليوم، لأنها كانت تخشى أن تحاصر في الجنوب من طرف الاسطول الأمريكي السابع والمتواجد في مضيق تايوان والقوات الامريكية التي ستكون على مشارف حدودها الشمالية، وقد يكون هذا تهديد جسيم لتنمية اقتصادها وسوقها، لان كثير من المناجم والموارد الطبيعية توجد في الشمال، لا من خام الحديد، الفحم الحجري، الطاقات الكهرمائية وأراضي فلاحية خصبة، ويتعلق الأمر بمقاطعات "لياونين"، "دجيلين"، "هي لونك دجيان" و"منغولية الداخلية"، كما أن جميع الصناعات الثقيلة متمركزة ليومنا هذا في شمال الصين نظرا لوفرة المواد الطبيعية، وغزو اليابان للصين كان ورائه فرض السيطرة الكاملة على هذه الموارد الطبيعية في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، ولكي تعطي اليابان لحكمها نوعا ما من الشرعية، نصّـبت هناك حكومة صورية عاصمتها "سين دجين"، يعني العاصمة الجديدة، المدينة الصينية الحالية اسمها "تشانك تشوون"، عاصمة المقاطعة "دجيلين"، وإن دلت هذه التجربة المرة بالنسبة للصين على شيء فهي تدل على مخاوف أمنية عانت منها من قبل إبان الاحتلال الياباني، لذالك فضلت المواجهة العسكرية ضد كوريا الجنوبية وحليفها الولايات المتحدة.
وكملاحظة جانبية، لابد أن نشير إلى أن الجنرال "ماك آرتار" المسؤول على تأطير جيش الولايات المتحدة في حرب الكوريتين طلب من حكومة الرئيس "ترومان" الإذن أن يقصف أكثر من 30 مدينة صينية بالقنابل النووية، ولكن رفضت الحكومة، نظرا للتجربة الحزينة في "هيروشيما" و "نكازاكي"، ونظرا لبشاعة هذه النقطة السوداء في تاريخ البشرية والصراعات المسلحة، فهذا يحسب للولايات المتحدة التي تخشى لومنا هذا حرب عالمية ثالثة تستعمل فيها القنابل الذرية والهيدروجينية.