الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: الموقف الإسباني من قضية الصحراء .." الصدمة كانت قويّة" على الجزائر !!

يوسف غريب: الموقف الإسباني من قضية الصحراء .." الصدمة كانت قويّة" على الجزائر !! يوسف غريب
كم كان بودّي أن أهدى أغنية (الصّدمة كانت قويّة) للفنان عبدالهادي بلخياط إلى العصابة هناك حتّى أخفف من هول وقوة وتأثير القرار التاريخي لإسبانيا حول ملف الصحراء المغربية..
فالصّدمة بالفعل تكون قويّة جدّاً حين تكون غير منتظرة… ولها طابع المفاجئة نفقد من خلالها ردة الفعل وحسن التصرّف..ولا نتذكر ذاك المثل الشعبي (لي تلف أيشد الأرض) كحالة العصابة الجزائرية التي دبلجت بيانا حول موضوع الصدمة جاء فيه - وبأمانة- ما يلي:
-أن السلطات الجزائرية تفاجأت بشدة من التصريحات المفاجئة للسلطات العليا في إسبانيا بشأن قضية الصحراء الغربية، وتابع البيان، أن الجزائر تستغرب بشدة الانقلاب المفاجئ لإسبانيا تجاه الملف الصحراوي.
-سيلاحظ ذكر كلمة المفاجئة ثلاث مرّات في أربع أسطر تقريباً مع وصف القرار بالانقلاب على شيء سابق متفق عليه..
-يدفعنا إلى القول بأن هذا النظام هو بالفعل قوّة ضاربة في الشخير ومقطوعة عن العالم.. وفي دار غفلون عن كل ما يدبّر في محيطها الإقليمي وداخل هذا المربع الثلاثي وموضوع الصحراء رابعهما..
-لكي تفاجئ بهذا قرار الصادم ففي ذلك إهانة كبيرة وصفعة على خدّ لعمامرة وفريقه المكون من سبع موظفين برتبة وزير..
-إهانة لكل الأجهزة الاستخبارية الخارجية ذات الصلة بالمعلومة والتعامل الإستباقي معها قبل وقوعها كما هو حال الدول اليوم ودائماً
أيضا تدفعنا صدمة المفاجئة هناك إلى الاعتزاز والافتخار بالذكاء الدبلوماسي المغربي في تدبير وحماية المفاوضات السرية ولشهور حتى يقطف نتائجها الإيجابية وتحولاتها الاستراتيجية ذات الصلة بقضيتنا الوطنية..
وغير بعيد فبيننا وبين هذا النظام الذي أراد أن يفاجئنا في ملف بن بطوش حتّى حوّلنا المفاجئة إلى استصدار قرار تاريخي وجذري لا مثيل له..
وكأوّل ردّ فعل بعد الصدمة وتحت تأثيرها قامت العصابة بإستدعاء سفيرها للتشاور وهو أقصى ما يمكن فعله في انتظار مرور بعض الوقت.. كي يعود بهدوء لاستئناف مهامه كما جرت العادة في مواقف سابقة حتّى أصبحت عملية استدعاء السفراء من طرف النظام هناك هواية جزائرية بامتياز !!ويكفي العودة سنتين إلى الوراء بصفحة وزارة الخارجية ليصدمك الرقم الذي بلغ ما يقارب 11 مرة أحيانا بسبب تافه كاستدعاء السفير من باريس من أجل شريط بثته إحدى القنوات الفرنسية حول موضوع تافه.
هي هواية لدى النظام لاغير..
ورغم ذلك كنت أعتقد أن استدعاء السفير هذه المرّة من أجل إبلاغ احتجاج الجزائر على توقيت إصدار قرارها الذي صادف احتفالات عيد النصر..
لأنه كان بالإمكان تأجيل ذلك يومين حتى لا تغنّص على العصابة لحظات الفرح..
وفي هذا الإطار قد أتضامن ولأول مرّة مع العصابة.. فلسنا ضد الفرح..لكن الوقاحة التي لاحدود لها هي أن تحتجّ على قرار دولة ذات سيادة وكيان مستقل يبني قراراته بناء على مصالحه القومية ومجاله الحيوي وعمقه الاستراتيجي. وليس ما تريده العصابة بقصر المرادية..
في نفس السياق.. فإسبانيا ليست أوّل دولة تخرج بهذا الموقف.. فقبلها بقليل كانت ألمانيا ولم تحتجّوا!؟..
وقبلها كانت تغريدة بايدن التي رافقها الكثير من السخرية آنذاك.. وآخرها تصريحات نائبة وزيرة الخارجية التى أشادت بالحكم الذاتي وفي عقر الدار.. والسيد لعمامرة من حسن الحظّ لم يكن نائماً هذه المرّة..
ومع ذلك لم تحتجّواْ..
أيضاً دول الخليج وغيرها من الدول العربية وبياناتهم الواضحة اتجاه وحدتنا الترابية.. ولم تحتجّوا بالعكس ذهبتم للتوسل والتودد من أجل عقد القمة بالجزائر..
لماذا فقط إسبانيا.. ولفظة الانقلاب المفاجئ كما جاء في البيان كتعبير يوصلنا إلى خيانة اتفاق سابق بينكما يعاكس طبعا مصالحنا الإقليمية… وقد كانت رائحة الغاز هي صفقة العمر للرئيس الحالى للحكومة الإسبانية أثناء زيارته للجزائر قبل أزمة كورونا بشهور..
وكان الغاز أيضاً الورقة الضاغطة على إسبانيا في ما يسمى بملف بن بطوش..
هو الغاز الجزائري نفسه الذي تحوّل اليوم واللحظة إلى ورقة غير مؤثرة ولا قيمة له بدليل ان إسبانيا تحرّرت منه بهذا القرار التاريخي واتخذت جميع احتياطاتها من أجل ذلك..
ولو كان الأمر عكس ذلك لأوقفت العصابة توريد الغاز إلى إسبانيا عوض استدعاء سفيرها..
لذلك اعتبر أن إسبانيا منذ بداية أزمة بن بطّوش وما تركته من آثار سلبية تخص بالأساس الضمير والوعي الجمعي الإسباني بدأت تفكر في كيفية التخلص من هذه العلاقة الملتبسة مع العصابة…
وزاد من حدّة ذلك قرار وقف أنبوب الغاز المغاربي. لتكون اليوم متحرّرة من هذا الابتزاز ..
ومن يعود إلى رسالة رئيس الحكومة الإسبانية إلى الملك نجد هذه الإشارة القوية في تجاوز ما حدث :
-إنّنا سنعمل بكل الشفافية المطلقة مع التأكيد على أنّنا سنحترم مع الدّوام التزاماتنا الواجبة مع صديق كبير وحليف إستراتيجي..
هو مقطع بمثابة صكّ غفران.. لإسبانيا اتجاه بلدنا..
وتطهيرها وتحريرها أيضا من العصابة وأساليبها المافيوزية.