تأكد مجددا أن المغرب يحتفظ بدعم لامشروط من طرف الولايات المتحدة بخصوص الحل المقترح للنزاع المفتعل حول الصحراء..ففي الوقت الذي يعيش فيه العالم عاصفة هوجاء وتقلبات تنذر بالحرائق والتغيرات، تخشى العديد من التقارير أن تقلب المعادلات وتُمَتِّن الحسابات العابرة التي لم تكن في الحسبان، يقع، من حسن حظنا، أن العقول الثابتة والتحليلات المتينة ما زال لها هامش كبير لكي تلهم الشركاء وتحثهم على الثوابت وإعادة التأكيد عليها.. ويتضح أن زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكية للمغرب، ومن بعده شمال إفريقيا، تندرج في الثوابت لا المتغيرات، المعرَّضة لعواصف الحرب الحامية الوطيس في البلقان، وإن كانت سياقات العاصفة الجيواستراتيجية تفسر بعضا من التحرك الديبلوماسي الأمريكي الحالي...
الزيارة ( وما رافقها) حملت رسائل تطمين كثيرة عن هذه الثوابت .
أولها، بطبيعة الحال، هو تجديد« ويندي شيرمان»، التي قامت بزيارة إلى المملكة، يوم الثلاثاء، دعم واشنطن لمخطط الحكم الذاتي كحل نهائي» للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية».
المسؤولة الأمريكية، التي ترأست رفقة ناصر بوريطة جلسة الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة حول القضايا السياسية الإقليمية، أكدت أن بلادها تواصل« اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي جادا وذا مصداقية وواقعيا، وذلك باعتباره مقاربة تستجيب لتطلعات ساكنة المنطقة».. ولسبب ما جاء فعل «تواصل» كلمة مرنة ذات وقع خاص. وهو يحيل على التزام مشترك مع المغرب، حول سيادة المغرب ودعم مقترحه حول الصحراء.
ـ ثانيا: أعلنت المسؤولة الأمريكية والمسؤول المغربي أنهما معا« يدعمان دعما ثابتا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، في قيادته للمسلسل السياسي المتعلق بالصحراء، تحت رعاية الأمم المتحدة».
ـ ثالثا: ما يمكن الاحتفال به، مع تأشيره بالأحمر، هو أن بلاغ التأكيد كان «تتويجا للحوار الاستراتيجي»، ولا يمكن إلا أن يدرج هذا الإعلان ضمن اختيار استراتيجي مشترك، بين الولايات المتحدة والمغرب، ولعله هو الذي يفسر في مجال آخر، الإحالة على الاتفاق الثلاثي الذي كَرَّس وسجل وأرَّخَ لهذا التوافق الاستراتيجي.
ـ رابعا، يشكل التأكيد على دعم «دي ميستورا» ومساعيه السلمية، انزياحا عن سياق الحرب الدولية، والتي توجد أمريكا في قلبها، وما فتئ دورها يتعاظم ويتزايد ويتقوى في مواجهة روسيا، باسم العالم أو باسم حلف «الناتو» أو باسم حلف «الايكيواس »الذي يجمعها مع بريطانيا واستراليا.
وما يهمنا منه، بالتحديد، هو أنه جاء بعد خلاف واضح بين الرباط وواشنطن، في تدبير محطات التوتر الدولية في أوكرانيا، سواء من خلال الموقف المتوازن للمغرب، الذي ماكان لينال رضى واشنطن في سياق آخر، أو بعد قرار عدم المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أرادتها واشنطن »حرْكة« دولية ضد روسيا، والتزم فيها المغرب بموقف متباين عنها.
خامسا: لم يغفل المتابعون أن التصريحات التي أدلت بها المسؤولة الأمريكية تدخل ضمن دائرة أوسع هي الجولة في غرب المتوسط وشمال إفريقيا، قادمة إلينا من إسبانيا، وفي سياق دولي لا تخفى على المتابعين معادلاته الجيوسياسية، وحرب التسابق بين روسيا(وجود في ليبيا وسوريا ) والغرب، وبخصوص إسبانيا، فالمغرب يطالب بموقف واضح من مدريد، والحال أن الوضع جامد، على الأقل منذ الأزمة بسبب «بن بطوش»، إذ لم يتجاوز التصريحات الإيجابية للملك فيليب السادس، وإعلان نوايا حسن الجوار، كما لا يبدو أن جزءا من الرأي العام الإسباني مقتنع بـ«شراكة القرن الواحد والعشرين، التي تعني من بين ما تعنيه الخروج من مخلفات القرن العشرين وما سبقه ورافقه من عقليات استعمارية.
ـ سادسا: التشديد على الاختيارات الأمريكية بخصوص قضية الصحراء المغربية يأتي قبيل الرحلة التي تقود «ويندي شيرمان» إلى الجزائر، وهو ما يجعل تصريحها «رسالة قبل التوصل »poste restante إلى أصحاب القرار الجزائري بأن المواقف لم تتغير منذ الاعتراف الرسمي، ولا منذ جلسة مجلس الأمن الأخيرة، كما أنه إعلان توافق استراتيجي حول مهام المبعوث الشخصي الذي تعمل الجزائر ما في وسعها لإفشال مهمته، سواء قبل أجواء الحرب أو إبانها.. ومن يعرف عسكر الجزائر لا يستبعد أنه قد يحاول التفاوض مع واشنطن على الموقف من الصحراء ومن مهام «دي ميستورا»، مقابل دور جديد في ملف الغاز والنفط الذي تقود أمريكا حربه ضد روسيا.. والعنوان الأكبر الثاني في التوافق الاستراتيجي هو منتدى الاستثمار المغربي الأمريكي، والذي كرس كذلك التواجد الفعلي والعملي للاقتصاد الأمريكي في منطقة الصحراء المغربية.
والاقتصاد هنا استمرار للسياسة بوسائل أخرى، باعتبار أنه تناول «تطوير فرص التعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية» عبر «تطوير استثمارات أمريكية مباشرة جديدة في مجالات الفلاحة والسياحة والمعادن والطاقات المتجددة»، وكان لافتا أن ممثل الوفد الأمريكي في هذا المنتدى، فيليب بلومبرغ، دعا المستثمرين والمسؤولين المحليين إلى تدارس «الفرص الاستثمارية المختلفة التي تتيحها الجهة مع أعضاء الوفد الأمريكي»، وكان كلامه أكبر من كلام مستثمر يجعل من الاستقرار فرصة في بورصة القيم بل تحدث عن «قيم مشتركة» هي سبب تشجيعه للأمريكيين على «الاستثمار في المغرب كمحور لإفريقيا».
العنوان الأكثر قوة ووقعا، بطبيعة الحال، كان هو الدور المغربي في مجالين أساسيين هما الأمن ومحاربة الإرهاب..
والمعالجة الأمريكية في الواقع لا يمكن اختزالها في تعبيرات مناسباتية تطبع عادة اللقاءات الثنائية، بل لا يمكن فصلها عن السياق الحالي، والذي يجعل من قصتي الأمن ومحاربة الإرهاب بوابة كبيرة لتأمين السلام والاستقرار والتعاون الاستراتيجي...
وقد كان لافتا أن كل بؤر التوتر، القريبة والبعيدة، وردت في محادثات المغرب وأمريكا، من زاوية الأمن ومحاربة الإرهاب، بدءًا من قضايا ليبيا والساحل إلى قضايا أوكرانيا !
والأهم من ذلك هو الوحدة في التحليل بين البلدين بخصوص تقدير الموقف من زاوية الحرب على الإرهاب.
وخلاصة القول إن الزيارة بالرغم من سياقها الإقليمي، ومتغيرات المرحلة الحالية، أكدت ثوابت الموقف الأمريكي، ثم أهمية ودقة الموقف المغربي في استمرار بناء التعاون الاستراتيجي في شمال إفريقيا وفي غرب المتوسط، على قاعدة الحق في الوحدة الترابية ومصداقية الحل المغربي ...
الزيارة ( وما رافقها) حملت رسائل تطمين كثيرة عن هذه الثوابت .
أولها، بطبيعة الحال، هو تجديد« ويندي شيرمان»، التي قامت بزيارة إلى المملكة، يوم الثلاثاء، دعم واشنطن لمخطط الحكم الذاتي كحل نهائي» للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية».
المسؤولة الأمريكية، التي ترأست رفقة ناصر بوريطة جلسة الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة حول القضايا السياسية الإقليمية، أكدت أن بلادها تواصل« اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي جادا وذا مصداقية وواقعيا، وذلك باعتباره مقاربة تستجيب لتطلعات ساكنة المنطقة».. ولسبب ما جاء فعل «تواصل» كلمة مرنة ذات وقع خاص. وهو يحيل على التزام مشترك مع المغرب، حول سيادة المغرب ودعم مقترحه حول الصحراء.
ـ ثانيا: أعلنت المسؤولة الأمريكية والمسؤول المغربي أنهما معا« يدعمان دعما ثابتا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، في قيادته للمسلسل السياسي المتعلق بالصحراء، تحت رعاية الأمم المتحدة».
ـ ثالثا: ما يمكن الاحتفال به، مع تأشيره بالأحمر، هو أن بلاغ التأكيد كان «تتويجا للحوار الاستراتيجي»، ولا يمكن إلا أن يدرج هذا الإعلان ضمن اختيار استراتيجي مشترك، بين الولايات المتحدة والمغرب، ولعله هو الذي يفسر في مجال آخر، الإحالة على الاتفاق الثلاثي الذي كَرَّس وسجل وأرَّخَ لهذا التوافق الاستراتيجي.
ـ رابعا، يشكل التأكيد على دعم «دي ميستورا» ومساعيه السلمية، انزياحا عن سياق الحرب الدولية، والتي توجد أمريكا في قلبها، وما فتئ دورها يتعاظم ويتزايد ويتقوى في مواجهة روسيا، باسم العالم أو باسم حلف «الناتو» أو باسم حلف «الايكيواس »الذي يجمعها مع بريطانيا واستراليا.
وما يهمنا منه، بالتحديد، هو أنه جاء بعد خلاف واضح بين الرباط وواشنطن، في تدبير محطات التوتر الدولية في أوكرانيا، سواء من خلال الموقف المتوازن للمغرب، الذي ماكان لينال رضى واشنطن في سياق آخر، أو بعد قرار عدم المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أرادتها واشنطن »حرْكة« دولية ضد روسيا، والتزم فيها المغرب بموقف متباين عنها.
خامسا: لم يغفل المتابعون أن التصريحات التي أدلت بها المسؤولة الأمريكية تدخل ضمن دائرة أوسع هي الجولة في غرب المتوسط وشمال إفريقيا، قادمة إلينا من إسبانيا، وفي سياق دولي لا تخفى على المتابعين معادلاته الجيوسياسية، وحرب التسابق بين روسيا(وجود في ليبيا وسوريا ) والغرب، وبخصوص إسبانيا، فالمغرب يطالب بموقف واضح من مدريد، والحال أن الوضع جامد، على الأقل منذ الأزمة بسبب «بن بطوش»، إذ لم يتجاوز التصريحات الإيجابية للملك فيليب السادس، وإعلان نوايا حسن الجوار، كما لا يبدو أن جزءا من الرأي العام الإسباني مقتنع بـ«شراكة القرن الواحد والعشرين، التي تعني من بين ما تعنيه الخروج من مخلفات القرن العشرين وما سبقه ورافقه من عقليات استعمارية.
ـ سادسا: التشديد على الاختيارات الأمريكية بخصوص قضية الصحراء المغربية يأتي قبيل الرحلة التي تقود «ويندي شيرمان» إلى الجزائر، وهو ما يجعل تصريحها «رسالة قبل التوصل »poste restante إلى أصحاب القرار الجزائري بأن المواقف لم تتغير منذ الاعتراف الرسمي، ولا منذ جلسة مجلس الأمن الأخيرة، كما أنه إعلان توافق استراتيجي حول مهام المبعوث الشخصي الذي تعمل الجزائر ما في وسعها لإفشال مهمته، سواء قبل أجواء الحرب أو إبانها.. ومن يعرف عسكر الجزائر لا يستبعد أنه قد يحاول التفاوض مع واشنطن على الموقف من الصحراء ومن مهام «دي ميستورا»، مقابل دور جديد في ملف الغاز والنفط الذي تقود أمريكا حربه ضد روسيا.. والعنوان الأكبر الثاني في التوافق الاستراتيجي هو منتدى الاستثمار المغربي الأمريكي، والذي كرس كذلك التواجد الفعلي والعملي للاقتصاد الأمريكي في منطقة الصحراء المغربية.
والاقتصاد هنا استمرار للسياسة بوسائل أخرى، باعتبار أنه تناول «تطوير فرص التعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية» عبر «تطوير استثمارات أمريكية مباشرة جديدة في مجالات الفلاحة والسياحة والمعادن والطاقات المتجددة»، وكان لافتا أن ممثل الوفد الأمريكي في هذا المنتدى، فيليب بلومبرغ، دعا المستثمرين والمسؤولين المحليين إلى تدارس «الفرص الاستثمارية المختلفة التي تتيحها الجهة مع أعضاء الوفد الأمريكي»، وكان كلامه أكبر من كلام مستثمر يجعل من الاستقرار فرصة في بورصة القيم بل تحدث عن «قيم مشتركة» هي سبب تشجيعه للأمريكيين على «الاستثمار في المغرب كمحور لإفريقيا».
العنوان الأكثر قوة ووقعا، بطبيعة الحال، كان هو الدور المغربي في مجالين أساسيين هما الأمن ومحاربة الإرهاب..
والمعالجة الأمريكية في الواقع لا يمكن اختزالها في تعبيرات مناسباتية تطبع عادة اللقاءات الثنائية، بل لا يمكن فصلها عن السياق الحالي، والذي يجعل من قصتي الأمن ومحاربة الإرهاب بوابة كبيرة لتأمين السلام والاستقرار والتعاون الاستراتيجي...
وقد كان لافتا أن كل بؤر التوتر، القريبة والبعيدة، وردت في محادثات المغرب وأمريكا، من زاوية الأمن ومحاربة الإرهاب، بدءًا من قضايا ليبيا والساحل إلى قضايا أوكرانيا !
والأهم من ذلك هو الوحدة في التحليل بين البلدين بخصوص تقدير الموقف من زاوية الحرب على الإرهاب.
وخلاصة القول إن الزيارة بالرغم من سياقها الإقليمي، ومتغيرات المرحلة الحالية، أكدت ثوابت الموقف الأمريكي، ثم أهمية ودقة الموقف المغربي في استمرار بناء التعاون الاستراتيجي في شمال إفريقيا وفي غرب المتوسط، على قاعدة الحق في الوحدة الترابية ومصداقية الحل المغربي ...