الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

حقوق النساء في مؤلف " البرلمان وحقوق الإنسان.. مرجعيات وممارسات"

حقوق النساء في مؤلف " البرلمان وحقوق الإنسان.. مرجعيات وممارسات" عبد الرزاق الحنوشي ومؤلفه حول "البرلمان وحقوق الإنسان"
شكلت حقوق النساء والمساواة والمناصفة انشغالا ملموسا ضمن انشغالات البرلمان خلال الولاية العاشرة ( 2016 – 2021)، ليس فقط في المهام الدستورية الأساسية (الرقابة والتشريع)، بل و أيضا على مستوى آليات اشتغال مجلسي النواب والمستشارين، حسب ما كشف عنه الفاعل الجمعوي والحقوقي عبد الرزاق الحنوشي في كتابه " البرلمان وحقوق الإنسان، مرجعيات وممارسات" الصادر حديثا عن مطبعة "المناهل" بالرباط الذي تناول فيه بالدراسة والتحليل حصيلة المؤسسة التشريعية بعلاقة بمنجز حقوق الإنسان .
وأشار الكاتب في هذا الصدد الى أهمية إحداث لجنة موضوعاتية مؤقتة سنة 2015 تعنى بالمناصفة والمساواة، بمجلس النواب خلال نهاية الولاية التاسعة للبرلمان، ليتم بعد ذلك أولا تكريس هذه الآلية في النظام الداخلي لمجلس النواب، وثانيا إقرار المحكمة الدستورية بمطابقة هذه المقتضيات مع الدستور، غير أن السعي إلى تحويل اللجنة من طابعها " الموضوعاتي المؤقت" إلى لجنة دائمة على غرار باقي اللجان الدائمة للمجلس، لم يكن لينال موافقة المحكمة الدستورية.
وقال أنه على الرغم من تنصيص النظام الداخلي لمجلس المستشارين على احداث لجنة مماثلة، فإن هذه اللجنة لم تؤسس بعد، غير أن ذلك لم يمنع المجلس ومكوناته من اتخاذ العديد من المبادرات في علاقة بالموضوع، وتنظيم مجموعة من الندوات والأيام الدراسية واللقاءات التكوينية والمشاركة في بعض المنتديات الدولية فضلا عن إعداد بعض المذكرات وإنتاج بعض الدعائم. وإقامة بعض الأنشطة اللجنة بدعم قطاعات حكومية ومنظمات دولية، لاسيما منظمة الأمم المتحدة للمرأة ONU-Femms ومؤسسة وستمنستر للديمقراطية)، فضلا عن تفاعل ملحوظ لهذه اللجنة مع منظمات المجتمع المدني ولاسيما تلك المهتمة بالحقوق الإنسانية للنساء.
لجنة موضوعاتية تعنى بالمناصفة والمساواة
وبخصوص القضايا التي جرى نقاشها في اطار اللجنة، ذكر الكاتب أنها تتمثل بالخصوص في مقاربة النوع والميزانية المستجيبة للنوع ومناهضة العنف ضد النساء والتمكين الاقتصادي للنساء، ولاسيما النساء القرويات ،وإصلاح المنظومة التشريعية المكرسة للتمييز ضد النساء، وتقييم السياسات العمومة من منظور الاستجابة للنوع ، وكذا السعي إلى التأثير في بعض مشاريع القوانين لإحقاق مكاسب لفائدة النساء، والتمكين السياسي للنساء والاهتمام ومتابعة الممارسة الاتفاقية للمغرب في المواضيع ذات الصلة باهتمامات اللجنة.
التمكين الاقتصادي والمالي للنساء
وفي اطار رصده لمشاريع القوانين والأسئلة البرلمانية ذات المرتبطة بحقوق النساء، توقف المؤلف بالخصوص عند مشروع القانون المتعلق، بشركات المساهمة وبشركات التضامن والتوصية البسيطة والتوصية بالأسهم وذات المسؤولية المحدودة والمحاصة موضحا أن هذا المشروع يشكل أحد أهم النصوص الهادفة إلى التمكين الاقتصادي والمالي للنساء، وبرفع الحيف الذي كان يطال نساء المقاولات وإمكانيات تقلدهن للمسؤوليات القيادية وصنع القرار، مع تصحيح آثار التمييز ضد النساء في المقاولة؛ من خلال ضمان تمثيلية متوازنة للنساء والرجال أمام أجهزة إدارة وحكامة شركات المساهمة؛ مع التشجيع على اعتماد مبدأ المناصفة بين النساء والرجال في هيئات إدارة هذه الشركات، مع التنصيص على بعض العقوبات في حالة عدم الالتزام بإعمال مبدأ المناصفة في هذا الصنف من الشركات.
ولدى صدوره في الجريدة الرسمية في 22 يوليوز 2021، ذكر صاحب الكتاب، بأن هذا القانون حظي بإشادة خاصة من قبل منظمة الأمم المتحدة للمرأة ONU-FEMMES عبر مكتبها بالمغرب، الذي اعتبر أنه بإصدار هذا القانون يكون المغرب قد سجل المغرب تقدما هاما لفائدة المساواة بين الجنسين. ويجسد التزامه بإعمال مقتضيات اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداوCEDAW)، ولاسيما تلك المتعلقة بإقرار تدابير التمييز الإيجابي، كما يعد " خطوة هامة في اتجاه تعزيز جهود المغرب لملائمة إطاره التشريعي مع المعايير الدولية ذات الصلة بالمساواة بين الجنسين، علاوة على مساهمته في دعم الحكامة المستجيبة للنوع بهدف الرفع من أداء المقاولات.
قانون هيئة المناصفة لم يستجب لتطلعات الحركة النسائية
وأشار الكاتب الى مشروع قانون رقم 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز الذي يأتي إحداثها، تطبيقا لمقتضيات الفصلين 19 و164 من الدستور، موضحا أن الصيغة النهائية للنص لم تستجب لتطلعات الحركة النسائية ولا إلى المقترحات الواردة في الرأي الاستشاري الذي قدمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان بطلب من مجلس النواب بتاريخ 24 نونبر 2015. وفي هذا الصدد أبرز، أن هذه الهيئة لم ترى النور بعد، شأنها في ذلك شأن مؤسسات دستورية تم استحداثها في دستور 2011، على الرغم من مضي أزيد من 5 سنوات من صدور هذا القانون ، وعلى الرغم من التعبير عن عدم الرضى عن الصيغة التي صدر بها.
وتوقف الباحث عند مشروع قانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الذي يهدف الى تجريم العنف الممارس ضد المرأة أيا كان وضعها، وذلك بتشديد العقوبة في حالة الإعاقة بما فيها الإعاقة النفسية أو ضعف القوى العقلي ومضاعفة العقوبة في حالة كون مصدر العنف أحد أفراد الأسرة، أصولا أو فروعا أو إخوة، مع العمل على تعزيز الصلح بين طرفي الأسرة في حالة النزاع مع التأكيد على ضرورة الاهتمام بمؤسسات الإيواء والرعاية الاجتماعية حتى تكون في المستوى المطلوب لاستقبال المرأة المعنفة.
كما ينص المشروع على ضرورة احترام إرادة المرأة ورغبتها في اختيار المؤسسة الاجتماعية مكانا للإيواء، علاوة على إحداث خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف بالقطاع المكلف بالعدل على مستوى التراب الوطني مع الانفتاح على كل آلية تكون في صالح النساء كالجماعات الترابية والميزانيات المخصصة للنوع الاجتماعي.
وإذا كانت مختلف التقارير تؤكد على المنحى التصاعدي لظاهرة العنف ضد النساء، فإن المؤلف أوضح أن إصدار قانون ردعي خاص بهذا الصنف من الأفعال الإجرامية، شكل أحد المطالب الأساسية للحركة النسائية والحقوقية طيلة عقود مشيرا الى أنه بمناسبة عرض هذا المشروع على المسطرة التشريعية، جرى تنظيم العديد من الندوات واللقاءات الدراسية.
190 سؤالا حول مختلف مجالات حقوق النساء
كما توقف صاحب الكتاب عند الرأي الاستشاري للمجلس الوطني لحقوق الإنسان المقدم بناء على طلب مجلس النواب في 30 ماي 2016، والذي تضمن العديد من الملاحظات والتوصيات منها تأكيده على أن صياغة المشروع لم تأخذ بعين الاعتبار ضمان النجاعة وتكامل السياسات العمومية المتعلقة بالموضوع، وكذلك ضمان عدم إفلات مرتكبي العنف من العقاب، وإعمال مقتضيات الاتفاقيات الدولية والتوصيات الصادرة عن الهيئات الأممية ذات الصلة بموضوع مكافحة العنف ضد النساء.
ولدى رصده للأسئلة البرلمانية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي بلغ عددها 190 سؤالا حول مختلف مجالات حقوق النساء، لاحظ مؤلف الكتاب، أن اهتمام البرلمان بهذه الحقوق، تحكمه عوامل متداخلة منها، تنامي الوعي بهذه الحقوق والإحساس بالغبن الذي ما يزال يطال النساء، وأيضا الحضور الوازن للنساء البرلمانيات في مختلف أعمال لجن مجلسي البرلمان، والدينامية الملحوظة لمختلف مكونات الحركة النسائية وتفاعلها مع الحياة البرلمانية وخاصة في محطات هامة للترافع عن بعض القضايا والملفات المرتبطة بالمساواة ومناهضة العنف ضد النساء والتمكين القانوني للنساء في المجالات السياسية الاقتصادية والإعلامية والثقافية. وخلص عبد الرزاق الحنوشي الى القول، أنه على الرغم من هذا العدد الأسئلة البرلمانية، فإن ذلك لا يعكس إلا جانبا واحدا من حضور قضايا حقوق النساء في مختلف أعمال البرلمان.