الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

نجيب الزيلالي: عبقرية الدبلوماسية المغربية في الحرب الروسية الأوكرانية

نجيب الزيلالي: عبقرية الدبلوماسية المغربية في الحرب الروسية الأوكرانية نجيب الزيلالي

من خلال تحليل بلاغ وزارة الخارجية المغربية لناصر بوريطة ليوم 26 فبراير 2022 والذي عبرت فيه المملكة المغربية الشريفة عن موقفها من " الوضع " بين روسيا وبين أوكرانيا وبين بلاغ عدم حضور المغرب في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على قرار " الوضع " بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا ليومه 02/03/2022 يتبين ما يلي:

أولا: من الناحية السياسية قد يبدو من الوهلة الأولى ان المغرب اصطف مع حلف الناتو وذلك من خلال تشبثه بمفهوم السيادة للدولة وبالتالي فهو يعني (سيادة أوكرانيا) وبالتالي، فإن روسيا قوة غازية وظالمة ....

ثانيا: من الناحية القانونية قد يبدوا ان المغرب مصطف مع روسيا الاتحادية من خلال المفردات المستعملة من قبيل مصطلح " الوضع " ... ولم يقل مصطلح " الغزو " الذي تسوقه أمريكا وقنواتها الهوليودية أو مصطلح " الغزاة " الذي يستعمله الاوكرانيون او مصطلح " الحرب " الذي يستعمله الموالون لأمريكا في تقسيم تام للأدوار ...

من جهة أخرى نلاحظ أن المغرب يوظف ثلاثة مفاهيم وهي ليست من قبيل التكرار ولا يجب أن تمر على مسامعنا مرور الكرام وهي ( الوحدة الترابية - السيادة - الوحدة الوطنية )..فهاته المفاهيم الثلاث لا تشبه بعضها البعض ..كيف ؟

مفهوم الوحدة الترابية:

ليس مفهوما قانونيا ولن يجد له اي باحث أي أصل في القانون الدولي ... بل هو مفهوم سياسي محض بل أكثر من ذلك هو صناعة مغربية محضة طورته الدبلوماسية المغربية من خلال قضيتنا الوطنية الأولى (الصحراء المغربية) وهو يعني أن الوحدة الترابية مرهونة بالسيادة وهنا رب قائل يقول ان هذا الموقف هو اصطفاف مع أوكرانيا ... لكن العكس هو الصحيح (لننتظر الشرح في فقرة التحليل ...

مفهوم السيادة:

هذا المبدأ معروف في القانون العام وهو مرتبط بمفهوم الدولة الحديثة عكس مفهوم الدولة في المفهوم القديم ( شعب / اقليم / سلطة ) ... ونفس الشيء قد يظن البعض ان تشبت المغرب بالسيادة للدول هو موقف صريح ومؤيد للموقف الأوكراني في حين أن العكس هو الصحيح ....

مفهوم الوحدة الوطنية:

وهو نفسه مفهوم الإقليم:

الفقرة 6 من القرار 1514 تنص: "كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية والسلامة الإقليمية لأي بلد تكون متنافية ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.

والآن لنقيم بعض الشيء من التحليل القانوني للمسألة الروسية الأوكرانية .

1- أوكرانيا صادقت على ميثاق الأمم المتحدة بتاريخ 24/10/1945 ، حينها كانت جزء من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، وهي بذلك تتوفر على حدود إدارية فقط وليس سيادية..

2- أوكرانيا لم تسجل حدودها منذ 25 دجنبر سنة 1991، وأعني أنه لم يتم تسجيل حدود أوكرانيا المعترف بها كدولة ذات سيادة في الأمم المتحدة لحدود الآن ، هاته المسألة مازالت عالقة لأنها لم ترسم حدودها السيادية لحدود اللحظة.. فترسيم الحدود هو عمل الدول ذات الحدود المشتركة وليس من اختصاص الأمم المتحدة، فالتسجيل عند الأمم المتحدة يأتي بعد الترسيم ..

3- من خلال ما سبق لا يجب الفهم أن أوكرانيا دولة غير موجودة أو غير معترف بها..بل بالعكس هي عضو في الأمم المتحدة لكن ليس لها حدود رسمية مسجلة! إذن، فالمغرب يدعم الدول ذات الوحدة الترابية الأعضاء في الأمم المتحدة أي الدول ذات الحدود المسجلة في الأمم المتحدة. وهذا لا ينطبق قطعا على أوكرانيا، في حين هو موقف سليم من وجهة نظر الدبلوماسية المغربية لأنه هو المنطق والفلسفة المستعملة في الدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى (قضية الصحراء المغربية ..)

وفلسفة المغرب الدبلوماسية هي كالتالي :

من الصعب الفصل بين مفهومي الوحدة الترابية والسيادة، على اعتبار أن السيادة هي ممارسة جميع الاختصاصات على كامل التراب الوطني أو إقليم الدولة دون منازع، بمعنى أن لا أحد يحق له المساس

بهذه الوحدة...إذ الإقليم هو أحد المكونات الثلاثة للدولة. فالوحدة الترابية هي شرط من شروط وجود كامل وسليم للدولة، وأنه ملازم لمبدأ حرمة أراضيها.

في هذه الحالة، تعني الوحدة الترابية للمغرب وحدته الجغرافية داخل حدوده في علاقته مع بلدان الجوار: الجزائر وإسبانيا وموريتانيا. وتضم بالتالي مجموع الصحراء حتى الحدود مع موريتانيا جنوبا ومع الجزائر شرقا.

 

نجيب الزيلالي، محلل استشرافي