الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

لطفي: في كل اتفاق تتملص الحكومة الجديدة من التزامات سابقة رغم مبدأ استمرارية الإدارة

لطفي: في كل اتفاق تتملص الحكومة الجديدة من التزامات سابقة رغم مبدأ استمرارية الإدارة علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل
 سؤال وجيه وفي صلب الأزمة الحالية التي تواجه حكومة الرئيس عزيز أخنوش خاصة أمام أزمة الطاقة وارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب بشكل غير مسبوق والتأثير المباشر لهذا الارتفاع على جميع المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك وبعض الخدمات الاجتماعية، خاصة أن هناك ارتفاعا في أسعار معظم المواد الغذائية تتراوح بين 20 - 35 في المائة، بما فيها تلك المستوردة. ويتعلق الأمر بالخضر والفواكه وزيوت المائدة والقطاني والدقيق والدجاج والمعلبات ...
بالفعل ماذا سيفيد الطبقة العاملة من جلسات حوار اجتماعي لا تنتج عنها قرارات ملزمة للحكومة أرباب العمل؟ هناك 5 اتفاقيات اجتماعية منذ سنة 1996 صادقت عليها الأطراف الاجتماعية، لكن لم  ينفذ منها إلا زيادات يتيمة وهزيلة في الأجور، وظلت أغلب بنودها معلقة إلى يومنا. وبالمقابل تم رفع الدعم عن عدد من المواد الأساسية ومنها المحروقات بعد القضاء على نظام المقاصة من طرف حكومة عبد الإله بنكيران، وكان أكبر المتضررين من هذا القرار الطبقة الوسطى والفقراء وضمنهم الطبقة العاملة المغربية، وفي كل اتفاق تتملص الحكومة الجديدة من التزامات سابقة رغم مبدأ استمرارية الإدارة.
حوار اجتماعي  مؤسساتي غير مؤطر بمنهجية واضحة
 
لذلك، لابد من التأكيد أن  المغرب مازال يفتقد إلى حوار اجتماعي مؤسساتي مؤطر بقانون وبمنهجية واضحة ويضم كل المكونات الاجتماعية والاقتصادية، ولا يقتصر فقط على الحكومة ونقابة أرباب المقاولات وبعض المركزيات النقابية. إنه حوار  اجتماعي إقصائي يختزل في مقاربة متقادمة متجاوزة. فلكل المكونات النقابية الفاعلة في المشهد النقابي ولجمعيات المعطلين ونقابة الفلاحين وصغار الصيد البحري الساحلي  والمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة وممثلي ذوي الإعاقة، الحق في حضور جولات الحوار الاجتماعي المنظم بمنهجية حداثية ديمقراطية ناجعة، كما أوصى بذلك جلالة الملك في  الرسالة الملكية الموجهة إلى المنتدى البرلماني للعادلة الاجتماعية المتعلقة بمأسسة الحوار الاجتماعي الهادف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتجاوز مختلف المشاكل القائمة لمختلف الفئات المتضررة في القطاعين الخاص والعام ولتحقيق السلم الاجتماعي المنشود.
حيث أكد جلالته على “أن مأسسة الحوار الاجتماعي تعتبر مدخل أساسي للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وأن نجاعة آليات الحوار الاجتماعي لا تقاس بوجودها ومدى انتظام عملها، وإنما بما تنتجه من آثار ملموسة على مستوى الممارسة اللائقة، وتحقيق السلم الاجتماعي، والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والدامجة لمختلف فئات المجتمع. وقد أوصى جلالته بضرورة توسيع موضوعات الحوار الاجتماعي لتشمل قضايا جديدة، تعتبر من صميم انشغالاتنا، ومن صلب الالتزامات الدستورية والاتفاقية لبلادنا، وهي قضايا المساواة الفعلية ومكافحة التمييز بين الجنسين في مجال العمل، والقضاء بالفعل على تشغيل الأطفال، ومع ضمان شروط العمل اللائق للأشخاص ذوي الإعاقة، وتأهيل القطاع غير الهيكل لتوسيع مجالات وفرص العمل اللائق”.  أي ضمان مقاربةٍ أكثر تشاركيه في بلورة وإعداد وتنفيذ وتقيم السياسات العمومية (إشراك الفاعلين الاجتماعين/ الفصل 13 من الدستور).
وعلى الحكومة الجديدة أن تعمل على تجاوز المقاربة الأمنية وحوار المسكنات وجلسات حوار غالبا ما تأتي إلا تحت ضغط الشارع والإضرابات والاحتجاجات العمالية النقابية أو التنسيقيات أو الحراك الاجتماعي..
 
سياسة اجتماعية لأخنوش متواضعة دون الرهانات
 
صحيح أن حكومة عزيز أخنوش وجدت أمامها ملفات صعبة وثقيلة خلفتها السياسات العمومية للحكومتين السابقتين، ووجدت أمامها حصيلة مؤلمة وثقيلة اقتصادية واجتماعية وثقافية مطبوعة بمجموعة من الاختلالات البنيوية والهيكلية، ومديونية مفرطة تجاوزت الخطوط الحمراء تسبّبت في استنزاف مقدّرات الوطن  وتراكم المؤشرات السلبية للفقر والبطالة، وتفاقم وضعية الأسر المغربية، وانهيار القدرة الشرائية للطبقة العاملة وتراجع مستواها المعيشي إضافة إلى ما خلفته جائحة كوفيد-19.
لكن الحكومة الحالية رغم الإرادة السياسية المعبر عنها، تظل سياساتها الاجتماعية متواضعة جدا وبعض مكوناتها دون مستوى التحديات والرهانات تجتهد فقط في الشعارات والخطابات السياسية البعيدة كل البعد عن العدالة والعدل والإنصاف وحقوق الإنسان المغربي، تسعى لاستنزاف جيوب المواطنين  والطبقة العاملة عبر رسوم وضرائب جديدة لتقليص عجز ميزانيتها.
 
حوار اجتماعي إقصائي وسط انتظارات
 
لذلك نعتبر أن الجلسة الأولى للحوار الاجتماعي والتي ضمت ثلاث مركزيات نقابية فقط واستثنت أخريات لم تخرج بنتيجة تذكر لمواجهة الحالة الإستثنائية غير المسبوقة التي تعاني منها الطبقة العاملة المغربية بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وأسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك. وبالتالي فالمنظمة الديمقراطية للشغل تطالب الحكومة بإجراء عملية سريعة للحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وإعادة دعم أسعار المحروقات عبر صندوق خاص، والمنظمة مستمرة في طلباتها العادلة الرامية إلى رفع الأجور وإلغاء الرسوم الجمركية وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة على كل السلع الغذائية الأساسية والضرورية أو تخفيضها على مراحل حتى الوصول إلى نسبة الصفر، وكذا تخفيض رسوم الجمارك والضرائب على المحروقات والأدوية والمواد الغذائية كالحبوب وأي إجراءات تسهيلية تصب في النهاية في مصلحة المستهلك المغربي ومراجعة قانون تحرير الأسعار والمنافسة من أجل تحديد نسبة الأرباح، والحد من فوضى الأسعار وتنفيذ التوجيهات الملكية المتعلقة بضمان مخزون استراتيجي من المنتجات الغذائية والأدوية من شأنه التخفيف من حدة ارتفاع الأسعار على المواطنين، خاصة ذوي الدخل المتوسط والمحدود.
 
تجاوز مخلفات الماضي والقطع مع الأساليب التقليدية
 
أما بخصوص الحوار  الاجتماعي، فالمنظمة الديمقراطية للشغل تطالب الحكومة بتجاوز مخلفات الماضي والقطع مع الأساليب التقليدية من أجل تحديث التشريع الاجتماعي بمراجعة مدونة الشغل وإصدار قانون للحوار الاجتماعي وخلق مجلس أعلى للحوار الاجتماعي، منفتح على جميع المكونات الاجتماعية والإقتصادية والمعطلين ووفق المقاربة الحداثية والديمقراطية التي نادى بها الملك، وتنزيل الفصل الثامن من الدستور المتعلق بقانون النقابات على غرار قانون الأحزاب والذي بموجبه ستحدد وبشكل ديمقراطي شفاف وموضوعي، معايير التمثيلية التي ظلت مصطنعة ومفبركة وهو ما جعل المنظمة الديمقراطية للشغل تقدم طعنا لدى المحكمة الدستورية حول نتائج المأجورين بمجلس المستشارين، وضبط مسألة تمويل النقابات ومراقبتها من طرف المجلس الأعلى للحسابات وتمويل التكوين النقابي والعدالة المساواة بين المركزيات النقابية وتجاوز مخلفات المرحوم إدريس البصري في دعم نقابة على حساب نقابات أخرى.