الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

أيهما أفظع: محرقة اليهود أم طرد المغاربة من الجزائر؟!

أيهما أفظع: محرقة اليهود أم طرد المغاربة من الجزائر؟! عبد الرحيم أريري

"أنا طلبت من زوجتي أن تطلق الزغاريد في مناسبتين: المناسبة الأولى كانت عام 1962 لما حصلت الجزائر على الاستقلال، والمناسبة الثانية كانت هي مناسبة حصولي على الاستقلال من الجزائر، وعودتي إلى بلدي معززا مكرما".

 

هذا ما واجه به المغربي أمعيسي، رجال الأمن الجزائري لما حلوا بمنزله يوم 18 دجنبر 1975 قصد طرده نحو المغرب في عيد الأضحى صحبة 45 ألف أسرة مغربية كانت تقيم بالجزائر منذ عقود، بل هناك آلاف الأسر المغربية كانت تعيش بالجزائر منذ أجيال عدة. ( انظر تصريح ابنه مصطفى أمعيسي لقناة العيون الجهوية يوم 24 دجنبر 2020).

 

للأسف فضيحة طرد المغاربة من الجزائر، التي تعد أفظع جريمة ضد الإنسانية في العالم، تتعامل معها السلطات المغربية والأحزاب والبرلمان المغربي ببرودة، ولا يتم تبني الملف كقضية دولية، لفضح جرائم عسكر الجزائر في كل المحافل والمنتديات بالنظر إلى أن هذه الجريمة ترتب عنها تمزيق عائلات (مغاربة متزوجين من جزائريات أو جزائريين متزوجين من مغربيات)، فضلا عن نهب ممتلكات المغاربة بالجزائر ومصادرة أملاكهم وعقاراتهم. على اعتبار أن الطاغية بومدين أغاضه نجاح المغرب في تنظيم المسيرة الخضراء لاسترجاع صحرائه من المحتل الإسباني، فرد بأحقر قرار بإعلانه عن تنظيم "مسيرة كحلة" أفرزت ذاك القرار المشؤوم: ترحيل 45 ألف عائلة مغربية (أي تقريبا نفس عدد المشاركين بالمسيرة الخضراء).

 

نعم، هناك الضحايا المغاربة الذين انتظموا في جمعيات للترافع من أجل إنصافهم ورد الاعتبار لهم وجمع شمل أسرهم وتعويضهم عن نهب أملاكهم، لكن الضحايا ليست لهم الموارد الدستورية والقانونية والمادية واللوجيستية لتدويل هذا الملف أمام المحافل الأممية ولدى المنظمات الحقوقية والتعريف به في صالات التحرير بالصحف والقنوات التلفزية العالمية، حتى يكتشف العالم ما اقترفه نظام العصابة بالجزائر في حق مغاربة لم يرتكبوا أي ذنب سوى أنهم آمنوا بأنهم والشعب الجزائري يعتبرون "خاوة خاوة".

 

إن مسؤولية الدولة المغربية ثابتة في هذا الملف وعليها أن تضعه كأولوية في الأجندة العمومية، حتى يكتشف العالم أن محرقة اليهود التي قادها النازي هتلر لا تقل فظاعة عن نازية بومدين وعسكر الجزائر، إن لم تكن أبشع وأخطر. لأن المغاربة هم الذين ساهموا في دعم الثورة الجزائرية بالعدة والعتاد وبالفدائيين، وشكل المغاربة الدرع الواقي للثوار الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي، وبدل أن يكرموا تم طردهم بشكل مذل ومقزز ومناف لكل الشرائع السماوية والدنيوية، بل تم طرد رضع ومرضى كانوا في صالات العمليات الجراحية، وتم اقتلاع تلاميذ من مدارسهم ورميهم قرب حدود الجزائر مع مدينة أحفير.

 

الحكومة المغربية والبرلمان المغربي والأحزاب المغربية، إن عجزوا عن ابتكار أساليب لتدويل ملف طرد المغاربة من الجزائر، ندعو وزراء حكومة أخنوش ونخبتنا البرلمانية والحزبية لاستلهام الآليات التي ابتكرها اليهود لمطاردة النازيين بالعالم ومحاكمتهم، كما ندعوهم لتقليد اليهود في الخطوات التي اتبعوها لتدويل ملف محرقة هتلر وكيفية استرجعوا ممتلكات اليهود المصادرة في العديد من الأبناك والإدارات.

 

وحين سيتحقق ذاك (ومثلما فعل أمعيسي مع بوليس الجزائر)، سنطلب من أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وزميلاتنا في الجوار والعمل، أن يزغردن احتفاء بمناسبة نجاح المغرب في فضح نازية عصابة المجرمين بقصر المرادية أمام المنتظم الدولي.